أحيت بعثة فلسطين لدى الاتحاد الأوروبي، بلجيكا ولوكسمبورغ، الذكرى 69 لنكبة فلسطين، في مقر البعثة في بروكسل، بعرض الفيلم الوثائقي "الأرض تتكلم عربي" للمخرجة الفلسطينية المقيمة في فرنسا ماريز غرغور.
وشهدت الاحتفالية نقاش شاركت فيه رئيسة شبكة السلطات المحلية البلجيكية لصالح فلسطين ورئيسة شبكة تنسيق جمعيات التضامن الأوروبية مع فلسطين فيرونيك دوكيزر، وذلك بحضور سفيري مجلس التعاون الخليجي يوسف خليف السادة، ودولة الكويت جاسم محمد البديوي، ونائبة برلمان بروكسيل نادية اليوسفي، ورئيس الفيدرالية الدولية للحقوقيين الدمقراطيين اليكس دسواف، وممثلين عن حركات التضامن وجمعيات الصداقة مع فلسطين، وأبناء الجاليات الفلسطينية والعربية وقيادة وكوادر حركة فتح على الساحة البلجيكية بالإضافة إلى كادر سفارة فلسطين.
وذكًر القائم بأعمال سفارة فلسطين حسان البلعاوي في كلمة له، معنى النكبة لدى الشعب الفلسطيني والمنطقة العربية بأشملها والتي أحدثت زلزالا في المشهد العربي برمته وعلى كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وما زالت تبعاته تتواصل حتى يومنا هذا، ليس على المستوى الفلسطيني فحسب بل على مستوى الإقليم بأشمله، مضيفا أن نكبة فلسطين تتخطى مجرد احتلال أجنبي تقليدي كما كان واقعا في المنطقة العربية وفي أجزاء واسعة من قارات آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، لأن جوهر استراتيجية الحركة الصهيونية ومن بعدها دولة إسرائيل كان وما زال قائما على إخفاء فلسطين وشطبها، بداء من الاسم مرورا بكافة مكوناتها الحضارية، الثقافية ، المجتمعية، الاقتصادية ،والسياسية، وتغيب روايتها الجمعية وتغليب الرواية الصهيونية بكافة عناصرها.
ورأى البلعاوي، أن سياسات الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة وخاصة الحكومة اليمينية المتطرفة الحالية، من استيطان، بناء الجدار، تهويد القدس، حصار لغزة ، تقسيم للأرض الفلسطينية ، وكل هذه السياسات هي استمرار لنكبه عام 1948 ولا تنفصل عنها.
وأضاف، أن الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات يحي الذكرى 69 للنكبة، في ذكرى مائه عام على وعد بلفور وذكرى خمسين عاما على احتلال إسرائيل الجزء المتبقي من الأرض الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، بالإضافة إلى أراضي عربية أخرى، وفي وقت يهب فيه من جديد، أسيرات وأسرى فلسطين في سجون الاحتلال، ومعتقلاته في إضراب عن الطعام احتجاجا على الظروف القاسية، والممارسات العنصرية التي تنتهجها مصلحة السجون الإسرائيلية ضدهم، ومن أجل انتزاع حريتهم والدفاع عن كرامتهم في معركة الحرية والكرامة التي يخوضونها منذ واحد وثلاثين يوماً.
وأكد القائم بأعمال سفارة فلسطين في بلجيكا، على أن الشعب الفلسطيني وقيادته، وفي المقدمة الرئيس محمود عباس ماضية، تسعى في نضالها وتحركها على كافة المستويات إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كامل حدود حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وحل قضية اللاجئين على قاعدة القرارات الأممية القاضية بحق العودة والتعويض، موجها الشكر والتقدير لحركة التضامن البلجيكية مع الشعب الفلسطيني وما تقدمه يوميا من فعاليات تضامنية مع الاسرى ونصرة الحق الفلسطيني .
وتم عرض الفيلم الوثائقي للمخرجة الفلسطينية ماريز غرغور، والذي يستند الى مادة البحث التاريخي التي جمعتها المؤرخة الفلسطينية ساندين منصور، حيث يعود الفيلم الى نهاية القرن التاسع عشر، عندما بدأت الصهيونية، التي كانت من أقليات الأحزاب السياسية، بالظهور على الساحة العالمية. إذ يتجسد هدف هذا الحزب، بحسب ما يزعمه قادته التاريخيين، بإقامة دولة يهودية في مكان ما في العالم، وبالأخص في فلسطين. ففي ذلك الوقت، ومنذ آلاف السنين، كانت الأرض تتكلم عربي، وكان أهل فلسطين يسكنون فلسطين، فكيف يمكن للقادة الصهاينة التوفيق ما بين طموحاتهم السياسية والواقع الفلسطيني في نهاية القرن التاسع العشر؟ الحل لهذه المسألة كان مخطط له ما قبل وعد بلفور في العام 1917، إذ قام القادة الصهاينة بوضع خطط وتنفيذها عن طريق طرد الفلسطينيين من أراضيهم بأية وسيلة كانت.
يسلط فيلم الأرض بتتكلم عربي الضوء على الحقيقة المرّة، وهي حقيقة تطهير الصهاينة لأرض فلسطين، ولتجسيد تلك الحقيقة استخدمت المخرجة مواد سينمائية من الأرشيف، بالإضافة إلى ما نشرته بعض وسائل الإعلام في ذلك الوقت، علاوة على استعانتها بوثائق رسمية، وشهادات من فلسطينيين عايشوا مرحلة ما قبل العام 1948.
بعد عرض الفيلم قدمت النائبة السابقة في البرلمان الأوروبي فيرونيك دوكيزر، والتي تراس شبكة السلطات المحلية لفلسطين، بالإضافة الى شبكة جمعيات التضامن الاوربية مع فلسطين، تحليلا لمسؤولية أوروبا التاريخية والقانونية عن قضية فلسطين منذ بداية القرن الماضي، وذلك في اطار الاستعمار الكولونيالي والذي كانت تحكم بموجبه القوى العظمى الأوربية بمصير بلدان وشعوب اسيا وافرقا وامريكا اللاتينية، معتبره ان ولادة الحركة الصهيونية في أوروبا هي نتاج الظاهرة الاستعمارية في أوروبا .
واستعرضت تطور المشروع الصهيوني في اوروبا في خلق دولة اسرائيل على حساب الشعب الفلسطيني والذي دفع ثمن جزء من التاريخ الاوروبي المعاصر، وخاصة خلال الحربين العالمتين الاولى والثانية.
كما بينت النائبة السابقة في البرلمان الاوروبي والتي كانت ايضا نائب رئيس المجموعة الاشتراكية الديمقراطية ، آليه اتخاذ البرلمان لعدد من القرارات والتوصيات الخاصة بالبضائع القادمة من المستوطنات الاسرائيلية والتي تمثل رغم محدوديتها بداية لتحرك رسمي أوروبي يقود الى الزام اسرائيل باحترام القانون الدولي .
يذكر ان دوكيزر قد أصدرت كتابا بعنوان " فلسطين.. الخيانة الأوربية " مع السفير الفرنسي المرموق الراحل ستيفان هيسيل، والذي كان أحد الدبلوماسيين الذين صاغوا الإعلان العالمي لحقوق الانسان عام 1948.
وقد دار نقاش مع الحضور حول آخر مستجدات القضية الفلسطينية وخاصة اضراب الاسرى والدور المطلوب على المستولى الأوروبي والدولي لتحقيق المطالب العادلة للأسرى .
واعلن القائم بأعمال سفارة فلسطين حسان البلعاوي في نهاية الأمسية عن ان بعثة فلسطين ستقوم في الأول من حزيران القادم بتدشين قاعة النشاطات في بعثة فلسطين باسم الشهيد نعيم خضر، أول ممثل لمنظمة التحرير الفلسطينية في بلجيكا والذي استشهد في الأول من حزيران من عام 1981.