القوائم النسوية في الانتخابات المحلية

ريما كتانة نزال.jpg
حجم الخط

في أعقاب نشر لجنة الانتخابات المركزية القوائم الانتخابية لمجالس الحكم المحلي، من أجل إتاحة المجال أمام تقديم الطعون، التزاماً بالقانون. نظم منتدى النوع الاجتماعي في الحكم المحلي مواجهة بين المرشحات وقيادة الأحزاب، لوضعهم أمام نتائج تعهداتهم، تجافيها القداسة.
في لغة الأرقام، بلغت نسبة مشاركة النساء في القوائم الانتخابية المقدمة، 26% من إجمالي المرشحين. ترأست النساء ست قوائم انتخابية. تقدمت قائمتان اقتصرت عضويتها على النساء، إحداها في دائرة بني نعيم الانتخابية التابعة لمحافظة الخليل، التي تميّزت ولأول مرة بأن يقف تنظيم سياسي خلف تشكيلها، الجبهة الديمقراطية. ظهرت القائمة النسوية الأخرى في دائرة جيناتا بمحافظة بيت لحم. ضمت القائمتان 15 عضوة.
كما لفتت النظر قوائم محددة تميزت: بتفوق عدد المرشحات على المرشحين، مقاربتها في العدد، تقاسم الرجال والنساء بعض القوائم، التناصف. وهي ظواهر برزت في قوائم عام 2012 وفي قوائم الانتخابات المؤجلة عام 2016. مطلوب دارسة الجدي منها والمزيف من منظور المرأة.
لقد حظيت القوائم النسوية باهتمام الإعلام واستأثرت بالنقاش المجتمعي. ومن الجدير ذكره؛ أن ظهور القوائم النسوية رافق انتخابات المرحلة الثالثة من الانتخابات المحلية التي جرت بين عامي 2004 و2005. لدى انتقال النظام الانتخابي من نظام الدوائر المُطّبق في المرحلتين الأولى والثانية؛ إلى النظام النسبي الذي طُبق في المرحلتين الثالثة والرابعة.
نساء قرية "زيتا" في محافظة طولكرم أول من افتتحن المجال، تشكيل قائمة نسوية، لدى تقدم "فاطمة سلامة" لتسجيل قائمتها النسوية. حينها أعادت رئيسة القائمة اقتصار قائمتها على النساء، إلى تجاهل الرجال وجود النساء واستبعادهن عن الحوارات الجارية فيما بينهم؛ في عملية تشكيل القوائم.
بعد "زيتا" ظهرت قوائم: الخليل، وصفّا، ودورا، تباعاً. وسيستمر ظهورها ما دامت الذكورة المقيتة تسير بعكس تيار التقدم والتنمية، تضع العصي في دواليب حركة التغيير والحياة.
برأيي، إن القوائم النسوية لم تكن هدفاً أو خياراً إستراتيجياً للحركة النسائية الفلسطينية، ومن شكلنها هدفن إلى إيصال رسالة قوية جريئة وشجاعة، رسالة احتجاج وتظلُّم، رسالة رفض الاستبعاد والإقصاء. رسالة اقتحام إيجابي، عوضاً عن اللجوء إلى الاكتفاء بالتذمر والبكائيات المعهودة، لقد قمن بفعل إيجابي بالتوجه للناخبين مباشرة، يطلبن توجيه البوصلة نحو مبدأ المواطنة. استخدمت النساء السلاح الذي طوره الفلسطينيون تحت الاحتلال، سلاح الكبرياء.
من جانب آخر، شهدت قوائم 2017 تطوراً طفيفاً على صعيد الترتيب، لقد احتلت المرأة المرتبة الأولى في ثماني قوائم بما فيها القوائم النسوية. مع الانتباه أن متعهدي تشكيل القوائم؛ ما زالوا يفضلون وضع النساء في الموقع الخامس، آخر مربوط الفئة الانتخابية حسب القانون. كأنه القالب الأنثوي الخاص، عن قصد لدى البعض أو فهم واعتقاد مغلوط أن المقعد الخامس اشتراط قانوني.
في قراءة قوائم المناصفة أو القوائم التي فاق عدد النساء فيها عدد الرجال. يذهب ظني إلى أنها أحد المظاهر الخدّاعة، لأن ليس كل ما يلمع ذهباً. فليس من المتوقع أن تحظى النساء في دائرة "رافات" من محافظة "سلفيت" مثلاً بمقاعد تفوق بعددها ما قسمته لهن "الكوتا"!
في تلك القوائم التي أشير إليها: أظهرت ترؤس الرجال قوائم جميع أفرادها من النساء، وأظهر غيرها قوائم حصل فيها الرجال على أول أربع مقاعد ومن ثم تلاها خمس نساء، أو تناصَفَ الرجال والنساء قائمة من ثمانية مقاعد احتكر فيها الرجال المقاعد الأربعة الأولى، بما أوصل عدد النساء في الدائرة إلى 21 عضوة مقابل حصول الرجال على 17 مقعداً!
ليس كل ما يلمع في القوائم ذهباً. الطريق واضح أمام من يريد توفير فرص تسهم في إيصال النساء بنسب تتعدى "الكوتا". فالنساء تميِّز بين القوائم الإيجابية حقاً وبين القوائم الإيجابية ظاهراً، وتعرف القوائم التي تستخدم النساء للنجاح في تشكيل قائمة، في ضوء رفض الرجال التواجد في قوائم لا توفر لهم النجاح.  
لا شك في أن تحليل القوائم الانتخابية من خلال الأرقام تعطي انطباعاً عاماً قريباً من الحقيقة، لكن إثبات الحقيقة وتعميق فهم التحولات الجارية على نوازع المجتمع ومواقفه من مشاركة المرأة في هيئات الحكم المحلي، يستلزم دراسة من نوع آخر، النزول إلى المجتمع للوقوف على المواقف المختلفة من المشاركة النسوية، مقاربة العوامل المؤثرة في خيارات المجتمع الانتخابية، وتقييم المفاعيل التي أحدثها تبني "الكوتا" الانتخابية وتطبيقها على الأرض.
إنها مهمة أضعها أمام المنتدى.