ذاكرتها كنز لا تحتويه الكتب

بالفيديو معمرة فلسطينية عاصرت العثمانيين والانتداب والنكبة تتحدث عن إجرام الاحتلال زمن الهجرة

معمرة فلسطينية عاصرت العثمانيين والانتداب والنكبة تتحدث عن إجرام الاحتلال زمن الهجرة
حجم الخط

تعجز الكلمات والأشعار عن وصف المرأة الفلسطينية العظيمة، لتُصبح مفردات اللغة وبلاغتها قاصرةً عن التعبير الحقيقي الذي يجب أن توصف به تلك المرأة العظيمة التي تختلف عن مثيلاتها من نساء الأرض.

الحاجة المعمرة "حكمة درويش" نموزجاً للمرأة التي كدت وضحت من أجل بناء أسرتها، فما تحتويه ذاكرة الأجداد قد لا نجده في كتب التاريخ، وتروي تجاعيد وجه المعمرة قصصاً وحكايات حفظتها ذاكرتها التي تستذكرها في كل لحظة عاشتها من عمرها المديد.

ولا تجد المعمرة “أم حسين” صعوبة في رواية تفاصيل حياتها، لكل من يزور منزلها في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، فذاكرتها "الحديدية" تسعفها دائماً في إيجاد إجابة دقيقة لكل سؤال يُطرح عليها، ويبلغ عدد أحفادها 260 فرداً.

وتقول المعمرة: "حينما كان عمري 10 سنوات لحقت الثوار وكنت أسكن في منطقة وادي الشريعة ببئر السبع، وبعدها ألقت الطائرة ‏مناشير تطالبنا بالمغادرة من أراضينا، وهاجرنا من بئر السبع إلى مخيم البريج بالمنطقة الوسطى وأقمنا فيه".

وتابعت: "بعدها ‏ألقت الطائرة مرة أخرى مناشير تطلب منا المغادرة إلى الجبل، وعندما قلنا أين سنذهب قالوا اذهبوا باتجاه ‏الغرب -على الخط في بونص غزة- وأقمنا فيها مدة 10 سنوات، وبعد ذلك ألقت الطائرة مناشير تطلب منا اللجوء إلى القطاع".

وتضيف بحسرة: "كان لنا بيوت هناك قام الاحتلال بهدمها، وقالوا لنا نريد أن نبني لكم بيوت وأقاموا لنا بيوت من الطين والبوص". إلى ذلك، قال نجلها البكر حسين، إن والدته من مواليد عام 1917 وعمرها تقريبا 100 عام، وأبناؤها وأحفادها يبلغ عددهم 260 فرداً، مشيراً إلى أن عائلته بمفردها تبلغ نحو 70 إلى 80 فرد.

وأشار إلى أن شقيقه "حسن"، يبلغ عدد عائلته حوالي 50 فرد، وأيضاً أخاه أبو طلعت، لديه ما يقرب من 48 فرداً، موضحاً أن شقيقاته يبلغ أعداد أفرد عوائلهن ما بين 50 إلى70 فرد، في أعمار تتراوح بين العام الواحد والـ 27 عاماً.

وأردف: "الحمد لله أمي بخير وبصحة جيدة وقامت بإجراء عملية قبل 10 سنوات والحمد لله لا يوجد عندها أي مرض، سواء ضغط أو ‏سكري، وتأخذ في اليوم نصف حبة من دواء الضغط فقط، وتأكل وجبات خفيفة مثل سلطة ‏الخضار والبيض، وتعتمد في وجباتها على نظام معتادة عليه من قبل الهجرة، مثل اللبن و الحليب و السمنة بالحليب و عدس ‏و جريشة القمح و جريشة العدس".

وأوضح أن والدته المعمرة، كان لديها حوالي 70 رأس من الغنم، لافتاً إلى أنها كانت مسؤولة عن الأسرة ولا تنام في الليل أكثر من ساعتين أو ثلاثة ساعات، لكي تقوم في ساعات الصباح بإعداد طعام الفطور.

من جانبه، قال نجلها الأصغر حسن الذي يبلغ من العمر 65 عاماً، إنه لم يرى والده كثيراً لأنه كان في السادسة من عمره حين وفاته، وحينما توفي وعي على ‏الحاجة "أم حسين" التي حافظت على الأسرة وقامت بتربية أبنائها بكد وتعب.

ولفت الحاج حسن، إلى أن والدته وبعد وفاة والده عُرض عليها الزواج، إلا أنها رفضت وفضلت أن تجمع الحطب لتربية أبنائها دون الحاجة لأحد، مضيفاً "قامت والدتي بتربيتنا جيداً ولم تقصر بهم بشيئ".

وتبقى تلك المعمرة نموذجاً للمرأة الفلسطينية، التي كانت ولا زالت رمزاً للنضال، وجسّدت أروع آيات التضحية حُباً للوطن وحريته، وصنعت من دمائها وجسدها الطاهر جـسراً تعـبر به إلى الجِنان ، وصنعت منه أشلاءً تتطاير في السماء لتصنع منها أقماراً وقناديلا تُضئ درب الحرية.