هل صارت أميركا «جمهورية موز» عظمى؟

حسن البطل
حجم الخط

طفح كيلي، أو ضاق صدري، فمنذ فوز ترامب، خصوصاً وحتى قبل فوزه، صار «مالئ الدنيا وشاغل الناس» وصانع الأخبار، وعناوينها، وتحليلاتها... وأيضاً ملهم رسّامي الكاريكاتور بتسريحة شعره، ناهيك عن تغريداته الفجّة!
الرئيس أوباما شارك رسّامي الكاريكاتور في السخرية من شكل أذنيه، لكن أحداً لم يسخر من لسانه الذرب، وثقافته السياسية ـ الأكاديمية في ارتجال خطبه البليغة.
لاحظ أحد نقّاد ترامب أن لغته ضحلة، فقيرة المفردات اللغوية، تتصدرها مفردة «صفقة» التي لم يوفّرها حتى في اتهامه أوباما بالتنصت على هاتفه إبّان حملة رئاسية غير مسبوقة في فجاجتها ونتائجها.
إبّانها شكك في اعترافه بخسارته المحتملة أمام هيلاري، وادعى أنها ستكون من نتيجة التزوير؛ وبعد فوزه ادعى أنه فاز، رغم تنصت أوباما على خطوطه الهاتفية في برجه، مذكراً بـ «ووتر غيت» الرئيس نيكسون.
معروف أن مدير F.B.I، أطلق ادعاء، في الأيام الأخيرة قبل الانتخابات، حول البريد الألكتروني المزدوج لمنافسته، وسجّل «هدفاً» في الوقت بدل الضائع في مرماها.
هذا رئيس غير شكل، حتى في اختياره مكان عطله نهاية الأسبوع في مقره بماراغو ـ فلوريدا، بدل المنتجع الرئاسي في كامب ديفيد، ومنه أطلق تغريدة تويتر أخرى.
واضح أن طلبه من الكونغرس، الموالي له، التحقيق في «ووتر غيت ـ أوباما» جاء بعد استقالة مرشحه لمنصب مستشار الأمن القومي، تحت شبهة علاقة مع الرئيس الروسي بوتين، واحتمال استقالة مرشحه لمنصب وزير العدل، لعلاقته مع السفير الروسي في واشنطن.
هذا وذاك من إعجاب ترامب بشخص وسياسة الرئيس بوتين، وتفضيل هذا لترامب على هيلاري.
يقولون: لا دخان بلا نار في هذه المسألة، لكن حملته على سلفه أقرب إلى دخان فقط، وهي تطرح سؤالاً: هل أن الديمقراطية الأقوى في العالم صارت بمثابة «جمهورية موز» عظمى تتدخل في شؤونها منافستها روسيا، كما دأبت أميركا على التدخل في شؤون دول جمهوريات أميركا الجنوبية بشكل خاص، وباقي دول العالم الثالث، ودول المعسكر الاشتراكي في أوروبا الشرقية.
سبق أن مالت إسرائيل نتنياهو إلى الرهان الفاشل على المرشح الجمهوري ميت رومني، الذي نافس باراك أوباما في انتخابات العام 2012، لكن الذيل الإسرائيلي لم يستطع تحريك رأس الكلب الأميركي آنذاك، وأمّا الدب الروسي فشيء آخر وأخطر.
بوتين «سترونغ مان» ويريد ترامب تقليده! واضح أن فشل رهان نتنياهو على رومني، وميل نتنياهو وجمهوره الإسرائيلي إلى ترامب هذه المرة، رغم أن معظم الأميركيين اليهود صوّتوا لصالح المرشحة الديمقراطية، كما هي عادتهم في انحياز غالبيتهم إلى الحزب الديمقراطي.
كان رئيس أميركي قد رفع شعار «أميركا للأميركيين» ويقصد منه أن دول القارتين الأميركيتين هي منطقة نفوذ للولايات المتحدة، لكن الحربين العالميتين، وما تلاهما من حرب باردة مع المعسكر الاشتراكي، زنرت العالم بأسره بالقواعد الأميركية.
مع شعار «أميركا أولاً»، وأميركا للأميركيين البيض أولاً، صارت المسألة خلاف الولايات المتحدة مع جارتها الجنوبية المكسيك بإقامة جدار عازل، وخلافها مع جارتها الشمالية كندا بسبب تقييد ترامب هجرة اللاجئين إلى الولايات المتحدة.
المسألة أبعد من توظيف ترامب اتهامه لإدارة أوباما لصالح دفع الكونغرس لنقض مشروع أوباما للتأمين الصحي «أوباما كير»، وردّه على الشكوك حول دور روسيا في حملته للرئاسة.
في جانب آخر، تعهد ترامب بإطلاق سباق تسلح جديد لتقوية جيش أميركي «متهالك» برصد 75 مليار دولار، وتجديد الترسانة النووية الأميركية لتبقى الأقوى.
كان الرئيس دوايت أيزنهاور قد حذّر في خطاب الوداع من مخاطر تحالف رأس المال مع الصناعات الحربية، ويبدو أن المليونير ترامب يريد تحقيق وعده الانتخابي بزيادة الوظائف عن طريق سباق تسلح تقليدي ونووي، علماً أن الترسانة النووية الأميركية أكثر من كافية لتدمير الخصم، بل وتدمير العالم كله!
عادة، تبدأ الحملات الانتخابية الأميركية قبل عام من انتهاء ولاية أولى للإدارة الأميركية، أو عامين من انتهاء ولايتها الثانية حيث تصير «بطّة عرجاء».
تخبيصات إدارة ترامب خلال شهرين من ولايتها الأولى جعلت الحملة الانتخابية للرئيس الـ46 تبدأ، مع احتمال ترشيح أوبرا وينفري نفسها لانتخابات العام 2020، كأول امرأة سوداء، بعد أن أخفقت هيلاري لتكون أول امرأة في رئاسة الولايات المتحدة.
مع انتخاب ترامب، اهتزت مهابة منصب رئيسها، ومعه اهتزت هيبة الولايات المتحدة، كأقوى دولة ديمقراطية واقتصادية وعسكرية في العالم، بحيث كأنها صارت «جمهورية موز» عظمى تتدخل في شؤونها روسيا.. وإسرائيل، أيضاً، وهذه تعاني من اهتزاز هيبة نتنياهو في بلاده المعتبرة الديمقراطية الأولى في المنطقة، بسبب سلسلة تحقيقات، وأيضاً، نتيجة واقع حزبي ـ سياسي إسرائيلي يقول: لا بديل من نتنياهو إلاّ نتنياهو!
أقلامهن في «الأيام»
انضمت الزميلة سما حسن، من غزة، قلماً ثالثاً من كتّاب آراء وزوايا «الأيام»، بعد السيدتين فيحاء عبد الهادي، وريما نزال.
لكلّ منهن مجالها وأسلوبها في الكتابة، وفي رأيي أن قلم ريما نزال أكثرهن تجربة في العمل السياسي الفصائلي والوطني، وأيضاً، مسائل دور المرأة في المجتمع.
هذا يسدّ شيئاً من فراغ الكتابة النسوية في «الأيام» بعد توقف مبكر للزميلة ماجدة البطش، ثم نائلة خليل عن رفد «الأيام»، فتحيّة للأقلام الأنثوية في «الأيام» بمناسبة «يوم المرأة العالمي».