ترامـب .. والإخـوان و«حمــاس»!

هاني حبيب
حجم الخط

أثناء الحملة الانتخابية، وجه الرئيس ترامب عدة اتهامات لإدارة الرئيس السابق أوباما، أحدها أنه ـ أوباما ـ «دعم عزل الرئيس المصري السابق حسني مبارك الذي دخل في معاهدة سلام طويلة الأمد مع إسرائيل، ثم ساعد في جلب الإخوان المسلمين إلى السلطة بدلاً منه»، لن نتوقف هنا أمام حقيقة أن من أدخل مصر إلى معاهدة سلام مع إسرائيل ليس حسني مبارك ولكن أنور السادات، إلاّ أن هذا الاتهام من المرجح أن يشكل جوهر العلاقة بين إدارة ترامب والإخوان المسلمين.
قبل «الربيع العربي» ووصوله إلى مصر، قبل ست سنوات، دارت العديد من النقاشات في الولايات المتحدة، المؤسسات الأكاديمية والبحثية، ولجان الكونغرس المختلفة، حول أسباب تلك العلاقات الحميمة غير المفهومة التي ربطت بين إدارة أوباما وجماعة الإخوان المسلمين، خاصة بعد انكشاف مساعدات مالية كبيرة قامت بها تلك الإدارة لدعم الجماعة، واثر وصول الإخوان في مصر إلى الحكم برئاسة محمد مرسي، تكشف الكثير من الحقائق التي تشير وتؤكد على الدعم الكامل الذي قامت به إدارة أوباما لوصول الجماعة إلى سدة الحكم في القاهرة.
العلاقات الطيبة بين إدارة ترامب والرئيس السيسي، تشي بأن هناك انقلابا واضحا ستقوم به إدارة ترامب على العلاقات الأميركية مع جماعة الإخوان المسلمين، وهناك، رغم الخلافات الكبيرة بين عدد من أعضاء الكونغرس وسياسة ترامب العامة، إلاّ أن غالبية أعضاء الحزب الجمهوري في الكونغرس، النواب والشيوخ، يؤيدون بشكل موحد تقريباً، لاتباع سياسة جديدة بحيث تضع الجماعة في قائمة الإرهاب لعام 2017.
وبالنظر إلى ما توصف به سياسة ترامب الغامضة والمرتبكة والمتناقضة في أحيان كثيرة، هبت مراكز الأبحاث والدراسات الأميركية، وكذلك كبار الباحثين والكتاب، للإدلاء بآرائهم ونصائحهم للرئيس الأميركي، حول عدد من القضايا الدولية، لحثه على اتباع سياسة ما يعتقد هذا البعض أنها الأفضل، هناك نصائح تقدمت بها هذه الجهات حول ملف المفاوضات الفلسطينية ـ الإسرائيلية، ملف الاستيطان، ملف القدس والسفارة، ملف التعامل مع الاتحاد الروسي والصين، وهكذا، تلك كانت ولا تزال مهام دور البحث لكافة الرؤساء والإدارات، إلاّ انه وعلى ضوء الطبيعة الخاصة التي رافقت انتخاب ترامب، وشخصية الرئيس الجديد المختلف عليها، فإن هذه المراكز بالغت في تقديم الأبحاث والدراسات والنصائح على مختلف المستويات والسياسات، بما فيها الموقف من جماعة الإخوان المسلمين.
الباحث اريك تراجر، المختص بالشأن المصري عموماً، وجماعة الإخوان المسلمين في مصر على وجه الخصوص، أدلى بنصائحه إلى ترامب لوضع سياسة إدارته والتعامل مع جماعة الإخوان المسلمين، ناصحاً إياه بالتريث كثيراً قبل أن يضع الجماعة في قائمة الإرهاب، وذلك في المجلة البحثية المتخصصة The Cipher Breif (ذا سايفر بريف) وأعاد نشرها موقع معهد واشنطن قبل أيام.
تشير المقالة كمطلع لها إلى أن إدارة ترامب من حقها أن تقلق إزاء الدور الذي تلعبه هذه الجماعة التي تسعى إلى تأسيس سلسلة من الثيوقراطية الإسلامية القائمة على السلطة الدينية وعلى المدى الطويل «دولة إسلامية عالمية»، إلاّ أن مبالغة إدارة ترامب في هذا القلق، ربما يدفعها الى تصنيف الجماعة منظمة إرهابية حسب معظم التقارير التي تعاملت مع هذا الملف، وهنا فإن إدارة ترامب ستواجه عقبتين تقنيتين تكتسبان أهمية كبيرة، حسب «تراجر»!
فهذه الجماعة، منظمة دولية تشمل العشرات من المنظمات الوطنية المنبثقة عنها، تتلقى كلها تلقيناً عقائدياً مركزياً، والتزاماً حديدياً بالتسلسل القيادي، مع ذلك، فإن كل واحدة منها تؤدي مهامها على نحو مستقل، حركة حماس وقفت مع النظام السوري، في حين كان «إخوان» سورية، ضده، على سبيل المثال، لذلك من الممكن أن يخضع التصنيف الأميركي، إلى التصنيف الفردي، حول سياسة وسلوك كل «وحدة» من وحدات الجماعة الدولية، بين حمائم وصقور، وتتخذ الموقف منها بناء على هذه المعطيات، التعامل المرن مع هذه الوحدات والمجموعات، مصلحة سياسية أميركية!
أما العقبة التقنية الثانية، فإن هذه الجماعة، لا تخضع كلياً للتوصيف الذي وصفته أميركا للارهاب، ذلك أن منظماتها أكثر حذراً في التعامل مع العنف، ثم ان بعض هذه الجماعات وقياداتها باتت في السجون، كما هو الحال في مصر، فهي غير قادرة في هذه الحال، حتى لو أرادت ـ حسب تراجر ـ أن تقوم بأي شكل من أشكال العنف المنظم.
الغريب في هذا التوصيف التقني، وربما جوهر رسالة ـ نصيحة المقال ـ ان حركة حماس تتبنى العنف المسلح بشتى أشكاله وتقوم بقتل المدنيين، وتقوم باعتداءات منظمة ضد إسرائيل ومواطنيها، وهذه التوصيفات تتفق مع تصنيف الإرهاب كما وضعته أميركا!!