عندما تستعرض أسماء الروائيين الفلسطينيين الذين لهم بصماتهم الواضحة في الإبداع الروائي الفلسطيني، فمن الطبيعي أن نتوقف عند تجربة الروائي الكبير يحيى يخلف، بما أنتج وأبدع، حيث كان المكان الذاكرة حاضراً بكل تفاصيله في أعماله في تأكيد أن يخلف يملك قدرة خاصة على تشكيل المكان وفق مواصفاته الحقيقية، ووفق رؤية إبداعية ترى في المكان ما لا يراه الإنسان العادي بعينه المجردة.
في برنامج "عاشق من فلسطين" الذي تنتجه وتبثه فضائية معاً ويعده ويقدمه د. حسن عبد الله، عشنا ساعة كاملة مع تجربة مكثفة عميقة، ابتداء من هجرة الطفل يحيى من قريته (سمخ) التي اعتادت أن تتوضأ في بحيرة طبريا، فعرف أبناؤها الجمال، لأنهم عاشوه وتنشقوه من طبيعة خلابة، ومروراً بكل مراحل اللجوء، ومن ثم التحاقه بحركة فتح مقاتلاً، ثم كاتباً ومثقفاً، ومواكبته بقلمه تجربة نضالية ما زالت مستمرة.
والمكان في تجربة يخلف لم يكن فلسطين فحسب، بل كان أيضاً بعض الساحات العربية التي تنقل فيها، لتكون " نجران تحت الصفر" معبراً عن مكان مهمش ومنسي في الجزيرة العربية، بكل قساوة وجبروت ووجع الواقع.
يخلف تحدث للبرنامج عن تجربته النضالية والإبداعية في كل الساحات التي عمل فيها، مشيراً إلى دوره كأمين عام لاتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين، وصولاً إلى موقعه (وزيراً للثقافة).
وكان اللقاء فسحة أيضاً للحديث عن الجوائز والنقد واصداراته الأخيرة، والدور الذي من المفترض أن يضطلع به المثقفون والمبدعون الفلسطينيون في هذه المرحلة.
وعبّر يخلف خلال اللقاء عن سروره، حيثما يسمع أن إصداراته الروائية، تقرأ وتناقش من قبل المعتقلين الفلسطينيين، مشيداً بالدور الثقافي الذي جسده وطوره المعتقلون في تجربتهم من مرحلة إلى أخرى.
وتحدث يخلف في الحلقة عن علاقته بالشهيد ماجد أبو شرار، الذي كان يحرص على دور مميز لاتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين.
وأوضح أن أبا شرار كان يتمنى أن تتاح له إمكانية الكتابة، التي كان انشغل عنها بسبب انهماكه في العمل النضالي والسياسي والتنظيمي، وكم كانت فرحته غامرة عندما فاجأه يخلف بطباعة المجموعة القصصية الأولى لأبي شرار التي حملت عنوان "الخبز المر".