ناهـض زقـوت " حمير أبو مالك "

 ناهـض زقـوت " حمير أبو مالك "
حجم الخط

وقف أبو مالك في وسط السوق وجال ببصره شمالا ويمينا، ويتلفت حواليه بحثا عن الحمير، فالسوق مليء بالرجال والحمير، يقترب ويضغط على الحمار ليختبر قوته .. ويقترب من آخر وينظر إلى قامته، هل قادر على العمل .. وينتقل إلى ثالث ويتفحص قدميه، هل أنت قادر على الركض .. وهكذا كان يفعل مع بقية الحمير.
يقترب منه أحد الرجال الواقفين في السوق بعد أن أثاره واستغرب مما يفعله أبو مالك.
وسأله: ما بك يا رجل تفحص الحمير هكذا، أنت من مدة وأنت تدور حول الحمير ولم تشتر أحدهم، ألم يعجبك أي حمار منهم؟.
قال أبو مالك: لا ، لا جميع الحمير رائعة، ولكن أريد اختيار الحمير القادرة على العمل، أنا لدي مزرعة كبيرة، وتحتاج إلى عمل كثير وكبير، لذلك أبحث عن أكبر عدد من الحمير، فأنت ترى الحمير كثيرة، ولكنها مختلفة في قوتها وجهدها، لذلك علي الاختيار والتدقيق في حميري القادمة.
ويسأله الرجل: ولكن هل ستأخذ الحمير والرجال معا، لكي يشتغل الرجال مع الحمير في المزرعة.
قال أبو مالك: لا أريد الرجال .. الحمير فقط.
تركه أبو مالك، وواصل عمله في البحث عن الحمير، وفي آخر النهار استطاع أن يشتري عددا كبيرا من الحمير، بعد أن دفع ثمنها، واستأجر شاحنة كبيرة، نقلت الحمير إلى المزرعة.
في المزرعة، قسم الحمير إلى صنفين، الحمار الذكر في قسم مخصص له، والحمارة الأنثى في قسم آخر لها، مبتعدين عن بعضهم البعض مسافات، حتى لا يحدث تزاوج، فأبو مالك يريد عمالا يحرثون الأرض من أجل مجده ورفعة شأنه، وجعل مزرعته من أفضل المزارع في المنطقة.
مرت سنوات، والحمير من الفئتين يعملوا في المزرعة بشكل منظم، دون الخروج عن القواعد المرسومة لهم، وأثبتوا قدرتهم على العمل بكل جد واجتهاد ما دام الطعام والشراب متوفران.
أصبحت مزرعة أبو مالك وحميرها نموذجا بين المزارع في المنطقة، ومحل حسد من المزارعين الآخرين، والكل يتساءل عن السبب، فالكل لديه حمير، ولكن حمير أبو مالك متميزة.
في يوم، جاء كبير الأثرياء في المنطقة، وعرض على أبو مالك شراء حميره، بثمن أعلى من الثمن الذي اشتراه مرتين، فوافق أبو مالك فورا.
وفي الصباح، انطلق أبو مالك إلى السوق لكي يشتري حميرا غيرها. وهنا لقيه الرجل الذي التقاه في المرة السابقة.
وسأله مرحبا: يا رجل من سنوات لم نراك في السوق، هل ماتت الحمير واتيت لتشتري غيرها.
قال أبو مالك: لا، لقد بعت الحمير لمن يدفع أكثر.. فالحمير تباع وتشترى.