اثر عودته من البيت الأبيض، واختتام جولات من المباحثات، الأميركية - الإسرائيلية صرح رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بأن ثمة تفاهمات هامة، قد تمت ما بينه وبين الرئيس الأميركي دونالد ترامب. وعملياً شهدت الضفة الغربية حملة مشاريع استيطانية، ما يؤكد، بأن ادارة ترامب، لا تشجع الاستيطان وتقره فقط، بل تقوم بدعمه، سياسياً واقتصاديا، إن لم نقل انها تتبناه.
الجديد في الأمر، هو ما صرح به نتنياهو، مؤخراً، بأنه يرفض قيام دولة فلسطينية، بل يرى بأن الحل النهائي يكمن في إقامة حكم ذاتي فلسطيني، محدود الصلاحيات، وبأن إسرائيل لن تقوم بضم زهاء مليوني فلسطيني .. كلام نتنياهو، هذه المرة، كان واضحاً، بل شديد الوضوح، جاء دون مواربة، او تهرب من الإجابة الصريحة، وهذا في حقيقة الأمر، موقف حكومة نتنياهو، خلال عهد أوباما، لكنه كان يناور، ويحاول التهرب من تحديد الإجابة، حول مستقبل الفلسطينيين، كما يراه ويهواه.
الأمور تزداد وضوحاً، على وضوح، ولعله من نافلة القول، بأن هذه المواقف، وفي ظل الظروف الإقليمية والدولية الراهنة، ستحاول حكومة نتنياهو، تجسيدها وترسيمها، على أرض الواقع.
الاستيطان تتزايد حدته، وإجراءات فرض الحكم الذاتي - الإداري، المحدود، ستتزايد، وصولا الى فرض صيغة ادارية وإجرائية، لإسقاط فكرة الدولة الفلسطينية المستقلة من جهة، والوقوف في وجه اي إجراء عملي، لإنهاء الاحتلال، وتحقيق الاستقلال، وبناء الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة.
علينا ان ننظر للمستقبل، حتى المستقبل القريب، على ان ما ستقوم به حكومة نتنياهو، ميدانيا وعلى الأرض، هو إجراءات خطر، بل شديدة الخطورة، وبأن تلك الخطى، باتت مغطاة من الإدارة الأميركية، التي تدعم الاستيطان علانية، ولا تقف الى جانب رؤية حل الدولتين، على أية حال.
إزاء ذلك، وعلى ضوء الشعار الذي نعمل في ظله، وهو الاستقلال وإنهاء الاحتلال وبناء الدولة، باتت المقاومة المدنية، ووضع الخطط اللازمة لرسم استراتيجية وطنية لها، وبمشاركة فئات الشعب كافة، وعلى مختلف تلاوينهم السياسية، امراً ضروريا، للحفاظ على ما تبقى من الارض، وما هو متاح من الوطن.
المقاومة المدنية، القادرة على الوقوف في وجه المخططات الاستيطانية، التي تتبناها حكومة نتنياهو، وستعمل على تنفيذها، وهذا يشمل نقاطا كثيرة، في محافظات الضفة الغربية كافة، ما يستدعي توسيع المقاومة المدنية لتشمل النقاط التشابكية كافة، ووفق برنامج محدد وواضح ومعلن، وان تشارك في المقاومة المدنية، فئات الشعب كافة، على ان تكون مشاركة القيادات السياسية، مشاركة واضحة، ومشجعة لفئات الشعب، على مختلف ألوانه .. إضافة الى ذلك، لا تعني المقاومة المدنية، الاحتجاج الشعبي ورفع اللافتات وغيرها مما هو متداول فقط، بل تشمل مختلف نشاطات المقاومة، ولعل ابرزها ما هو قانوني، وهذا ما يحتاج لانخراط فئة المحامين والقانونيين، ومتابعة قضايا المصادرة والاعتقال الاداري، وهدم البيوت، حتى في المحاكم الاسرائيلية، وبث الوعي القانوني، في القرى والبلدات والمدن على نحو واسع وواضح، لتعريف المواطن بحقوقه المشروعة.
كما تشمل المقاومة المدنية، بث الوعي، وتنشيط المراكز الثقافية في القرى والبلدات، المهددة أراضيها بالمصادرة .. وهنا توجد ثغرة، لا بد من الإشارة اليها، هنالك غياب للبعد الثقافي، في وقت تبرز فيه أهمية ذلك، وتبني ذلك، وعقد المزيد من الندوات والمحاضرات وورشات العمل، في القرى، بحيث تتناول الواقع القائم في تلك القرى، والوقوف على النشاط الاستيطاني الإسرائيلي فيها، ومخاطر ما سيترتب على ذلك، والتوعية القانونية المحيطة بذلك.
ما هو قادم خطير، ان لم نقل خطير للغاية، ولا بد من مواجهته. هنالك إجماع شعبي، حول المقاومة المدنية، ولكن أي مقاومة نريد!!.