بعد سلسلة الخطوات والتصريحات من الرئيس الأميركي الوافد، دونالد ترامب، يصعب بعض الشيء إيجاد تعابير تشهد على انتقال من حملة الانتخابات إلى المنصب الأهم في العالم. في الأسبوع الماضي كان الخطاب في الكونغرس، والذي بث نسمة أمل، لأنه كان بلا سباب وشتائم – وفي عهد حكم ترامب حتى هذا هو شيء ما. من الزاوية الإسرائيلية والصهيونية فإن القلق الأكبر يوجد بالطبع في منح شيك مفتوح لإسرائيل، أو للدقة لليمين الإسرائيلي، لتصفية الدولة اليهودية في طالح كارثة دولة واحدة كبرى.
لقد أدى هذا الإحساس إلى تسامٍ روحي في أوساط أجزاء في اليمين، فتح بعض من المتحدثين باسمهم سلسلة تصريحات حماسية. واحد يريد ضم المنطقة (ج)، الثاني يريد «معاليه أدوميم»، الثالث يصفي منذ الآن السلطة الفلسطينية نهائياً، والكل يندفع نحو الحل السحري «للدولة الواحدة». وكانت الذروة للنائب ميكي زوهر، الذي صرح هذا الأسبوع بل ولجمهور المشاهدين في القناة i24 بالانجليزية التي بدأت بالبث أيضاً في الولايات المتحدة، بأن إسرائيل ستضم المناطق وفي نفس الوقت لن تمنح حق الاقتراع للفلسطينيين. في الانجليزية يسمون هذا «أبرتهايد».
لا يحتاج كارهو إسرائيل لأكثر بكثير من هذا كي يؤكدوا ادعاءاتهم ضد إسرائيل. فها هو نائب من الحزب الحاكم يوضح الأمور بنفسه. التوقيت هو الآخر مهم، لأنه في هذه الأيام بالذات يجري في الحرم الجامعي للكثير من الجامعة في الغرب «أسبوع الأبرتهايد» – ولا توجد هدية أكبر من هذه لمبادرة الحملة المناهضة لإسرائيل من مثل هذا التصريح «غضب في أعقاب دعوة النائب لدولة أبرتهايد»، كان العنوان «مورننغ ستار» البريطانية، وكذا أيضا في قنوات إعلامية أخرى، في ظل إبراز المعلومة التي ستدخل إلى سجل الإدانة في جرائم إسرائيل. وشكراً لزوهر على مساهمته.
لقد كان الإحساس هو أن أقوالاً في هذا الاتجاه – في صالح الضم ورفض حل الدولتين – حظيت بالتشجيع في أعقاب تصريح ترامب، الذي لم يستبعد إقامة «دولة واحدة» إذا كان هذا ما يريده الطرفان. لا شك في أن هذا ما يريده الفلسطينيون. فقد رفضوا دوما الدولة المستقلة. ولا شك في أن هذا ما يريده مؤيدو نزع الشرعية عن إسرائيل. والمساعدون الأكبر لهم، منفذو الرؤيا، هم الميكي زوهريون على أنواعهم.
ورغم ذلك، يمكن إطلاق صافرة التهدئة. لأن تصريح وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان، أول من أمس، يوضح أن الإدارة الأميركية، بما فيها إدارة ترامب، تعارض هذا الاحتفال من اليمين. فقد أوضح ليبرمان أن الإدارة تعارض الضم وتوسيع المشروع الاستيطاني إلى خارج الكتل. ولم يقل ليبرمان هذا كنزوة لحظية، فقد كان يعرف ما الذي يقوله ولماذا، والأقوال لم تقل بناء على رأيه فقط. فقد قيلت أيضا بناء على رأي رئيس الوزراء، وأغلب الظن بتكليف منه أو بتنسيق معه. فليست المصلحة الوطنية دوما هي التي تتغلب لدى نتنياهو على المصلحة الحزبية. ولكن هذا يحصل أحيانا، وان كان من خلال رسول. وخير أن حصل هذا.
ثمة شيء مؤسف في حقيقة أن إسرائيل تحتاج إلى الإدارة الأميركية كي تدافع عن نفسها من محققي الرؤيا الكابوسية لـ «الدولة الواحدة»، ولا توجد مواساة في حقيقة أن اليمين هو الذي يجسد رؤيا مقتلعي إسرائيل. فالكذبة الشائعة هي أن «هذا ما اختاره الشعب». ليس صحيحا. فلا توجد أغلبية في الجمهور أو في الكنيست للسير نحو دولة واحدة. هذه ليست رؤيا حزب «كلنا» ولا رؤيا الأحزاب الأصولية، ولا أيضا رؤيا ليبرمان.
وشيء ما آخر. حل الدولتين لا يوجد على جدول الأعمال بسبب الرفض الفلسطيني. ولكن ما هو أوضح من ذلك هو حقيقة أن الفلسطينيين يرفضون صيغة الدولتين للشعبين لا يجب أن تؤدي إلى الاستنتاج بأنه يجب عمل ما يريدون، أي دولة إسرائيل. في الإدارة الأميركية، أغلب الظن، بدؤوا يفهمون هذا. يمكن لنا أن نهدأ.