عبد الناصر عوني فروانة، رئيس قسم الأبحاث والتوثيق في هيئة شؤون الأسرى في السلطة الفلسطينية، وصف قبل يومين بمرارة سيناريو فشل إضراب الأسرى. وحسب أقواله فإن هذا الفشل يعبر عن نفسه من خلال مشاركة 1500 سجين فقط من بين 6.500 سجين، ومن بين 3.500 سجين لفتح، لم يضرب الكثيرون منهم بسبب الانقسام الداخلي في التنظيم. يزعم فروانة أن اسرائيل تصمم على كسر الإضراب قبل اللقاء بين أبو مازن وترامب. وحسب أقواله فان اسرائيل لن تستجيب لأي مطلب وهي مستعدة لموت الأسرى من أجل قتل «روح المقاومة والنضال»، وهي تستغل بذلك عدم مبالاة العالم، ولا سيما غرق العالم العربي في الفوضى، والأمور التي تحرف الانتباه عن إضراب الأسرى. حسب أقواله فإن انضمام حماس إلى الإضراب ليس مطروحا، سواء بسبب الانشقاق بين السلطة الفلسطينية وحماس، أو بسبب الفجوة بين هذين التوجهين. إن لحظة الحقيقة تقترب فيما يتعلق بالعلاقة المتوترة بين السلطة الفلسطينية وحماس التي ترفض إعطاء الصلاحيات للسلطة في القطاع. في الوقت الذي تحصل فيه حماس على الملايين من الضرائب وتستثمر في التسلح، فإن السلطة الفلسطينية التي تتعرض للانتقادات الأميركية والإسرائيلية، تقوم بإعطاء الأموال للإرهابيين، أموالا طائلة من أجل تمويل الرواتب والكهرباء والمياه والعلاج لسكان القطاع. هذا الحفل يقارب على الانتهاء، وعشية زيارة أبو مازن في واشنطن فهو لا يريد تأجيج إضراب الأسرى. اليسار في إسرائيل ما زال يخشى من انتفاضة مروان البرغوثي، ويعاني من متلازمة «ستوكهولم» التي تتميز بمراعاة المشاعر والتضامن من قبل الضحية مع من يقوم بتعذيبها. هكذا فقط يمكن تفسير الآمال التي يعلقها الكثيرون على القاتل البرغوثي وأمثاله. مسألة هامشية: البرغوثي الذي بادر إلى الإضراب اعترف بقتل خمسة إسرائيليين وحكم بعدة مؤبدات، وهو يدير الآن من خلال زوجته فدوى حملة فاشلة تشبه حملة «نلسون مانديلا» من أجل إطلاق سراحه مستغلا بذلك الأمعاء الفارغة لبعض زملائه من أجل تحقيق أهدافه. ولأنه انتهج الإرهاب بعد اتفاق أوسلو، فإن البرغوثي هو إرهابي عاد إلى طبيعته، إن طبيعته هذه لم تمنع قطيع رجال الفكر وقادة اليسار الذين يؤيدون السلام من الالتقاء معه وإعطائه كتباً بتوقيعهم، بل الحجيج إلى زنزانته. هؤلاء الأشخاص يؤيدون إطلاق سراح القاتل، رغم أنه في مقابل شعارات السلام، قام قبل اعتقاله بإرسال خلايا إرهابية لقتل اليهود. الآن يطلبون منا الاستجابة للبرغوثي الذي يطالب بالهواتف للأسرى من أجل إدارة العمليات الإرهابية من داخل السجن، لأنه لا يمكن التنصت على آلاف المكالمات ومضمونها المشفر. الحقيقة هي أنه من ناحية الفلسطينيين، لا يعتبر البرغوثي اختراعا كبيرا، رغم حصوله في الانتخابات في نهاية 2016 على المكان الأول في اللجنة المركزية لفتح، والبرهان على مكانته الضعيفة هو الاستجابة الجزئية لإضراب الأسرى الذي بادر إليه، وفشل الإخلال بالنظام والانتفاضة التي حاول تحريكها. قادة فلسطينيون وميدانيون ممن يعرفون البرغوثي قالوا إنه لا يتميز بالصفات التي تؤهله لقيادة الشعب الفلسطيني. وحسب أقوالهم، شخصيته تناسب زعيم عصابة أو إرهابي، فهو سيمتنع عن السلام مع إسرائيل خشية اعتباره خائناً. منطق اليسار في إطلاق سراح القاتل والاستجابة لمطالبه يجد تعبيره في شعار «السلام يصنع فقط مع الإعداء». هذا المنطق الأعوج الذي ينبع من ادعاء أن الإرهابي البرغوثي هو الذي سيقود الفلسطينيين إلى السلام المأمول، هذا المنطق بعيد عن الواقع ويعبر عن آمال لا أساس لها. هذه الأجندة الغريبة ظهرت بشكل فظ في وسائل الإعلام في برنامج أحد المتنافسين البارزين على قيادة اليسار الذي قال عن نفسه مؤخرا إنه «يساري واضح وفخور». بطلنا هذا التقط صورة مع جبريل الرجوب – وهو إرهابي مثل البرغوثي الذي أعلن أنه لو كان بحوزته قنبلة نووية لقام بتدمير إسرائيل. إذاً ليبق البرغوثي داخل السجن وليستمر في الأكل سرا ودون هاتف. عن «إسرائيل اليوم»