رسميا تلقت قيادة السلطة الفلسطينية تأكيدا من المملكة العربية السعودية، بعدم سعي الرياض للتحرك والقيام بالتوسط في ملف المصالحة بين الفلسطينيين، خلافا لما رددته حركة حماس في الأيام الأخيرة، إذ تؤكد معلومات حصلت عليها ، أن ما جاء من حديث قادة في حماس عن اتفاق “مكة 2″ كان بمثابة رسائل موجهة لقيادة المملكة تدعوها للتدخل، خاصة وأن قيادة حماس فسرت في بادئ الأمر الحديث الذي نقله الرئيس الأمريكي جيمي كارتر عن ملف المصالحة والتدخل السعودي بشكل خطأ.
وإلى صلب الموضوع، فقد أجرى مساعدين للرئيس عباس في الطاقم الدبلوماسي والسياسي اتصالات بمسؤولين سعوديين مؤخرا، لمعرفة إن كان هناك رغبة للمملكة بالتدخل وتنشيط ملف المصالحة مع حركة حماس، خاصة بعدما ركزت الاخيرة في تصريحات كثيرة لقادتها عن إمكانية عقد اتفاق “مكة 2″ برعاية سعودية، لتطبيق المصالحة، وفي ظل تقارير نشرتها مواقع لحماس تقول أن المملكة تريد من الوساطة التي طلبت منها بتدخل قطري وتركي، الضغط على الرئيس الفلسطيني محمود عباس “أبو مازن” لصالح تطبيق الاتفاقيات الموقعة والالتزام بها، فكان الرد السعودي أن ذلك الامر لم يتم.
أكثر ما جاء في تأكيد مسؤولون كبار في المملكة لمساعدي أبو مازن، هو تأكيد المملكة أن ملف المصالحة حسب اتفاق الجامعة العربية بيد مصر، وأن المملكة لا ترغب بإدارة الملف خاصة في ظل انشغالها الكبير في ملفي اليمن وسوريا.
المعلومات التي عمل مساعدو أبو مازن لمعرفتها عن سبب الحديث المتزايد من حركة حماس عن الملف، حسب ما عملت ” كان بسبب الفهم الخطأ لقادة حماس الذين كانوا على اتصال بالرئيس الأمريكي جيمي كارتر، لترتيب زيارته للمنطقة والتي كانت ستشمل قطاع غزة ولقاء قادة حماس، قبل إلغاء الزيارة لغزة في اللحظات الأخيرة، وإبقاءها مقصورة على الضفة الغربية.
كارتر الذي وصل المنطقة ضمن زيارة وفد (لجنة الحكماء الدوليين ) أبلغ حماس أنه تحدث إلى المسئولين السعوديين عن إمكانية تدخل المملكة لصالح دعم المصالحة الداخلية وأنه كشخص أي كارتر له اتصالات بحماس وقيادة السلطة من الممكن أن يكون وسيط بينهما في المرحلة الحالية إن كان للمملكة رغبة في التحرك، فعندها سمع من المسئولين السعوديين أن المملكة تأمل في إنهاء الانقسام الفلسطيني وأنها تدعم كل الخطوات لذلك، وهو رد جرى بالشكل الدبلوماسي، دون أن يتم التأكيد أو الجزم بوجود مسعى من الرياض للدخول على الملف الفلسطيني الموكل لمصر.
هذا الرد السعودي نقل إلى حماس عن طريق كارتر الذي كان على اتصال بقيادات من حماس في غزة، لترتيب زيارته، وكذلك أبلغ لقيادة السلطة، وهو ما دفع الرئيس قبل أن يصل كارتر إلى الإيعاز لمساعديه الاتصال بالسعودية لمعرفة التفاصيل قيل استقبال كارتر، فتلقى جوابا ينفي نية المملكة بالتدخل، ووقتها وضع الرئيس أمام وفد الحكماء الدوليين بقيادة كارتر مجمل ملفات المصالحة التي لم تنفذ، بالإشارة إلى أن حركة حماس هي من لا تريد المضي في تطيقها وأهمها ملف عقد الانتخابات، وقام خلال اللقاء بالطلب من كارتر أن يأتي بموافقة من حماس على عقدها ليصدر بذلك مرسوم رئاسي يحدد موعدا لها.
علمت أن ملف الحديث عن الوساطة السعودية انتهى حاليا بمجرد انتهاء زيارة كارتر للمنطقة، لكن قيادات وازنة من السلطة ترى أن استمرار حديث قادة حماس عن الأمر راجع لعدة أسباب، أولها الضغط على مصر من خلال الحديث عن وجود شريك آخر، والثاني من إعلاميا ضمن حملة ضد السلطة، إضافة إلى إرسالها رسائل للمملكة تؤكد قبولها بالوساطة خاصة في ظل عهد الملك سلمان.
على العموم فإن الدكتور محمود الزهار القيادي في حركة حماس قال في تصريحات له أن المملكة العربية السعودية لم تبلغ حماس بشكل رسمي أنها تريد التوسط من جديد في ملف المصالحة الفلسطينية، وأن حماس أبُلغت عبر شخصيات دولية التقت السعوديين ونقلوا الفكرة إلى حماس.
وتحدث الرجل أن فكرة التوسط السعودي كانت تصور من هؤلاء الأشخاص، للوصول إلى اتفاق مصالحة يسمى “اتفاق مكة2″، الزهار قال أن من بين تلك الشخصيات الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر، وقال أن “الباب لم يغلق” لوساطة كارتر.
والسعودية كانت قد رعت “اتفاق مكة” للمصالحة بين فتح وحماس في العام 2007، وشكل بموجبه حكومة وحدة وطنية بين الفصائل لكنه انهار بعد ثلاث أشهر حين سيطرة حركة حماس على غزة.
على الجانب الآخر لم تكن حركة فتح حسب ما أعلن عدد من مسؤوليها هي التنظيم الفلسطيني الوحيد الذي لا يرغب بنقل المصالحة من مصر إلى السعودية حاليا، فالجبهة الشعبية أيضا اعترضت، وكذلك حركة الجهاد الإسلامي التي قال خضر حبيب وهو من قيادييها البارزين في غزة أن اتمام المصالحة بشكل محلي يكون أقرب لتلبية مصالح الفلسطينيين.