أعادتنا مسيرات التضامن والانتصار لإضراب الأسرى الفلسطينيين في الوطن الى أيام المجد والعز في الانتفاضة الكبرى 1987 يوم كان الناس على قلب رجل، واحد هتافهم وشعارهم واحد، نعم كانت الفصائل تُبدي تمايزاً على قاعدة "تمايَزوا يا قوم"، الا أن المسيرات كانت للوحدة، لوحدة الشعار لوحدة الهدف، أعادتنا رغماً عنا الى الأيام الخوالي، يوم كانت وحدة النضال الوطني ويوم كان الشعار عاش النضال الموحد.
تستطيع الحركة الأسيرة الفلسطينية أن تفاخر انها وحَّدتنا بأمعائها الخاوية وحَّدتنا بتوحيد أدوات نضالها، يستطيع مروان البرغوثي ان يفاخر انه ساهم بتوحيدنا من زنزانته كما كان يوحدنا وهو في الميدان، الا أننا يجب ان نظل الأمناء على الوحدة الوطنية وأن لا نترك ثغرة يدخل منها من شاء ان يرى الجماهير تتضارب بالشعارات وتشتم رموزاً وتلعن آخرين غير الاحتلال.
اتفق تماما أن مفاهيم الوحدة الوطنية ليست ذاتها عام 1987 وليست ذاتها عام 1996 عام هبة النفق، وليست هي عام 2001، ولكنها لا تحتاج الى تعميق الخلاف وتوتير المناخ الوطني العام ومن ثم نستعيد تعريفها بعد ان تكون الطيور طارت بأرزاقها، ولن ينقذنا غياب دور الجامعات الفلسطينية في إنتاج أوراق موقف تستعيد الاعتبار للمناخ الوطني والوحدة الوطنية وتستخلص إجابة ليست فصائلية وليت منحازة وليست مفرطة في التشاؤم والافتراضات المسبقة حول " الى أين نحن ذاهبون؟".
استطاعت الحركة الأسيرة ولكن هناك من يجب ان يكمل الأمر، تحقيقَ وحدة الشعب الفلسطيني في أماكن تواجده كافة حول مطالبه، وتلك مسألة غابت منذ زمن طويل، هناك من يبكي القدس دون أن يفعل شيئا للقدس ويلوم من يسكن القدس ورام الله عل قاعدة ان تلك مسؤوليته فقط.
بات مطلوبا ان تغير المؤسسات غير الحكومية والأندية الشبابية والمؤسسات النسوية ترتيب أولوياتها في ظل إضراب الأسرى عن الطعام، ويجب ان تضع على رأس أجندتها التضامن والانتصار للأسرى بصور متعددة، أما الوزارات فباتت مطالبة بالانتصار للأسرى دون تعطيل العمل بفعاليات توصل صوت الوزارات، ولا يضر ان يقود هذا الحراك مكتب الناطق بلسان الحكومة ومركز الإعلام الحكومي وكفاءات حكومية عاملة في العلاقات العامة والإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي.
لم تكن الحركة الأسيرة ترمي من إضرابها عن الطعام إعادة الصورة النمطية للتضامن مع الأسرى من خلال خيمة يسكنها أُمهات وأخوات وعمات وأبناء الأسرى، بل أرادوها نقلة نوعية باتجاه حركة شعبية مناصرة ومنتصرة للأسرى حتى نيل حريتهم.
الا ان هذا جميعه لا يعفي فصائل العمل الوطني من مسؤولياتها لأن أولئك هم جنودهم وأسراهم أولاً وأخيراً، وليسوا أسرى الأُسرة وليسوا أسرى تلك القرية او المخيم او المدينة او تلك العشيرة.
ونستطيع الضغط من خلال مقاطعة المنتجات الإسرائيلية للانتصار للأسرى، وهذه فعالية لا تتطلب جهدا ولا غيره بل هي فعل فردي بسيط يقوم به كل مواطن بذاته ولذاته.
طريق الحرية تبدأ بالتحرر من فكر الظالمين
26 سبتمبر 2024