كشفت وزارة الداخلية والأمن الوطني بغزة، اليوم الثلاثاء، عن تفاصيل جريمة اغتيال الشهيد القسامي والأسير المحرر مازن فقها، والتي شارك فيها بحسب الداخلية ثلاثة عملاء بتوجيه مباشر من ضباط مخابرات الاحتلال الإسرائيلي.
وقال مدير عام قوى الأمن الداخلي بغزة اللواء توفيق أبو نعيم، خلال مؤتمر صحفي عقده في قاعة فندق "الكومودور" بمدينة غزة، "إنه منذ اللحظة الأولى لاغتيال الشهيد مازن فقها في مساء الجمعة 24 مارس، باشرت الأجهزة الأمنية التحقيق في الجريمة، حيث بدأت بعملية أمنية، تكللت بتوجيه ضربة لمخابرات وأجهزة أمن الاحتلال، من خلال الكشف عن مركبي الجريمة وآلية التنفيذ".
الرسائل
وفي هذا الشأن، أوضح المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية في جامعة الأمة الدكتور حسام الدجني، أن مؤتمر فك "شيفرة" الاغتيال للشهيد فقها، توجه رسالة للمتخابرين مع الاحتلال بأنه سينتهي بهم المطاف في قبضة الأجهزة الأمنية.
من جهته، اعتبر المحلل السياسي جهاد حرب، أن حماس تسعى إلى إيصال رسائل لأطراف مختلفة، مفادها أنها تضبط الأمن في قطاع غزة، وأنها الحكومة التي تتولى حماية المجتمع.
وأضاف الدجني في حديث خاص بوكالة "خبر"، أن بكاء العملاء يأتي في إطار الندم بعد فوات الأوان، وكأن العميل يبرقها لزملائه ولسان حاله يقول: "كان بالإمكان إنقاذنا من قبل الشاباك بأي شكل من الأشكال، ولكن بعد تنفيذنا لجريمة اغتيال مازن فقها، تركنا الشاباك نلقى مصيرنا المخزي في الدنيا والآخرة".
وبيّن حرب، أن كافة الاختراقات التي تحدث داخل القطاع، تقوم حماس بمتابعتها للتأكيد على أن لديها القدرة للوصول لأي طرف أو جهة تقوم بعمل أمني يمس قياداتها سواء السياسة أو العسكرية .
وأكد الدجني، على أنها رسالة قوة وعزة وكرامة من الأجهزة الأمنية في قطاع غزة، من حيث أنها تختلف عن غيرها من الأجهزة العالمية التي لطالما قيدت جرائم الاغتيال السياسي ضد مجهول، مشدداً على أن صراع الأدمغة بين الأمن الفلسطيني والاحتلال وصل إلى درجة يفتخر بها كل فلسطيني.
فك الشيفرة 45
وأشار الدجني إلى أن اعتقال الأجهزة الأمنية لـ45 عميل، بمثابة أكبر ضربة لجهاز الشاباك الصهيوني، بعد أن أعلن في أكثر من مناسبة أنه يعاني من فقر المعلومات في غزة، وذلك في أعقاب نجاح الأجهزة الأمنية بغزة، في توجيه ضربات متتالية للعملاء، ومن ثم جاءت هذه الضربة التي تبنت وزارة الداخلية خلالها سياسة جديدة تقوم على نظرية الحسم والمبادرة.
وتابع: "أن هذا الفيديو جاء ليرسل رسالة للعملاء، بأن اقتنصوا الفرصة واستخلصوا الدروس والعبر، وسلموا أنفسهم لأجهزة الأمن في قطاع غزة والضفة المحتلة قبل أن تصلكم العيون الساهرة" .
وشدد الدجني، على أنها رسالة توعية للشباب الذين يتلقون تعليماتهم من قيادات مجهولة داخل العالم الافتراضي، وبمسميات تتقمص الشخصية التي تنسجم مع الهدف، حيث أن ضباط المخابرات الإسرائيلية جاءوا للقاتل متقمصين قبعة السلفية الجهادية، ودفعوه لارتكاب جرائم حتى يتم توريطه، ومن يبدأ العمل على المكشوف ويتم تحويله إلى قاتل وجاسوس.
رسائل لـ "الشاباك الإسرائيلي"
واعتبر حرب خلال حديثه لوكالة "خبر"، أن الكشف عن عملية الاغتيال، بمثابة رسالة للاحتلال تُفيد بأن عملائه لن يكون لديهم القدرة على التحرك داخل قطاع غزة، وأن أي عمل تقوم به دولة الاحتلال، سيكون تحت رصد ومواجهة حركة حماس .
ولفت الدجني إلى أن الأجهزة الأمنية أرادت أن توجه رسالة قوة وتحدي، لجهاز الشاباك الإسرائيلي بأن تصفية الحسابات مع المقاومة سيُكشف مهما كانت العملية معقدة، لافتاً إلى أن هذا العمل يندرج ضمن صراع الأدمغة بين المقاومة والشاباك الإسرائيلي.
رد الاحتلال على فيديو فك الشيفرة
وتوقع الدجني أن يكتفي الاحتلال بتصريحات ليبرمان، بأن إسرائيل غير مسؤولة عن العملية، خاصة أن اعتراف إسرائيل بوقوفها خلف العملية بشكل مباشر وصريح، سيعطي مبرر لحركة حماس للرد على العملية بشكل معلن.
واعتقد حرب أن الاحتلال الإسرائيلي والقيادة السياسية والعسكرية تعقب على جميع القضايا التي تجري في قطاع غزة، ولكنها تنتظر ردود الأفعال في القطاع، لافتاً إلى أنها تعتمد على مدى المعلومات التي كُشفت عن جهاز الأمن الإسرائيلي وعملائه في قطاع غزة.
ونوه الدجني إلى أن إسرائيل ستحاول ترك حالة الغموض قائمة، وذلك بهدف أن تكون هي سيدة الموقف، بحيث لا تُسجل على نفسها أنها جرت قطاع غزة نحو التصعيد.
الجدير بالذكر أن الأسير المحرر مازن فقها، القيادي في الجناح العسكري لحركة حماس كتائب القسام، استشهد نهاية في الرابع والشرين من مارس المنصرم، إثر تلقيه ست رصاصات من سلاح كاتم للصوت أمام منزله غرب مدينة غزة.