أطلق الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال حملته الانتخابية، وعوداً عدة كان من أبرزها أن يكون صديقاً لإسرائيل، كما ألمح إلى أنه إذا انتُخب رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية، فإنه لا مشكلة في مواصلة الحكومة الإسرائيلية بناء المستوطنات على أراض فلسطين المحتلة، وأن ذلك لا يعتبر ذلك عقبة أمام السلام.
وحطت طائرة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ظهر اليوم الإثنين، في مطار بن غوريون بمدينة تل أبيب المحتلة، قادماً من السعودية في أول رحلة جوية مباشرة من الرياض إلى إسرائيل، بعد انعقاد ثلاثة قمم عربية إسلامية بالسعودية، شارك بها 55 زعيماً تناولت قضايا الشرق الأوسط، وسبل التحالف العربي السني والأمريكي.
قضية فلسطين غائبة عن القمم
قال المحلل السياسي وأستاذ جامعة القدس المفتوحة أحمد رفيق عوض، إن القمة العربية تجاهلت القضية الفلسطينية، حيث أنها لم تتطرق للمبادرة العربية، وكانت قضية فلسطين غائبة على سلم أولوياتها.
من جهته، أشار المحلل السياسي ودكتور جامعة الأمة بغزة حسام الدجني، إلى أن القضية الفلسطينية لم تعد القضية المركزية في القمم العربية، لافتاً إلى أن إسرائيل استطاعت نقل استراتيجية التعامل مع الملف الفلسطيني من الداخل إلى الخارج، حيث أصبح التطبيع مع العالم العربي يسبق حل القضية الفلسطينية.
من المعروف أن الجولات الرئاسية الأميركية تُشكل للرؤساء الجدد فرصةً لاستعراض القوة، والوجهة السياسية تجاه دول الإقليم، لكن "ترامب" ينتظره جملة من الملفات العالقة خلال زيارته للمنطقة.
قال عوض لوكالة "خبر"، إن القمة العربية في الرياض بحثت ملف الإرهاب في المنطقة والشرق الأوسط بصورة هامشية، دون التعريف بالإرهاب ومن يموله أو محاولة الوصول إلى الأيادي الخفية التي تستخدمه، ما يعني أن السياسات المتخذة صد بعض الدول لن تتغير.
وشدد الدجني على أن القمة تخدم بالدرجة الأولى الطرف الأمريكي الذي وقع صفقات بأكثر من 460 مليار دولار، وبالتالي المستفيد الأول هو ترامب.
وبيّن عوض أن أهم ما تم تناوله في القمة العربية هو الاتفاقيات الاقتصادية ووضع أعداء جدد للأمة العربية، لافتاً إلى أن القمة لم تخلق أي واقع جديد سوى الحديث عن صفقات هائلة بمئات المليارات بين السعودية والولايات المتحدة.
ونوه الدجني في حديث خاص بوكالة "خبر"، إلى أنه نتيجة لأزمة أمريكا الداخلية، فإن ترامب أراد أن يحقق إنجازاً في الملف الخارجي للهروب من أزمته الداخلية، خاصة بعد إقالة مدير إلـ" إف بي أي" الأمريكي.
وصف ترامب لـ "حماس" بالإرهاب وتبعاته
أوضح الدجني أن القمة العربية زادت التعقيدات بشأن القضية الفلسطينية، وذلك بعد أن وصف ترامب حركة حماس بالإرهابية، أمام 50 زعيم عربي وإسلامي، الأمر الذي يؤكد بأن الخطوات التي يتخذها الرئيس عباس تأتي ضن إطار شرعية دولية وإقليمية.
ولفت الدجني إلى أن وصف ترامب لحماس بالإرهاب خلال جلسة القمة العربية سيعقد المشهد خلال الأيام القليلة القادمة، حيث أن ذلك سيدفع بالرئيس عباس إلى اتخاذ خطوات أكثر قسوة تجاه القطاع، مشيراً إلى أن ذلك سيضع غزة أمام خيارين، إما الانفجار الشعبي والمسلح، أو القبول بالحل الإقليمي واستقلال غزة.
وأكد الدجني على أن هناك إجماعاً من العواصم العربية على تسليم حماس مقاليد الحكم بالقطاع وتفكيك بنيتها العسكرية، وهذا الأمر ترفضه حماس جملةً وتفصيلاً.
منذ تولي "ترامب" منصبه، غيَّر أسلوبه حيث حث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، على "الحد" من الأنشطة الاستيطانية، وأشاد بالرئيس الفلسطيني محمود عباس خلال اجتماع بالبيت الأبيض، في إطار مساعٍ للتقريب بين الجانبين وإطلاق محاولة أخرى لتحقيق السلام في الشرق الأوسط، وحول رسائل زيارة "ترامب" للأراضي المحتلة:
أشار عوض إلى أن زيارته إلى إسرائيل وبيت لحم بروتوكولية إلى حد كبير، خاصة أن هناك آراء متعددة وجديدة في الإدارة الأمريكية.
وبيّن الدجني، أن جولة "ترامب" الخارجية تأتي بالدرجة الأولى لثلاث دول في الشرق الوسط، وهم: "السعودية كممثل للإسلام، وإسرائيل ممثل للديانة اليهودية، والفاتيكان كممثل للديانة المسيحية".
وأوضح عوض أن تناول القضية الفلسطينية سيكون أمراً هامشياً دون التطرق إلى موضوعات جادة، حيث أن هذا الأمر أكد عليه "ترامب" بأن الهدف الأساسي من جولته الخارجية هو زيارة الرياض بهدف خدمة مصالح الولايات المتحدة ومكافحة الإرهاب.
ولفت الدجني إلى أن زيارة "ترامب" وعائلته لبيت لحم تأتي في إطار رغبتهم بزيارة كنيسة المهد، مشدداً على أن اللقاء مع الجانب الفلسطيني سيكون برتوكولي هامشي.
وأضاف عوض أن كل ما قيل عن سياسة ترامب السابقة تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي غير واضح، ويُشكل انحيازاً كاملاً لإسرائيل، ولن ينتج عنه حلول لإنهاء الصراع.
وأكد الدجني على أن زيارة "ترامب" للأراضي الفلسطينية تقتصر على تقديمه بعض النصائح للرئيس عباس، بالإضافة إلى تقديم مساعدات اقتصادية دون إنهاء أي ملف مهم على صعيد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
أبعاد الزيارة
أوضح عوض أن الرئيس "ترامب" خلال لقائه بالرئيس الفلسطيني في البيت الأبيض، أكد على أنه يدعم حق تقرير المصير والمفاوضات المباشرة برعاية أمريكية، وإسقاط حل الدولتين، مشيراً إلى أن تصريحاته في البيت الأبيض لم تكن واضحة.
واعتقد الدجني أن مطلب "ترامب" سيتمثل في استمرار المفاوضات دون شروط، وبالتالي يسهل عليه اندماج إسرائيل في الشرق الأوسط ، مضيفاً أنه مقدمة لبعض دول الخليج في التطبيع العلني مع إسرائيل، من خلال السماح للطائرات المدنية بالمرور في المجال الحيوي الخليجي العربي.
واستبعد عوض، أن يتطرق ترامب إلى موضوع نقل السفارة الأمريكية للقدس، خاصة بعد القمة العربية التي عُقدت مع العرب والمسلمين في الرياض، بالإضافة إلى أنه يتناقض مع مصالحه في الشرق الأوسط.
وشدد الدجني، على أن ملف نقل السفارة للقدس سيتم تجاوزه خلال الزيارة، خاصة بعد تقديم العالم رزمة من المساعدات والاتفاقيات الاقتصادية لأمريكا، مشيراً إلى أن ملف السفارة سيكون أمام خيارين، إما التأجيل أو الإلغاء.
وأكد عوض على أن زيارة "ترامب" لإسرائيل وبيت لحم لم تؤثر على العلاقات الفلسطينية، خاصة أن إسرائيل قالت إنها ستفشل سياسته، فيما يخص بملف المفاوضات.
وقال الدجني: إن استثناء طرف فلسطيني خلال زيارة "ترامب" سيعزز حالة الانقسام وسيحولها إلى انفصام، مبيّناً أن المشروع الصهيوني أكبر مما يتخيله الرئيسين عباس وترامب.
الجدير ذكره أن "ترامب" على موعد مع فخاخ دبلوماسية أخرى، لعل أبرزها ما سيقوله حول وعد قطعه خلال حملة الانتخابية بنقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، التي لا يوجد بها قنصلية لأي دولة في العالم، ولا تزال محل نزاع في نظر المجتمع الدولي.