كشف باراك رابيد في "هآرتس" عن انعقاد قمة دبلوماسية سرية في العقبة، بمشاركة وزير الخارجية الاميركي في حينه جون كيري وثلاثة زعماء من الشرق الاوسط: رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي والملك الاردني عبدالله الثاني. وفي القمة عرض كيري صيغة لمبادرة سلام اقليمية تستهدف تحقيق تسوية اسرائيلية فلسطينية بدعم الدول العربية السنية. وأدرج كيري في مبادرته الطلب المركزي من نتنياهو بأن يعترف الفلسطينيون باسرائيل كدولة يهودية – ولكن حتى بهذه الشروط رفض نتنياهو الفكرة رفضا باتا بتعليلات "المصاعب في الائتلاف" و "صياغات مفصلة أكثر مما ينبغي".
وكشف الخبر المنشور خلفية الاتصالات التي أجراها نتنياهو بعد القمة مع رئيس المعسكر الصهيوني اسحق هيرتسوغ لتغيير تشكيلة الائتلاف. وكانت هذه الاتصالات فشلت، وضم نتنياهو "اسرائيل بيتنا" الى حكومته فدفن احتمالات الخطوة السياسية نهائيا. وادت خيبة الامل بادارة براك اوباما الى تأييد قرار مجلس الامن 2334، الذي حدد المبادىء للتسوية المستقبلية، وشجب سياسة الاستيطان وتسبب بحرج كبير لحكومة نتنياهو.
والان يتبين أن قمة العقبة، التي انعقدت بعد نحو سنتين من فشل المهمة السابقة لكيري، منحت نتنياهو فرصة نادرة لانقاذ دولة اسرائيل من الجمود السياسي، لاحياء المسيرة السلمية ولبلورة جبهة حلفاء ملتزمين باستراتيجية مشتركة. ولكن نتنياهو فشل في اختبار الزعامة الذي وضع أمامه. ففي لحظة الحقيقة فضل الراحة السياسية للانطواء في "القاعدة" اليمينية بقيادة خصمه نفتالي بينيت على أخذ مخاطرة سياسية في صالح مستقبل اسرائيل.
لقد أبقى نتنياهو الخطوة في السر، في ظل نثر تلميحات مبطنة عن العلاقات الوثيقة التي طورها مع الدول السنية في المنطقة. ومن خلال مقربيه نتان ايشل القى نتنياهو على هيرتسوغ بالذنب في تفويت الفرصة بسبب المصاعب التي زعم انه وضعها في وجه المفاوضات الائتلافية. ولكن المسؤولية ملقاة على رئيس الوزراء وليس على رئيس المعارضة، الذي شكك عن حق بجدية والتزام محاوره. لو كان نتنياهو هو الذي بادر الى لقاء القمة، مثلما قال أمس لوزراء الليكود، فقد كان عليه أن يخلق الظروف السياسية التي تسمح للمبادرة السياسية بالتحقق.
ولكن نتنياهو القى بمبادرة كيري الى سلة المهملات، وتملص ايضا من تنفيذ الوعود التي قدمها لكيري، عبدالله والسيسي بالبادرات الطيبة تجاه الفلسطينيين في المناطق. في لحظة الحقيقة فضل رئيس الوزراء الشراكة مع بينيت، التي تجذب اسرائيل الى هوات الضم والابرتهايد، على الفرصة للتقدم بحل الدولتين، باسناد اقليمي.
خيارات نتنياهو لمواصلة الحروب العدوانية
23 ديسمبر 2024