هل ينجح نتنياهو بتشكيل حكومة من 61 رئيس وزراء ؟!

هاني حبيب
حجم الخط
انقلب السحر على الساحر، هذا هو عنوان اليوم بالنسبة لرئيس الحكومة الإسرائيلية المكلف نتنياهو، اليوم، هو يوم الانتقام منه، ليس من الخصوم والأعداء، بل من الأصدقاء والحلفاء بعد ما أظهر قدرة هائلة على التلاعب بهم، إذ ان نجاح حزب الليكود غير المتوقع بهذه النسبة من الأصوات في الانتخابات الأخيرة للكنيست، جاء على حساب هذه الأحزاب اليمينية الصغيرة، كلها دفعت من حسابها لصالح حزب الليكود، مستخدماً قدراته التكتيكية لدفع الناخب اليميني الإسرائيلي، للتصويت لصالح «مركز اليمين» حزب الليكود، هذا الحزب لم يأخذ من أصوات الخصوم من الوسط أو اليسار، بل من أصوات الحلفاء من أحزاب اليمين، وبعدما ظهرت نتائج الانتخابات، تبين لهذه الأحزاب، الفخ الذي نصبه بنجاح لهم نتنياهو، وظهر في البداية، أن تربع الليكود على عرش أحزاب اليمين بأصوات أكثر مما كان متوقعاً، ستسهل عليه تشكيل الحكومة، ووفقاً لبرنامجه وخطته.
مع مضي الوقت، تلكأت الأحزاب اليمينية الصغيرة في المفاوضات حول حصصها، فرضت على نتنياهو مطالب عسيرة سواء بالحصص الوزارية أو بالتراجع عن قرارات اتخذتها حكومته السابقة، الوقت يمضي من دون أن ينجح نتنياهو بالتوقيع مع أي حزب من هذه الأحزاب على اتفاق مشاركة في حكومته، خلال المدة الزمنية القانونية الأولى، وعكس كل التوقعات الأولية، فقد طلب تمديدا أخيرا لمساعيه لتشكيل الحكومة، وبعد مرور الأسبوع الأول فقط، أدرك نتنياهو، أن الأحزاب الصغيرة، فرضت عليه في ظل الوقت المحدد، الاستجابة لمطالبها، استعجل حزب «كلنا» ووقع أول اتفاق، بعدما استجاب نتنياهو لطلباته، هذا الحزب كان قد أعلن أنه لن ينضم إلى الحكومة في حال تم تشكيلها على نطاق ضيق، أي 61 صوتاً، وعندما وقع الاتفاق مع نتنياهو، لم يكن يدرك أن لا خيار أمام الحكومة المشكلة سوى أن تكون حكومة ضيقة، لم يدرك أحد، أن ليبرمان سيتفوق على نتنياهو من حيث القدرة على الابتزاز والانتهازية، ولم يكن بوسع «كلنا» أن يتراجع بعد التوقيع، لكنه أدرك أنه انزلق إلى الهاوية في علم التكتيك، خاصة أنه كان بوسعه لو انتظر يومين إضافيين، أن يحصل على المزيد من المكتسبات والحصص.
لكن حزب «كلنا» ما زال في بداية تعلم دروس السياسة الحزبية، على عكس حزب شاس الذي لعب بذكاء متقد لنيل حصة الأسد من هذه الحكومة، وقع على الاتفاق مع نتنياهو بعدما امتصه ومعه حزب الليكود، واسترد بأصواته القليلة، كل ما أمكن عندما كان يحصل على أصوات أكثر في الكنيست، لكنها الخبرة والتجربة والدهاء، إضافة إلى عنصر الانتقام من الليكود، الذي بات بلا وزارات هامة، بعدما أهداها نتنياهو للحلفاء الصغار، الأمر الذي يمكن أن يؤثر على وحدة الليكود، إذا لم يكن اليوم، ففي المستقبل القريب، بعدما تبين أن هذا الحزب، له الحصة الأقل نسبياً في مقاعد الحكومة، وان وزارة الخارجية التي تخلى عنها ليبرمان، بات حزب البيت اليهودي يطالب بها، وقد لا يحصل عليها الليكود، لأن بينيت بات يدرك أنه أصبح بيضة القبان، وان نتنياهو لن يتمكن من تشكيل حكومته، حتى تلك الضيقة بدونه، وان بينيت لن تقنعه تهديدات الليكود ونتنياهو، بأن عدم انضمامه للحكومة، سيؤدي إلى دعوة «المعسكر الصهيوني» حزب العمل وليفني، لتشكيل حكومة وحدة وطنية، يدرك بينيت ان هذا التهديد غير كاف للتنازل عن اقتناص لحظة الحقيقة التي تنطوي على أن حزبه حجر الزاوية في تشكيل حكومة نتنياهو الضيقة، وان عامل الوقت لمصلحته، إذ ان الدعوة لتشكيل حكومة وحدة وطنية، لن تكون ممكنة. 
على ضوء الساعات القليلة المحدودة لنهاية الفترة الإضافية، إضافة إلى أن هناك أصواتاً عديدة داخل «المعسكر الصهيوني» ترفض المشاركة مع نتنياهو في حكومة وحدة وطنية، والحل في حال فشل نتنياهو، أن يكلف الرئيس الإسرائيلي، هرتسوغ بتشكيل الحكومة على أنقاض فشل نتنياهو في هذا التكليف، مع أن هذا الأمر ما زال مستبعداً ونحن على بعد ساعات من المهلة القانونية.
لم يبدد ليبرمان قدرته على التعلم من معلمه، عندما كان مديراً لمكتب رئيس الحكومة نتنياهو، وعلى الأرجح أنه تعلم منه كل أساليب المكر والخداع والابتزاز، لولا ذلك لما ظل ليبرمان، حتى اللحظة الأخيرة، لكي يعلن موقفه الرافض المشاركة في الحكومة وتخليه عن منصب رفيع كوزارة الخارجية، لقد حانت ساعة الانتقام بالنسبة لليبرلمان بعد خسارته ستة مقاعد على يد تكتيكات نتنياهو، الآن يظهر ليبرمان كبطل، رفض وزارة رفيعة، رفض الكرسي مقابل عدم التنازل عن مبادئه، يبدو ليبرمان نظيفاً ومستقيماً رغم أن معظم طاقم حزبه القيادي قيد التحقيق في مسائل تتعلق بالاختلاس والإخلال بالشرف، نجح نتنياهو في توجيه «الهدف القاتل» في المباراة مع نتنياهو، في اللحظة الأخيرة لهذه المباراة.
بعض فقهاء الليكود، يقول إن هذه ليست الحكومة الضيقة الأولى في تاريخ حكومات إسرائيل التي استمرت ونجحت، نسي هؤلاء أن الحكومات الضيقة السابقة كانت مدعومة من أحزاب الخارج، عكس هذه الحكومة، التي تعتبر حكومة رؤساء حكومات، بمعنى أن أي وزير أو أي نائب بإمكانه في طرفة عين إسقاطها، هذه الحكومة، بهذا المعنى، مشكلة من رؤساء حكومات عددهم 61 مقعداً، كل منهم يقود الحكومة إما إلى الاستمرار، أو السقوط، وهو المرجح!!