ترامب ليس أوباما؟!

دونالد-ترامب.jpg
حجم الخط

الانتداب الذي تلقاه جيسون غرينبلت من الرئيس ترامب هو التواصل الى صيغة تسوية في الشرق الاوسط في غضون سنة. وقد وصل غرينبلت الى اسرائيل في الشهر الماضي بزعم أنه مثابة تلميذ، ولكن يتبين أن الرجل لا يتعلم بسرعة فقط بل بدأ منذ الان يربط الخيوط. والشرق الاوسط – بدء بالملك السعودي وانتهاء برئيس وزراء اسرائيل، يسير حوله على أطراف الاصابع.
خلف غرينبلت لا يقف رئيس مع ايديولوجيا ترى في انهاء النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني رؤيا وأمنية تمهيدا للحصول على جائزة نوبل للسلام. فقد تبنى ترامب فكرة الاشخاص المركزيين الثلاثة في مجال الامن الذين يحيطونه: وزير الدفاع الجنرال جيمس ماتس، رئيس مجلس الامن القومي الجنرال جون كيري ورئيس وزارة الامن الوطني الجنرال ه. ر. ماكماستر. وكان الجنرالات الثلاثة هؤلاء قادوا القوات في العراق وفي افغانستان واطلعوا على مدى السنين على تقارير استخبارية أشارت الى النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني كعامل يجعل صعبا على القوات المسلحة الأميركية الوصول الى الانجازات اللازمة في هذه النزاعات. وعلى حد فكرهم، فان النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني هو عائق يجب ازالته عن الطريق من أجل التقدم في المصالح الامنية، الاقتصادية والسياسية للادارة الأميركية في العالم العربي. ان إنهاء النزاع، حسب هذا الفكر، سيساعد الادارة ايضا في انهاء قضية داعش كتهديد اقليمي وعالمي.
هكذا بحيث أن موقف ترامب من المستوطنات، من المناطق ج، من نقل السفارة الى القدس وما شابه ليس مصابا بالرومانسية بل تحركه مصلحة استراتيجية أميركية صرفة. وتصميم غرينبلت، بتكليف من رئيس من شأنه أن يرد بشكل غير متوقع اذا ما فشلت الصفقة الشرق أوسطية التي يعدها – يدفع الى أن ترتعد الفرائص في القدس. وبالفعل، فان المداولات في الكابنت يوم الخميس الماضي والتي عنيت بتجميد متدرج للمستوطنات وبادرات طيبة واسعة في المناطق ج – حسب الطلب الأميركي – جرت في صمت اعلامي غير تقليدي. في القدس بدأوا يشتاقون لاوباما في وقت مبكر اكثر مما كان متوقعا.
في الاسبوع الماضي، في احتفال الوداع للقائم باعمال رئيس مجلس الامن القومي، يعقوب ناغل، أثنى رئيس الوزراء عليه وقال انه حقق اتفاق المساعدات الامنية الاكبر الذي حصلت عليه اسرائيل في أي وقت من الاوقات. ولوحظ الوزير شتاينتس وهو يقول بهدوء: «من حظنا أننا عقدنا الصفقة مع الادارة السابقة». لقد بدأوا عندنا بالادراك بانه مع كل العداء للسياسة الاسرائيلية في المناطق، فقد ساهم اوباما في أمن اسرائيل أكثر من أي رئيس أميركي آخر. ففي فترة ولايته تلقت اسرائيل، اضافة الى المساعدات الامنية السنوية الدائمة بمبلغ 3 مليار دولار، علاوة 200 مليون دولار بمتوسط سنوي لمشاريع خاصة. واذا لم يكن هذا بكاف، فقد رتب اوباما لجهاز الامن ميزانية ثابتة للعقد القادم، سيسمح له بان يتحرك دون قلق مالي.
من شأن ترامب أن يكون أقل لطفا بكثير اذا ما خرب سموتريتش وارئيل على صفقته. وعندما يعلن أبو مازن انه يسافر للقاء مع ترامب وهو متفائل جدا يجب أن يشتعل ضوء أحمر في مكتب رئيس الوزراء. لقد كان اوباما «إمعة»: فقد حدد لاسرائيل «خطوطا حمراء» في المستوطنات، ولكنه لم يجب منها ثمنا حين اجتازتها. فقد سيتصرف ترامب اذا ما افشلته في المفاوضات الاقليمية؟ لا يمكن أن نعرف. ولكن عندما لا يحصل على ما يريده – فانه يعاقب.
ترامب لم يتردد في مطالبة حلفائه الاقرب – اليابان، كوريا الجنوبية والمانيا – بأن يزيدوا جدا حجم ميزانياتهم الامنية، لانه غير مستعد بعد اليوم لان يتحمل اساس عبء الدفاع عن أمنهم. وهذه دول غنية. فأي سبب لديه كي لا يطلب ذلك من إسرائيل ايضا، اذا لم تبدي المرونة السياسية المطلوبة منها.
لم يتبقَ لرؤساء جهاز الامن الا أن يأملوا وهم على طاولة عشاء الفصح بانه اذا لم يضف ترامب أغورة لميزانية الدفاع – فهذا يكفينا. اذا ما تركنا لحالنا ولم يلمس ميزانية المساعدات الامنية التي اعطانا اياها اوباما – فهذا يكفينا.

عن «يديعوت أحرونوت»