ضاعت إحدى الفرص جراء انتصار اليمين المتطرف في انتخابت 2015 ، حيث تأجل الاصلاح الكبير في «الشاباك»، في «الموساد»، وفي مجلس الأمن القومي. فمنذ نحو خمس سنوات وقانون هذه الاجهزة عالق في مكان ما هناك في الجوارير الافتراضية للمستشار القانوني للحكومة، ولا يبدو أن احدا سينزعها من هناك. والحجة: معارضة رئيس «الموساد» الحالي.
وفضلا عن القانون الذي لم يسن، فان هذه الأجهزة بحاجة عاجلة الى إصلاح شامل. ولا سيما «الشاباك». ما هي اسباب الحاجة الى الاصلاح؟ كل الاسباب التي في العالم. بدءاً بالخفة التي لا تطاق في القاء المعتقلين الى السجن بلا محاكمة، عبر غموض التحقيقات في عنف افراد الشرطة والمستوطنين، وحتى التصلب الذي لا يطاق في المعالجة العنيفة للنماذج التي وان كانت أجرمت ولكن ليس بوسعها أن تضر. مثل مردخاي فعنونو، جاسوس الذرة الذي حسب الجلبة التي أحدثها فإن حبسه أوشك على تفجير بطارية النووي الاسرائيلية، أي ابادة الدولة. وقد افرج عنه في 2004 بعد 18 سنة في السجن، 11 منها في العزل التام. قبل بضعة ايام من الافراج عنه علقت صدفة، كمواطن من الشارع، بمكتب يحيئيل حورب، رئيس مجلس الامن القومي الاسطوري. يا حيليك (نحن لسنا صديقين حقا ولكن هذا اسمه)، قلت له، أعطه بطاقة سفر في اتجاه واحد وانس هذا الموضوع.
ولكن لحورب وللجهاز حساباتهما الخاصة. خرج فعنونو مباشرة الى مهرجان عالمي احتفل بغباء اسرائيل مع رزمة القيود، بعضها ثأري، بعضها عديم الجدوى. وبدأ محامياه ميخائيل سفراد وافيغدور فيلدمان يسنزفان محكمة العدل العليا بالالتماسات لالغائها.
في كانون الاول 2013 ردت محكمة العدل العليا الالتماس السابع. ورفع الثامن في ايلول 2014. وكان يسر النيابة العامة ان تبلغ القضاة بـ «تخفيف ذي مغزى» وبموجبه «يحق للملتمس حتى دون الحصول على اذن مسبق ان يجري حديثا مصادفا شفويا مع مواطنين اجانب أو مقيمين اجانب على ان يكون هذا حديثا لمرة واحدة ويجري وجها لوجه، ولم يخطط له مسبقا، وفي مكان عام مفتوح للجمهور الغفير ولمدة زمنية لا تزيد عن 30 دقيقة. ويشدد درءا للشك، على ان الحديث المسموح به مع الاجانب لا يتم خطيا او بوساطة أي نوع من أنواع الاتصال أو وسائل الاتصال، بما فيها الانترنت».
في «يوم الاستقلال» الأخير خرج فعنونو للتجول في شوارع شرقي القدس. ومن مثله يعرف كيف يقدر الاستقلال بعد 18 سنة في السجن، 11 في العزل التام. فتحدث حديثا قصيرا مع سائح، قس نرويجي. وحسب شروط الافراج عنه، محظور عليه أن يجري حديثا مع الاجانب لاكثر من نصف ساعة. فعنونو، الذي يحذر يد جهاز الامن (قبل بضع سنوات حبس لثلاثة أشهر عقب خرق مشابه)، بلع ذلك على الفور فيلدمان وسفراد. وعلى فرض أن هاتفه كان ملاحقا ويخضع للتنصت، قفز سبعة من رجال حرس الحدود وشرطية واعتقلوا فعنونو والقس معا. حققوا معهما بضع ساعات وافرجوا عنهما بالتحذير بعد أن تجادلوا لساعات في الموضوع الحاسم: هل تجاوز خط النصف ساعة.
الموضوع انه علق في المكان أجنبي آخر ثرثر معه، وبالتالي بات الحديث يدور عن اثنين، أي نصفي ساعة. وعدت بنكتة وأوفيت. والضحك هو علينا.
عن «معاريف»
بوريس جونسون: نتنياهو زرع أجهزة تنصت في حمامي الخاص
03 أكتوبر 2024