أعداء النساء في عيد النساء

توفيق أبو شومر
حجم الخط

هناك أشكالٌ عديدة لجريمة عبودية النساء، للأسف، تشترك في هذه الجرائم نساءٌ كثيرات، فالنساءُ يضطهدنَ النساء، فحينما تستولي الأمهاتُ على مرتبات البنات العاملات، وتمنحها للذكور العاطلين عن العمل، هذه جريمة كاملة!
كما أنَّ هناك أمهاتٍ كثيرات يُرغمن البنات على الزواج قسرا، وهذه عبودية أُخرى، تضاف إلى عبودية الأشغال الشاقة في البيت، الطبخ، والتنظيف، والرعاية، أشغالٌ أُلصقتْ بواجبات البنات، دون الذكور.
ما أكثر النساءَ اللاتي لا يثقنَ ببناتهن البالغات، ويرغمنهن حين الخروج، أن يصحبن الإخوة الذكور حارسين لهنَّ، حتى وإن كانوا أطفالا صغارا، هؤلاء نساءٌ يُرضعن أبناءهن حليبَ التمييز منذ الصغر! هناك أمهاتٌ يُردِّدن المثل الشعبي القائل: «البنات هَمٌّ إلى الممات» ويسعدن بتأنيب أبنائهن الذكور لبناتهن الإناث، حتى وإن كان الذكورُ أطفالاً صغاراً. وهن يميِّزن بين الذكر والأنثى في المصروف، وفي الأكل، واللباس، ولا يدافعن عن حق بناتهن في التعليم، ففي أسرٍ عديدة، أرغمتْ الأمهاتُ بناتِهن أن يقطعنَ تعليمهن، لمصلحة أبنائهن الذكور!
ما أبشعَ التمييز حين يكون صادراً من المرأة ضد المرأة!
منذ ثماني سنوات، أستعيد كتاباً مهماً، صدر في شهر أيلول 2009 اسمه، نصف السماء، لنيكولس كرستوف، وشيرلي وادون، حصل الكتاب على جائزة بوليتزر، الزوجان الكاتبان صحافيان في صحيفة نيويورك تايمز، أورد الكاتبان معلوماتٍ عن واقع النساء في العالم.
 في صفحات الكتاب إحصاءٌ صادمٌ عن المقتولات من النساء، بسبب التمييز، والإذلال، والمرض، والاستغلال الجنسي، في إفريقيا وآسيا. مما جاء في الكتاب:
 «إن عدد المقتولات من النساء خلال الخمسين سنة الماضية، بسبب اضطهادهن، واستعبادهن أكثر من كل القتلى في القرن العشرين كله»
نعم، لا تزال معظم النساء يرقصن في قيودهن حتى اليوم، فهنَّ في معظم مجتمعاتنا العربية يُحسبْنَ (شرف القبيلة)، ليس  بالمفهوم الاعتزازي والفخري، بل بمفهوم الملكية، فالأنثى مِلْكٌ حصريٌ للذكر. رُسِّخَ هذا المفهومُ حينَ عَدِمَ العربُ العزةَ، والمنعة، والقوة، في نظامهم السياسي، والاجتماعي، بفعل عسف حكامهم وطغيانهم، فنفَّسوا عن ضائقتهم باضطهاد نسائهم، كما قال الكاتب، سلامة موسى، في كتابه، تحرير المرأة، لأنهن أضعف الحلقات!
في دولٍ أخرى، جرى (تسليع النساء)، أي، اعتبارهن سلعة تجارية، فهنَّ يُبعَنَ في سوق تجارة الجنس، وفي كثيرٍ من الدول الآسيوية تباعُ البنات الصغيرات في سوق النخاسة للجنس، يبيعهن الآباءُ في بعض القبائل لتسديد الديون! كما أشار  كتابُ، (نصف السماء).
أما النساءُ عند المتطرفين في الدين اليهودي، الحارديم، فهنَّ نجاسةٌ، المرأةُ مخلوقُ دَنِسٌ، يشكرُ المصلي الذكرُ ربَّه في صلاة الصبح، لأنه لم يُخْلَق امرأة، كما أنه لا يُجيز لها أن تحمل التوراة، أو أن تقرأ عباراتٍ منها، فهي عندهم كائنٌ بيولوجي، مخصصٌ للإنجاب، لذا يحرمون عليهن العمل!
إن معظم المجتمعات القبلية الذكورية، التي تُؤمن بأن المرأة مخلوقٌ ناقصٌ، لن يُكتبَ لها التقدمُ، ستظلٌّ ترقصُ في قيودها العشائرية، رقصة المذبوح، قبل الفناء!