تاريخ من الإرهاب.. حصار كنيسة المهد

تاريخ من الإرهاب.. حصار كنيسة المهد
حجم الخط

في أبريلَ عامَ ألفينِ واثنينِ حاصرتْ دباباتٌ إسرائيليةٌ مدنًا في الضفةِ الفلسطينيةِ واحدةً تِلْوَ الأخرى في عمليةٍ عسكريةٍ أَسْمَتْها الدرعَ الواقيَ .. الحالُ في مدينةِ بيتِ لحم جنوبيَّ الضفةِ آنَذاكَ كانَ أصعبَ خصوصًا بعدَ أَنْ حاصرتْ قواتُ الاحتلالِ على مدى تسعةٍ وثلاثينَ يومًا مقاتلينَ فلسطينيينَ تَحَصَّنُوا في كنيسةِ المهدِ.
 جُثَثٌ متحللةٌ مُلقاةٌ إلى جوارِ أقبيةِ القديسينَ... أطفالٌ ينامونَ في المكانِ الذي يُقالُ إنَّ المسيحَ وُلِدَ فيه... مسلحونَ يَنزفونَ حتى الموتِ في بَهْوِ كنيسةٍ من أهمِّ المواقعِ المسيحيةِ .
 ما يُقدرُ بِحوالَيْ أربعينَ قسيسًا وراهبًا وراهبةً كانوا داخلَ كنيسةِ المهدِ في الثاني من أبريلَ لِعامِ ألفينِ واثنينِ عندما لَجَأَ مئاتٌ من الفلسطينيينَ إليها هربًا من قواتِ الاحتلالِ الغَازِيَةِ.
 معَ مرورِ الوقتِ .. الماءُ والطعامُ أَخَذَا في النفادِ داخلَ الكنيسةِ وهو الأمرُ الذي كانتْ ترجوه سلطاتُ الاحتلالِ .. في حينِ استمرَّتْ قناصةُ الاحتلالِ في إطلاقِ النارِ بصفةٍ مستمرةٍ على مَنْ يخرجُ إلى باحتِها الخلفيةِ بِهدفِ إضعافِ الروحِ المعنويةِ وإثارةِ الرعبِ بالإضافةِ إلى إطلاقِ صفاراتِ الإنذارِ ليلًا لِعدمِ إتاحةِ فرصةٍ لهم للنومِ.
 في عملياتِ كرٍّ وفرٍّ للمواطنينَ الذينَ لجئوا لِكنيسةِ المهدِ استمرتْ قواتُ الاحتلالِ في إطلاقِ النارِ وممارسةِ ألاعيبِها النفسيةِ على المحاصرينَ .. قصصٌ كثيرةٌ حدثتْ في بقعةٍ صغيرةٍ تَحْكِي الألمَ والحزنَ والخوفَ الذي عاشَه المواطنون.
 مِنْ هذهِ القصصِ طريقةُ تعاملِ المحاصرينَ معَ الجثثِ حيثُ خَزَّنُوها في غرفةٍ بديرِ الكنيسةِ اليونانيةِ الأورثوذكسيةِ لِتبدأَ بعدَ ذلكَ في التحللِ.. وكانتْ دوراتُ المياهِ محدودةً وبِسببِ نقصِ المياهِ أصبحَ الصرفُ الصحيُّ تَنبعثُ منه روائحُ كريهةٌ انتشرتْ في جميعِ أنحاءِ بَهْوِ الكنيسةِ.
  أثناءَ الحصارِ جرتْ مفاوضاتٌ معَ سلطاتِ الاحتلالِ مِنْ قِبَلِ المنظماتِ الدوليةِ والاتحادِ الأوروبيِّ والسلطةِ الفلسطينيةِ وعلى إِثْرِ هذه المفاوضاتِ تَمَّ إبعادُ المسلحينَ الفلسطينيينَ عن الضفةِ إلى قطاعِ غزةَ وبعضِ الدولِ الأوروبيةِ .
 وكَلَّفَ هذا الحصارُ إسرائيلَ جنديينِ وإصابةَ سبعةٍ آخرينَ ، أما المسلحونَ فقدِ اسْتُشهدَ منهم ثمانيةٌ ، وأُصيبَ أربعةَ عَشَرَ آخرونَ.