الأبعاد الأمنية والعسكرية

تحليل حرب الكلام وألغام الحقائق.. أهداف "القسام" من الرسائل المتتابعة والنتائج المترتبة؟!

حرب الكلام وألغام الحقائق.. أهداف "القسام" من الرسائل المتتابعة والنتائج المترتبة؟!
حجم الخط

بثت كتائب القسام الذراع العسكري لحركة "حماس"، مؤخراً رسائل مصورة، تزامناً مع يوم الأسير الفلسطيني وانطلاق معركة "الحرية والكرامة" التي خاضها أكثر من 1500 أسير فلسطيني يترأسهم عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" الأسير مروان البرغوثي، رفضاً لسياسات الاحتلال وللمطالبة بحقوقهم.

ويرى مراقبون أن هذه الفيديوهات، تأتي ضمن سعي حماس لإجراء صفقة تبادل للأسرى، وذلك بعد نشر فيديو حول جنود الاحتلال الأسرى في غزة، الأمر الذي يؤكد ما نفاه رئيس الوزراء الإسرائيلي سابقًا، بأن الجنديين هدار غولدن وشاؤول أرون أحياء ويطالبون عائلاتهم بالتحرك للإفراج عنهم.

البعد العسكري والأمني

قال الخبير في الشأن العسكري اللواء واصف عريقات، إن تلك الفيديوهات، تُعد بمثابة رسالة للمجتمع الإسرائيلي، بأن ليس كل ما تقوله صحيح، كما يعطي مؤشراً على أن قيادتهم ميتة وغير موجودة على قيد الحياة.

وأشار عريقات، خلال حديثه لوكالة "خبر"، إلى أن الرسالة الأخرى لذوي الجنود الإسرائيليين، بأن أبنائكم موجودين، ويتوجب عليكم الضغط على قيادتكم من أجل التفاوض حول صفقة تبادل للأسرى.

وأوضح عريقات أن الفيديو يؤكد قوة موقف المقاومة ، على اعتبار أن ما يدور معركة سياسية بامتياز، وينفي أيضاً وجود معلومات حقيقية لدى إسرائيل بشأن جنودهم الأسرى.

واعتبر عريقات أن الفيديو يمثل عنصر قوة للمقاومة وضعف لإسرائيل، بحيث استطاعت القسام أن توثق الفيديو بالصوت والصورة، وهذا يؤكد صدق رواية المقاومة خلال أي معركة.

وشدد عريقات على أن أهالي الأسرى الإسرائيليين المفقودين في القطاع، يشكلون ورقة قوية وضغط بيد المقاومة الفلسطينية، خاصة أن الاحتلال الإسرائيلي أدلى بمعلومات كاذبة لذويهم، وهذا ما كشفته المقاومة من خلال بث فيديو يؤكد أنهم أحياء.

حرب كلامية

بدوره، قال المحلل السياسي جهاد حرب، إن كتائب القسام أرادت إيصال رسالة إلى الحكومة الإسرائيلية وأهالي الجنود المختطفين في القطاع، تزامناً مع إضراب الأسرى الفلسطينيين الذي انطلق الذي في السابع عشر من شهر أبريل الحالي.

وبيّن المحلل السياسي إبراهيم المدهون، أن ما بثته كتائب القسام مؤخراً، يعتبر عملاً إبداعياً يضاف للحرب النفسية ضد الاحتلال الإسرائيلي، ويعمل على تحريك ملف جنود الاحتلال المفقودين، وصولاً إلى إتمام صفقة تبادل للأسرى، على غرار صفقة وفاء الأحرار.

وأوضح حرب، خلال حديثه لوكالة "خبر"، أن القسام يهدف من نشر تلك المقاطع إلى مخاطبة أهالي الجنديين الإسرائيليين، من أجل الضغط على الحكومة الإسرائيلية، للرضوخ لشروط المقاومة والوصول لصفقة تبادل للأسرى بشروط تفرضها المقاومة.

ولفت المدهون إلى أن الفيديو يأتي تزامناً مع إضراب الكرامة الذي يقوده الأسير مروان البرغوثي، وأيضاً رسالة بأن المقاومة لن تترك وسيلة للضغط على الاحتلال من أجل الإفراج عن الأسرى، وإبرام صفقة ليست أقل من صفقة وفاء الأحرار.

واعتبر حرب أن عدم معرفة إسرائيل لمصير الجنديين سواء كانوا أحياء أم أموات، يشكك في رواية رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، وبالتالي هذا الفيديو حاول أن يظهر أنهم أحياء، الأمر الذي يدل على أن القسام لديه أوراق ضغط قوية في أي صفقة تبادل قادمة.

ونوه المدهون، إلى أن المقاومة ترغب بتعزيز الحقيقة لدى أهالي الجنود، وأن تعلمهم بأن أبنائهم أحياء ويمكن الإفراج عنهم من خلال صفقة تبادل، وذلك تزامناً مع المشادة الإعلامية التي حدثت بين أهالي الجنود المفقودين والحكومة الإسرائيلية.

صفقة قريبة

وأشار حرب إلى وجود حديث عن وساطة دولية جرت خلال الفترة الماضية، ولكن القسام يريد أن يحسن من شروطه من خلال الضغط على الحكومة الإسرائيلية، باستخدام كافة وسائل الضغط، ومنها شريط الفيديو الذي تم نشره، والذي يوحي بأن هناك جنديين أحياء بجعبة المقاومة.

وأوضح المدهون، أن إجراء أي صفقة قادمة مرتبط  بإحداث تغير جوهري على بيئة الحكومة الإسرائيلية، كونه غير جدي في تقديم عروض للوصول إلى صفقة بحجم وفاء الأحرار.

وعقب نشر الفيديو، حملت والدة شاؤول أرون نتنياهو المسؤولية الكاملة في قضية ابنها قائلة: "إن إعادة ابني من غزة يجب أن يكون على رأس أولويات رئيس الوزراء والحكومة".

وبيّن المدهون، أن الأمر الذي يميز الفيديو، أنه خاطب عاطفة أمهات الجنود اللواتي فقدن أبنائهن، وبالتالي يشكل ضغطاً على الاحتلال في الإسراع بتحريك الملف، مشيراً إلى أنه من المبكر الحديث عن صفقة قادمة، بسبب وجود قرار إسرائيلي بعدم التعاطي مع القضية.

ولفت حرب إلى أن رسالة أهالي الجنود المختطفين تأتي للضغط على الحكومة من أجل الوصول لاتفاق تبادل للأسرى، وبالتالي قد يفتح المجال أمام صفقة جديدة على غرار صفقة عام 2011م.

وقال المدهون، إن الفيديو سيكون بمثابة بداية لتحرك جدي من قبل هاتين العائلتين، للضغط على حكومة الاحتلال من أجل إجراء صفقة قادمة، مؤكداً على أن الضغط من قبل هاتين العائلتين سيقلل من الفترة الزمنية التي يتم بموجبها إتمام صفقة تبادل.

ونشرت "كتائب القسام" الذراع العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، مساء السبت الماضي، مشاهد حصرية تنشر لأول مرة من تجهيزات عملية "نذير الانفجار والدمار" التي نُفذت في موقع "كرم أبو سالم".

وأوضح حرب، أن القسام يهدف من نشر الفيديو، إلى تحقيق رسائل رئيسية أولاً للفلسطينيين بأن حركة حماس ما زالت تمتلك قوة لمواجهة الاحتلال، وأن بجعبتها أسرار يمكن الحديث عنها خلال الفترات القادمة.

أما الرسالة الأخرى، فهي موجهة للحكومة الإسرائيلية مفادها أنه في حال نفذت إسرائيل عدواناً جديداً بحق قطاع غزة، فإن القسام سيكون له قوته في صد أي عدوان.

وتابع المدهون، في معرض حديثه لوكالة "خبر"، بأن الفيديو يأتي تزامناً مع ذكرى العملية، بهدف كشف بعض الأوراق التي بحوزة كتائب القسام، خاصة أن هذه العملية انفجرت شراراتها ضد الحصار، لافتاً إلى أنها رسالة تحذيرية من القسام بأن استمرار الحصار على غزة سيؤدي إلى انفجار وشيك.

مواجهة قادمة

وشدد حرب على أن كافة التصريحات، لا تشير إلى إمكانية الذهاب لحرب مع إسرائيل خلال الأيام القادمة، مشيراً إلى أن حكومة اليمين المتطرف قد تقوم في أي لحظة بمواجهة، من أجل الخروج من الأزمات الاجتماعية والسياسية التي تعصف بحكومة إسرائيل.

في حين استبعد المدهون رغبة الطرفين بالذهاب نحو معركة جديدة، وذلك كون المقاومة تسعى إلى تجنيب شعبها ويلات الحروب، في حين الاحتلال يعلم أن العدوان سيجابهه تحدي وصمود من أبناء القطاع.

وبالحديث عن وسم أطلقته القسام باللغتين العربية والعبرية، وهو "#حكومتكم_تكذبكم"، قال المدهون إن هدفه الوصول لعائلات الأسرى و التشكيك برواية الحكومة الإسرائيلية، مضيفاً أن له مدلولات حقيقة في جميع الإصدارات السابقة التي تتمتع بالمصداقية وبالتالي، تنفي رواية الاحتلال الكاذبة التي تحاول الالتفاف على الحقيقة.

وأشار إلى أن الاحتلال يسعى لتجاهل قضية الأسرى كونه يشكل عبئاً على قيادة حكومة الاحتلال، وبالتالي هناك شبه اتفاق ضمني بين الأذرع الرئيسية بقيادة الكيان الأمنية والعسكرية والسياسية في التغاضي وتشويه الحقيقة عن الأسرى.

واعتقد المدهون أن المقاومة لن تقبل بأقل من صفقة وفاء الأحرار، من حيث الحجم والنوع والطريقة، مشدداً على أن ما تمتلكه المقاومة في الصفقة القادمة، أكبر من الصفقة السابقة، الأمر الذي يدفعها للتشدد أكثر وصولاً إلى إبرام صفقة مشرفة.