تناولت وسائل الإعلام أمس السبت خير يقول، أقدمت أجهزة الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية مساء اليوم السبت، على تسليم الاحتلال الإسرائيلي عنصرين من الوحدات الخاصة "المستعربين" بعد اقتحامهما حي رفيديا بنابلس. وفي تعليق لإحدى الصديقات على الخبر قالت لي زمان كانوا يقولو السلطة الفلسطينية وكنّا نتخانق عشان نكرس اسمها السلطة "الوطنية" الفلسطينية. هلأ فهمنا غلطنا. غداً الأثنين ١٧/٤/٢٠١٧ سيبدأ الأسرى الفلسطينيين إضرابا عن الطعام والذي يأتي في ظل حالة ملتبسة من عدم وحدة الحركة الأسيرة والضبابية التي رافقت الإعلان عن الإضراب والمشاركة فيه من جميع الأسرى. وما تشهده الساحة الفلسطينية من مجزرة الرواتب والقرارات غير المسبوقة التي سيتخذها الرئيس محمود عباس ضد حماس أو بالأحرى ضد الناس الذين يدفعون ثمن الإنقسام ومعاناتهم الكبيرة منذ عقد من الزمن، وإنعكاس لك على إضراب الأسرى وغياب الوحدة والتضامن الشعبي معهم وإسنادهم بفعاليات وطنية تعم أرجاء الوطن.
كل ذلك والتهديد والوعيد ضد غزة باتخاذ إجراءات عقابية ضدها اذا لم تستجب لشروط الرئيس عباس والعودة لحضن الشرعية، فالموضوع لا يتعلق بالشرعية من أجل إنهاء الإنقسام والتأسيس لشراكة وطنية والحال هذا قائم منذ عقد من الزمن، وعندما يتعلق الموضوع بالمشروع الوطني يجب التأسيس له برؤية وطنية وليس بتوجه وحلول فردية حتى اصبح مفهوما انها رؤية الرئيس الذي لم يستشير او يشارك اللجنة المركزية لحركة فتح في قراراته او حتى توجهه.
فكيف سيشارك الكل الوطني في تقرير مصيرنا، عندما يدور الحديث عن عملية سياسية منتظرة وكما اطلق عليها "صفقة القرن" وتوجه الرئيس الامريكي دونالد ترامب بإيجاد صيغة او حل للقضية الفلسطينية، والرئيس سيذهب لواشنطن لتقديم أوراق اعتماده بانه شريك في العملية السلمية المنتظرة والمشاركة في صفقة سياسية ملامحها لا تبشر بخير، ولن تنصف الفلسطينيين عن طريق المتناقض في رؤيته والمتماهي وادارته مع الرؤية الإسرائيلية ويحاول ان يقدم شيئ في الملف الاسرائيلي الفلسطيني، حيث فشل سابقيه ولم يستطيعوا إجبار إسرائيل على الاعتراف بالحقوق الفلسطينية.
والسؤال ماذا سيقدم ترامب للفلسطينيين، هل يسجبر اسرائيل على الانسحاب من الاراضي الفلسطينية المحتلة وتقرير الفلسطينيين مصيرهم ونيل حقوقهم؟ الحديث يدور عن صفقة سياسية سيقدمها ترامب وهي ستكون كوعد الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الإبن للرئيس عباس وكما هو عهد بارك أوباما له بإيجاد حل للقضية الفلسطينية. فخبرتنا مع الإدارات الامريكية السابقة أوصلتنا لنتائج صفرية وتغول الإحتلال وإستمراره في المشروع الصهيوني الإستيطاني الكولونيالي.
قرار الرئيس عباس بمنح حماس فرصة لغاية ٢٥/٤/٢٠١٧، للتسليم أو أنه سيتخذ إجراءات غير مسبوقة ضد حماس، تفهم أنها ورقة إعتماد الرئيس عباس أمام ترامب، وأنه شريك في العملية السلمية، فالقرار انفعالي شخصي سينتج عنه عقوبات جماعية، وبعد عقد من الانقسام يعتقد ان حماس ستذعن له. فالقرار لا علاقة له بإنهاء الانقسام انما تكريس وتفرد ابو مازن في اتخاذ القرارات.
وليس بهذه الطريقة تحل ازماتنا والاستجابة للضغط الامريكي وإعادة تجريب المجرب، وهو تكريس لحال التيه والضياع ولن يحل أزماتنا. فالحل في حالتنا لا يكون بالضغط وإخضاع طرف لصالح طرف آخر. حتى لو كان مدعوما بقرار عربي ودولي، فصعب ان يمر هكذا قرار بسهولة.
وحماس اتخذت قرار بالتصعيد وعدم الاستجابة لتهديد الرئيس. كما أن إسرائيل الذي لم يصدر عنها موقف واضح وصريح تجاه خطوات الرئيس عباس، الا انها عبرت على لسان منسق أعمال الحكومة الاسرائيلية باتهام السلطة بعدم قيامها بواجبها تجاه قطاع غزة والاوضاع المتفجرة فيه، وكأنه يعبر عن موقف الحكومة الإسرائيلية بعدم الرضا عن قرارات الرئيس، فإسرائيل لن تسمح بتفجر الإرضاع الانسانية أكثر مما هي متفجرة، كما انها معنية باستمرار الانقسام وتكريس فصل غزة.
خطة الرئيس عباس غير واضحة ولا خطة له لاستعادة الوحدة وغزة لحضن الشرعية اضافة الى تخوف الناس وخشيتهم من رد فعل حماس، ولا نوايا حقيقية بين أطراف الخلاف بانهاء الانقسام وحماس مستمرة في التفرد بغزة وعباس مستمر بالتفرد في الضفة والمشروع الوطني.
وبعد عشر سنوات هل من المعقول استجابة حماس خلال أيام لشروط ابو مازن وتهديده. حالنا منذ عشر سنوات من فشل الى فشل ولا يزال ابو مازن مقتنع ان ترامب سيمنح الفلسطينيين حقوقهم، والمحزن ان كثير منا بدأ مقتنع بوجهة ورؤية ابو مازن بالضغط على غزة والقول انها فرصة لإنهاء الانقسام، فمن سيدفع الثمن الناس الذين يستغلوا كوقود في معركة الحفاظ على التفرد والشرعيات المزعومة، وغياب اي فعل وطني من الفصائل الوطنية والإسلامية لمواجهة هذا العبث واهدار كرامة الناس وانتهاك حقوقهم من أجل سلطة لم تعد تحمل من اسمها سوى التسلط والقمع والاستفراد، فالقرارات غير المسبوقة نتائجها تكون غير مسبوقة.