الانتخابات المحلية واقع جديد !

سميح شبيب
حجم الخط

أعلنت لجنة الانتخابات المركزية، عن فتح 758 مركزاً للتسجيل، في 391 هيئة محلية، بالضفة الغربية بما فيها القدس.
وبذلك، تكون عملية الانتخابات المحلية، في الضفة الغربية، قد بدأت بالدوران، بعد ما تعذر إجراء تلك الانتخابات في غزة.
كان الجهد السياسي، ينصب، قبل ذلك، على إجراء تلك الانتخابات في الوطن كافة، على اعتبار الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس، وحدة جغرافية ـ سياسية واحدة، وسبق للجنة الانتخابات المركزية، أن جسدت، هذا الجهد السياسي، بإجراءات إدارية ولوجستية، استعداداً لإجراء الانتخابات، بعدما تعذر إجراء الانتخابات في غزة، كان المنفذ الوحيد، هو إجراء تلك الانتخابات، في الضفة، وتأجيلها في غزة، عندما يتسنى ذلك؟!
لعله من نافلة القول، إن، لحظة التوافق، على إجراء الانتخابات في غزة، مرهونة بأمرين أساسيين: أولهما، حل الملف الأمني، والاتفاق على المرجعية القانونية والقضائية.
الملف الأمني معقد للغاية، ويشمل نقاطاً مركزية، أولها الاتفاق على العقيدة الأمنية، وفي المقدم منها التنسيق الأمني، ووسائل مقاومة الاحتلال، وممارسة الكفاح المسلح، بأشكاله المختلفة، وتوحيد أجهزة الأمن، والاتفاق على القيادة المركزية الواحدة... وهذا يقتضي، بالطبع، حل الأجهزة الأمنية لحماس والجهاد...أما الملف القضائي، فهو معقّد، وعلى نحوٍ أعمق وأشمل من الملف الأمني. وهو ما يتعلق بشكل مباشر، بالانتخابات، والطعون بالمرشحين، وغيرها من مسائل.
كان واضحاً، ومنذ الاتفاق والتوافق السابق، بشأن إجراء الانتخابات المحلية، مع حماس، بأن تلك الانتخابات، لا يمكن إجراؤها، ذلك أن الملفين الأمني والقضائي، لم يحلا، بل انهما تركا، وتم تأجيلهما.
اصطدمت جهود عقد الانتخابات بملف الأمن، ومن سيحمي المراكز الانتخابية، ويؤمّن سلامتها، وكذلك بالملف القضائي، حيث تم تقديم طعون، بالعديد من المرشحين، وكان معظمهم من حركة فتح في غزة... عندها تم تأجيل الانتخابات المحلية، وعلى نحوٍ مخيّب للآمال، التي عقدت عليها.
أما وقد دارت عجلة الانتخابات المحلية، الآن، وتم التسليم، بأن ملفي القضاء والأمن، لا يمكن حلهما، دون توافق سياسي، بين فتح وحماس، وعلى نحوٍ قادر على طي ملف الانشقاق الجيو ـ سياسي، فإنه سيكون مبرراً في القريب المنظور، التفكير الجدي، بإجراء الانتخابات التشريعية، وتحت يافطة تعذر إجرائها في غزة، وستكون الفرصة متاحة، لإجراء تلك الانتخابات في الضفة الغربية، وكل ذلك بمقاطعة حماس في الضفة.
الأمور تجري، تحت وطأة الضرورة، والخروج من الارتهان، بحالة تم فرضها على الجغرافيا ـ السياسية الفلسطينية، بفعل الانقلاب العسكري الذي قامت به حماس في غزة، وتجسيدات هذا الانقلاب، على أوجه الحياة السياسية والأمنية والاقتصادية في القطاع، بل وفرض ذلك على الجغرافيا المجاورة، ومنها الجارة، جمهورية مصر العربية، وتعاطي إسرائيل مع واقع جديد، في غزة.
ستشكل الانتخابات مخرجاً مجزوءاً، لما يعانيه المجتمع الفلسطيني، لكنه في واقع الأمر، تكريس لحالة الانشقاق الجيو ـ سياسي، وهي حالة شديدة الخطورة، ذلك أن تقرير المصير، لأي شعب، يستحيل في هذه الحالة، حالة الانشقاق الداخلي.
ستفكر إسرائيل، ودول إقليمية أخرى، بجملة ترتيبات داخلية، أكان على صعيد الضفة الغربية، أو غزة، واتخاذ حالة الانشقاق الفلسطيني الداخلي، حجة، للهروب من استحقاقات سياسية وقانونية، تكفلها مقررات الشرعية الدولية.