قال المندوب الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة في نيويورك، السفير رياض منصور، إنه من الضروري للغاية أن يقوم المجتمع الدولي، لا سيما مجلس الأمن، بالضغط على إسرائيل لكي تحترم وتمتثل للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، بما في ذلك القرار 2334 (2016).
جاء ذلك في رسائل متطابقة بعثها السفير منصور إلى الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن (المملكة المتحدة) ورئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، حول قرار إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، بناء مستوطنة جديدة في الضفة الغربية المحتلة انتهاكاً للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة بما فيها قرار مجلس الأمن 2334 (2016).
وقال منصور في رسائله، إن الأمل في تحقيق سلام عادل وشامل بين إسرائيل ودولة فلسطين يتبدد بشكل سريع، إذ تواصل إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، سياساتها المنهجية المتمثلة في الاستعمار الاستيطاني والفصل العنصري والتطهير العرقي في دولة فلسطين المحتلة، بما فيها القدس الشرقية.
وأضاف، أن إسرائيل تواصل رفضها للسلام وغطرستها بمواصلة مخططاتها غير القانونية بإعلان آخر عن بناء المزيد من المستوطنات غير القانونية على أرض فلسطين المحتلة، متجاهلة كل الجهود الدولية الرامية إلى التوصل إلى أفق سياسي من أجل السلام.
وأوضح أن إعلان أمس من قبل ما يسمى "مجلس الوزراء الأمني" يختلف عن الإعلانات السابقة التي كانت لبناء وحدات استيطانية في المستوطنات غير القانونية القائمة، بينما يأتي هذا الإعلان لبناء مستوطنة جديدة كليا في قلب فلسطين استرضاء وإغواءً للمستوطنين المتطرفين من مستوطنة "أمونا" غير القانونية.
وأكد، أيضا، أن خطورة هذا الإعلان تكمن بأنه يمهد تدريجيا إلى الاستيلاء على المزيد من الأراضي الفلسطينية التي تقام عليها البؤر الاستيطانية غير القانونية المسماة "بالغي مايم" و"جيفات هاروه" و"أدي أد" شمال رام الله، وفي عمق الضفة الغربية، وتأتي هذه الإعلانات الأخيرة ليست فقط انتهاكا لقرار مجلس الأمن 2334 (2016) بل هي أيضا تعتبر خرقا خطيرا لاتفاقية جنيف الرابعة، لا سيما المادة 49 والمادة 33، وكذلك جريمة حرب بموجب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، الذي يحظر على السلطة القائمة بالاحتلال نقل جزء من سكانها بصورة مباشرة أو غير مباشرة إلى الأراضي التي تحتلها.
وأضاف أنه "من الواضح أن ليس لدى إسرائيل أي شعور بالخزي بشأن انتهاكها الصارخ للقانون الدولي وللرأي العام الدولي كما يبدو جلياً من إجراءاتها وسياساتها المستمرة، وهي تواصل توسعها الاستيطاني غير القانوني في جميع أنحاء الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية".
كما أعاد السفير منصور التأكيد على ما صرحت به عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، حنان عشراوي، بأن هذا الإعلان الأخير يثبت أن الحكومة اليمينية المؤيدة للاستيطان في ظل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو "أكثر التزاماً بتهدئة سكانها المستوطنين غير الشرعيين من الالتزام بمتطلبات الاستقرار والسلام العادل ".
وأعرب منصور عن إدانة القيادة الفلسطينية بشدة لهذا الإعلان الإسرائيلي الأخير الذي يأتي في أقل من أسبوع واحد من تقرير الأمين العام للأمم المتحدة تنفيذاً لقرار مجلس الأمن 2334 (2016) الذي قدمه إلى مجلس الأمن في جلسة إحاطة شفوية في 24 آذار / مارس 2016 من قبل المنسق الخاص للأمم المتحدة والممثل الخاص للأمين العام، نيكولاي ملادينوف، حيث ذكر التقرير بوضوح، في جملة أمور، أنه على الرغم من أن القرار 2334، يطالب بأن "تتوقف إسرائيل فورا وكليا عن جميع الأنشطة الاستيطانية في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية"، إلا أن إسرائيل لم تتخذ مثل هذه الخطوات خلال الفترة المشمولة بالتقرير.
وأشار التقرير إلى أنه على العكس من ذلك، منذ اتخاذ القرار 2334 (2016)، حدثت زيادة ملحوظة في البيانات والإعلانات والقرارات المتعلقة ببناء المستوطنات وتوسيعها.
وفي هذا الصدد، رحب منصور بتأكيد الأمين العام اليوم من جديد، من خلال المتحدث باسمه، الذي أعاد التأكيد على النتائج الواردة في تقريره، وذكر مرة أخرى العقبة التي تعترض سبيل السلام التي تفرضها المستوطنات غير القانونية، وذكر أنه "يدين جميع الأعمال الانفرادية من هذا النمط التي تمثل تهديدا للسلام وتقوض حل الدولتين ".
وقال منصور "إن الإجراءات الإسرائيلية المتهورة التي استمرت وتصاعدت عمدا منذ اتخاذ القرار 2334 (2016)، تزيد من حدة التوترات ومن زعزعة استقرار الحالة الهشة على أرض الواقع، وأنه آن الأوان للمجتمع الدولي أن يتجاوز الإدانة والإعراب عن الغضب إزاء ممارسات إسرائيل الاستعمارية غير المشروعة وأن يبدأ باتخاذ إجراء عاجل وملموس يهدف لوقف هذه الممارسات ولمنع إسرائيل من مواصلة التصرف وكأنها دولة فوق القانون ودون عواقب، الأمر الذي مكنها من احتلال الأرض الفلسطينية واستعباد الشعب الفلسطيني لمدة 50 عاما"، مؤكدا أن ذلك "يرجع إلى حد كبير إلى أن المجتمع الدولي لم يتخذ بعد الإجراءات اللازمة والضرورية لوقف جرائم إسرائيل".
وتجدر الإشارة إلى أنه عقد بالأمس الاجتماع الشهري للمكتب التنسيقي لحركة دول عدم الانحياز الذي يشتمل على 120 دولة، حث فيه السفير منصور الحركة على المشاركة الفعالة في النقاش المفتوح بمجلس الأمن المزمع عقده في 20 أبريل/نيسان، حول الحالة في الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية، والتركيز في مداخلاتهم على إدانة الاستيطان والمطالة بتنفيذ قرار مجلس الأمن 2334.