وزير الدفاع الأميركي يتولى «حقيبة الخارجية» في جولة بالمنطقة!

هاني حبيب.jpg
حجم الخط

باستثناء أن منصبه الرسمي هو «وزير الدفاع» فإن الجولة التي قام بها ولا يزال جيمس ماتيس إلى بعض الدول العربية حتى الآن، تقوم أساساً على مباحثات ذات طابع سياسي بامتياز، كان يمكن أن يقوم بها وزير الخارجية، لذلك قالت بعض وسائل الإعلام الأميركية، إن هذه الجولة لا تكتسب طابعاً فنياً، أي لا تقوم على مفاوضات بشأن تزويد بعض الدول بالأسلحة، او الاتفاق على مناورات جماعية أو ثنائية، أو توطيد أسس التعاون العسكري، بشكل أساسي، ومن خلال جدول أعمال هذه الجولة وكذلك المؤتمرات الصحافية التي عقدت إثر الزيارات التي تمت، تؤكد على أن القضايا السياسية، الثنائية والجماعية، وفي الجوهر منها مسألة التحالفات الاستراتيجية، كانت المهمة الأساسية لجولة ماتيس في هذه المنطقة.
حتى الآن، قام ماتيس بعقد مباحثات مع قادة ثلاث دول عربية، السعودية ومصر وقطر، إضافة الى اسرائيل، ومن الجدير بالملاحظة، أن وزارة الدفاع الأميركية لم تعلن عن جدول جولة ماتيس، إلاّ على نطاق محدود، أي اننا عرفنا مؤخراً انه سيزور أيضاً جيبوتي. وحسب مصادر إعلامية أميركية، فإنه قد يزور أفغانستان وربما العراق، لذلك فإن وزارة الدفاع، تتحفظ على الإعلان عن كامل هذه الجولة لأسباب أمنية في الغالب، مع أن بعض المراقبين، اعتبر أن زيارته لكل من قطر وجيبوتي، لا تتعلق بالأمور السياسية أو الدفاعية بل بهدف تفقد القوات الأميركية في قواعد الولايات المتحدة، ويلاحظ في هذا السياق، أن ماتيس وصل إلى قطر متفقداً قاعدة «العديد» التي تعتبر من أكبر وأضخم قواعد أميركا العسكرية في الخارج، في وقت لا يزال جدول أعمال هذه الجولة في بعض الدول الأخرى في شمال إفريقيا والمغرب العربي، مجالا للتخرّصات وغير واضحة المعالم، حتى اللحظة.
هذه الجولة السياسية بامتياز لوزير الدفاع الأميركي، تأتي إثر تداعيات الضربة الأميركية للمطار السوري في الشعيرات، تداعيات تؤشر إلى عودة الشرطي الأميركي إلى المنطقة مزوداً بكل أسلحة القتل والموت، ومعها تهديدات وإنذارات، والأهم، خريطة جديدة للتحالفات في مواجهة تحالفات، في ظل تراجع الدور الروسي المتعاظم في المنطقة انطلاقاً من الساحة السورية، بالتوازي مع عودة الحديث بزخم متعاظم حول التحالف السني وإسرائيل في مواجهة مع إيران، دون تجاهل بطبيعة الحال للشعار التليد للسياسة الأميركية. محاربة الإرهاب، مع ذلك لا يجب تجاهل معطى بالغ الأهمية، مع أن واشنطن تريد له أن ينزوي إلى الزاوية وعدم التطرق له، ونعني هنا تراجع أميركا عن تهديداتها لكوريا الشمالية، وتراجعها أيضاً عن الدور الصيني الذي كانت واشنطن قد أشارت إلى أن بإمكانها إنهاء مسألة كوريا الشمالية من دون مساعدة من الصين، ما سمعناه خلال اليومين الماضيين يشير الى تراجع أميركا، أيضاً، عن ذلك بالقول ان الدور الصيني مطلوب دائماً للتوصل إلى حل مع كوريا الشمالية ونزع سلاحها النووي.. مع ذلك، فإن ماتيس أثناء جولته، وفي المؤتمرات الصحافية التي أعقبت زيارته للعواصم العربية وإسرائيل، لم يتطرق إلى هذه المسألة، لأنها ذات إشارات سلبية، يجب تجاهلها وهو يعيد تنظيم تحالفات أميركا الجديدة ـ القديمة في المنطقة، التي باتت من خلال هذه الجولة، إشارة واضحة إلى أن تركيز واشنطن في المرحلة القادمة، سياسياً وعسكرياً، ينصب عليها بالدرجة الأولى في سياق سياستها الدفاعية وفي سياق سياستها الخارجية على حد سواء!
استقبلت إسرائيل ماتيس ببعض التحفظ، ولم تكن راضية عن توليه وزارة الدفاع الأميركية، ذلك أن له مواقف تنتقدها الدولة العبرية، فهو مع الالتزام بعدم نقل السفارة الأميركية إلى القدس، ويؤيد بقوة حل الدولتين، منتقداً الاستيطان الإسرائيلي، مع ذلك، عاد ماتيس وتراجع نسبياً وهو يفسر هذه المواقف أثناء خضوعه للاستجواب في الكونغرس لنيل ثقته لتولي منصب كوزير للدفاع، إلاّ أن موقفه من حزب الله ومن إيران يخفف من حدة الانتقاد الإسرائيلي لسياسته، وقيل على صفحات الصحف الأميركية إن مواقفه «المتوازنة» قد تجعله أكثر قدرة على تناول الملف الفلسطيني ـ الإسرائيلي بديلاً عن تولي وزير الخارجية، المساند بشكل مطلق لإسرائيل، غير أننا لم نجد في تصريحاته إثر اجتماعه مع وزير الخارجية ورئيس الحكومة والدولة في إسرائيل، أي جديد يوحي بشكل واضح على أن هذا الملف تمت دراسته بهدف استئناف العملية التفاوضية بشكل جدي!!