أبا إياد أكتب إليك الآن وترنّ في وجداني هذه المقولة الخالدة: "إن لم تستطع قول الحق.. فلا تصفق للباطل".
سلام يناجي روحك أبا إياد، سلام مثقل بدمعة طفل بلا رغيف، سلام خجل محياه من لهفة زوجة شهيد، سلام احمرت وجنتاه بلون دم شهيد آثر أن يبني بدمه لنا سياج وطن وكرامة، سلام اخترق قضبان سجون العدو ليعانق أسرانا، ويشجيهم بعبق أطفالهم وأحبائهم، سلام على شهداء الحجاره التي تواجه دباباتهم، وسلام إلى أهاليهم الذين لم يجرؤ إلا قلة منا أن يعزيهم بأبنائهم أو يهنئهم بمجد سطروه... سلام يضيء ليلنا في زمن تاهت فيه بوصلة القدس، وغابت معالم الدرب الذي أضأتموه لنا بدمكم...
هل كنت تتنبأ؟ أم كنت تستقرئ حالنا بعد سنوات عجاف؟ تكالب فيها علينا القريب والبعيد، وجندوا أنفسهم طواعية لترويض شعبنا، ليرضى بالمهانة والذلة، بعد أن سلكوا دروب تسوية الضعفاء.
أبا إياد،
أغثنا ممن نذروا أنفسهم وباعوها بثمن بخس لقتل أحلامنا والسطو عليها، أغث أحلامنا بالدولة وعاصمتها القدس الشريف أغث لاجئينا، وقد ضاقت بهم أصقاع الارض وأكلتهم أسماك البحار، وأغث هِممنا التي تقزّمت، وبات حلمنا بقدرها، ورضينا بالفتات وواسينا أنفسنا كذبا، بإنجاز مسخ أطلقنا عليه دولة.. وأي دولة؟، تغولت المستعمرات فيها طولا وعرضا، تاهت أحلامنا وثوابتنا في الدولة التي قضيتم لأجلها، حلم يومنا لا يشبه أمسنا، نحلم بدولة واحدة نشارك بها قطعان المستوطنين، ولكنها ليست أحلامنا، هي أحلام الضعفاء... أيعقل أن يتحقق قولك فينا.. حقيقة وواقعا.
أغثنا يا أبا إياد ...
أخجل من إخباركم بحقيقة يندى لها جبيني وأنا أستجمع قواي لأقولها، فمواقفكم وشجاعتكم القديمة بكل أشكالها، باتت اليوم تهمة أخاف أن يعاقب عليها القانون غداً.
أغثنا.. فربيعنا الآتي أشبه بخريف يُعرينا، ويعري تخاذلنا، فهذا الزمن لا يتسع لحمل أمانتكم، وبات فضاؤه رحبا لمن ينادي بالدولة الواحدة جهاراً نهاراً ويدعوننا للقبول طوعاً لا كرهاً بشركائنا المستعمرين، وغداً سنصوت وإياهم في صناديق اقتراع واحدة.
أغثنا.. ونحن نرى بأم أعيننا أن هؤلاء يستثمرون أرضنا، وفلذات أكبادنا يطورون زرعهم وحصادهم في أرضنا ونحن نبتسم بحثا عن رغيف يابس.
أغثنا منا يا أبا إياد ..
وخذنا إليك كراماً كي لا نشهد الفصل الأخير،
صدقت كذلك يا سيد الشعر....
ما اكبر الفكرة... ما اصغر الدولة......ااااااه
عام يذهب وعام يأتي وكل شي فيك يزداد سوءا يا وطني.......