نشر مراقب الدولة الإسرائيلي، مساء أمس الثلاثاء، تقريره حول "إخفاقات" الحرب الأخيرة على قطاع غزة صيف عام 2014م، حيث تضمن انتقادات شديدة لأداء المستويين السياسي والعسكري.
وبيّن التقرير الذي نُشر بعد أشهر من الانتظار، أنه كان بالإمكان منع الحرب قبل وقوعها عبر قيام "إسرائيل" بخطوات سياسية وإنسانية تجاه قطاع غزة، وذلك وفقاً لما نقله وزير الجيش السابق موشي يعلون.
الفصائل الفلسطينية أكدت على أن نتائج التقرير تشير إلى مدى تخبط الاحتلال الإسرائيلي، خلال فترة الحرب على غزة، الأمر الذي يؤكد انتصار المقاومة على جيش الاحتلال وأركانه، بما لا يدع مجالاً للشك أن الجيش الذي لا يُقهر تجرع مرارة الهزيمة على أعتاب غزة.
بدوره، قال الناطق باسم حركة حماس حازم قاسم، إن المقاومة الفلسطينية أثبتت للقاصي والداني، أنها وجهت ضربة مؤلمة للاحتلال خلال فترة الحرب، ما يدل على أن جيش الاحتلال تجرع كأس الهزيمة، على الرغم من حملات الترويج خلال أعوام سابقة بأنه الجيش الذي لا يقهر.
من جانبه، قال القيادي في حركة الجهاد الإسلامي أحمد المدلل، إن تقرير مراقب الدولة الإسرائيلي يؤكد صدق المقاومة، ويثبت أنها أفشلت أهداف "نتنياهو" ومخططات حربه التي استمرت لمدة 51 يوماً، وجرى خلالها تدمير الأبراح فوق رؤوس ساكنيها، وأيضاً خلفت أكثر من ألفين ومئتين شهيد، عدا عن إصابة الآلاف.
كما أكد الناطق باسم كتائب الأقصى – لواء العامودي الجناح العسكري لحركة "فتح" أبو محمد، على أن المقاومة الفلسطينية استطاعت خلال معركة العام 2014م، أن تسجل انتصاراً متكامل الأركان، لافتاً إلى أن تقرير مراقب الدولة يؤكد صدق ما تحدثت به المقاومة خلال المعركة وبعدها.
وأضاف قاسم خلال حديثه لوكالة "خبر"، أن المقاومة بغزة، والشعب الفلسطيني خاضوا ملحمة حقيقية في التصدي للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة عام 2014.
وأوضح المدلل، أن نتنياهو لم يستطيع بكل ما أوتي من ترسانة عسكرية أن يحقق أهدافه في قطاع غزة وذلك بفعل ثبات وتماسك المقاومة، التي سطرت أروع الملاحم البطولية خلال معركة عام 2014م.
ونوه أبو محمد، إلى أن نشر التقرير بهذه الصورة يشير إلى سقوط أركان الاحتلال الإسرائيلي سقوطاً مدوياً، مشدداً على أنه لا خيار لمواجهة الاحتلال سوى الكفاح المسلح.
وبيّن الناطق باسم حماس، أن القسام ومعها قوى المقاومة، كانوا قادرين وما زالوا على تحقيق الانجازات، وصولاً للانتصار الكامل على الاحتلال الإسرائيلي، مؤكداً على أن المقاومة وفي مقدمتها المقاومة المسلحة هي الخيار الأقوى لاستعادة الحقوق من الاحتلال الإسرائيلي.
وأشار المدلل، إلى أن نشر التقرير في هذا الوقت تحديداً يعكس حالة الإرباك بين المستويات الأمنية والعسكرية والسياسية في دولة الاحتلال، وهذا الأمر ترجمه تقرير مراقب الدولة الإسرائيلي، الذي أعلن فشل الحرب وعدم تحقيق أهدافها، مؤكداً على أن المقاومة استطاعت توجيه الضربات للعدو في عمقه الاستراتيجي، وصولاً إلى خلق حالة من التوازن في القوى.
وتابع الناطق باسم كتائب الأقصى: "واجهنا العدو في معركة طريق العاصفة، جنباً إلى جنب مع كافة فصائل المقاومة، واستطعنا أن نقهر جيش الاحتلال من خلال توجيه الضربات المؤلمة له في عمق دياره".
وشدد المدلل على أن هذا التقرير يعطي دافعية لحركات المقاومة بأن تستمر في تطور إمكانياتها وأن تبقى دائماً على أتم الجهوزية، للرد على أي عدوان محتمل في ظل ما يعيشه القطاع من حصار عالمي، خاصة بعدما أعلن الاحتلال أمام الرأي العالمي والدولي استخدامه آلة القتل بحق أطفال القطاع خلال حرب 2014م.
وقال أبو محمد، إن نشر هذا التقرير في الفترة الحالية، يعكس مدى التخبط الذي يعيشه أركان الاحتلال، ويدفع بالمستويات السياسية إلى التفكر في أي مواجهة قادمة، وذلك بعدما استطاعت المقاومة أن تُغير موازيين القوى.
ولفت المدلل، إلى أن نشر التقرير في هذا التوقيت، بمثابة إعلان لسقوط نتنياهو السياسي، والذي جرى بصناعة من المقاومة الفلسطينية، وذلك بعدما فشل الاحتلال وعلى رأسه رئيس وزرائه في تدمير المقاومة أو الفصل بين الشعب ومقاومته.
محللون: محتوى تقرير المراقب يبرهن انتصار المقاومة خلال المعركة
وقال المحلل السياسي د. حسام الدجني، إن نشر تقرير مراقب الدولة الإسرائيلي، يأتي في الوقت الاعتيادي ضمن إعادة عملية تقيم كافة المستويات السياسية والعسكرية.
بدوره، أوضح المحلل السياسي د. عليان الهندي، أن الناحية العسكرية التي تناولها التقرير تحديداً بند "الأنفاق"، والتي كانت أسلوب مقاومة جيد، على الرغم من أنها لم توقع خسائر في صفوف الإسرائيليين، إلا أنها شكلت عنصر مفاجأة.
وبيّن الدجني أن محتوى هذا التقرير يؤكد صحة ما أعلنت عنه المقاومة، ويشير كذلك إلى أن القيادة الإسرائيلية مارست التضليل على جمهورها، خدمةً لمصالح حزبية وشخصية بدلاَ من استخدامها لمصالح الدولة، الأمر الذي كبد دولة الاحتلال خسائر بشرية ومادية.
ونوه الهندي إلى أن الهدف الحقيقي للحرب لم يكن إسقاط حركة حماس، بل تعميق تدخل مصر في شؤون قطاع غزة، مبيّناً أن تقرير المراقب انتقد بشدة عدم وجود أهداف سياسية، ولكن هذا الأمر غير معلن في وسائل الإعلام.
وأشار الدجني إلى أن تقرير المراقب أدى إلى زلزال كبير في إسرائيل، وهدد مستقبل نتنياهو وائتلافه الحاكم، مشيراً إلى أنه سينعكس بآثار سلبية على نتنياهو، خاصة في ظل المطالبات التي طالبت عقب نشر التقرير بمحاسبته أمام الكنيست على إخفاقاته في حرب 2014م.
وأضاف الهندي، أن مشكلة الأنفاق لم يتم استخلاص العبر منها، حيث أن إسرائيل دفعت بملايين الدولارات من أجل إيجاد حل لها، دون جدوى.
وتابع الدجني، أن استخدام نتنياهو المؤسسات الإسرائيلية لخدمة مصالحه الشخصية، سيؤدي إلى نسف مستقبله السياسي، لافتاً إلى أن هذا الأمر تسعى المعارضة إلى توضحيه، حيث أنه من الممكن أن يتبع هذا التقرير زلزال سياسي يطيح بمستقبل حكومة "نتنياهو"، وصولاً إلى إجراء انتخابات بعد جلسة "الكنيست".
ولفت الهندي إلى أن الحروب السابقة التي شُنت على قطاع غزة، حاولت أن تضع قطاع غزة في حضن مصر، وفي حال فشلت بذلك فإنها ستلجأ للبحث عن وسائل وطرق في تخفيف الضغط عن القطاع، من خلال إعطائه مؤشرات السيادة على أرضه، وصولاً إلى إخراج القطاع خارج دائرة الصراع العربي الإسرائيلي.
كما قال الدجني، إن التقرير أشار إلى غياب المعلومات الأمنية عنى أركان إسرائيل الامنية، ما ساعد المقاومة في تطوير قدراتها الأمنية، وتضليل إسرائيل وإخفاء أسرار كبيرة عنها، رغم حالة الحصار ومراقبة الجيش الإسرائيلي لقطاع غزة بكافة تفاصيله.
وأوضح الهندي، أن التقرير يوجه رسالة للفلسطينيين بعدم المبالغة في الانتقادات التي نشرها تقرير مراقب الدولة الإسرائيلي، باعتباره نصراً، أو ضربة موجعة للاحتلال، وذلك لعدم وجود أداة لتقييم نفس الخطأ.
وأكد الدجني، على أن تقرير مراقب الدولة الإسرائيلي، يؤكد على أن المقاومة انتصرت في حرب 2014 كما يدل على وجود صندوق أسود بجعبة المقاومة، الأمر الذي يصب في مصلحة الشعب الفلسطيني.
تقرير مراقب الدولة والمواجهة القادمة
قال الدجني، إن إسرائيل بدأت بمراجعة نفسها، بمعنى أنها باتت تميل إلى الحلول السياسية مع غزة بدلاً من المواجهة العسكرية، خاصة بعد تصريحات أبو عبيدة التي جاءت في إطار التعاطي مع الصاروخ، وما عكس أن إسرائيل باتت تميل إلى حل سلمي غير مستخدمة طائراتها وآلياتها.
وأوضح الهندي، أنه لا يوجد رغبة لدى حماس أو إسرائيل رغبة في خوض مواجهة جديدة، منوهاً إلى أن الحرب القادمة ستكون آخر الحروب بالنسبة لإسرائيل، حيث ستشهد أي مواجهة قادمة تدمير شامل للقوى السياسية والبنية التحتية لقطاع غزة.
ونوه الدجني إلى عدم ضمان نتائج أي مواجهة قادمة، كما أن إسرائيل ليس بمقدورها ضبط المراج الإقليمي والدولي، لذلك فإنها ستميل للهدن والتفاهمات السياسية، إلا في حال اطلاق الصواريخ من غزة فإنها ستقوم بالرد عليه فقط.
وبيّن الهندي أن الاتجاه العام ينصب نحو الحل السلمي مع قطاع غزة، والعمل على فصله بشكل كلي عن القضية الفلسطينية، وأيضاً إخراجه من الصراع العربي، موضحاً أن تطبيق ذلك سيؤدي إلى نتائج سلبية كارثية، وانعكاسات بعيدة المدى تطمئن إسرائيل نحو عشرين عاماً قادمة.