السلم الأهلي وواقع الحال

صلاح هنية.jpg
حجم الخط

بات الخبر العاجل اليوم وقوع شجار أودى بحياة شاب والآخر في حالة خطرة ... بت لا تكمل حديثا بعد انقضاء صلاة التراويح لانقطاعه برنين الهاتف النقال لاحدهم: احضر سريعا وقع شجار وعليك بالإصلاح .. تسأل شخصاً عن  سر غيابه فيقول: كنا نصلح بعد مشاجرة بين بلدنا والقرية المجاورة.
المقياس لدرجة حضورك كمواطن في المجتمع المحلي ان تتمكن من كف أذى الذين يستخدمون مركباتهم للتفحيط والتخميس، وان تكف أذى هواة الموتورسايكل عن الشوارع ووسط الأحياء، ويقع الخلط بين إمكانياتك وصلاحيات الشرطة ودور البلديات، وهذا يهدد السلم الأهلي أيضاً.
نزع فتيل الأزمة ووقوع مشاكل يتطلب تدارك مأساة افتتاح مقهى في عمارة سكنية سوقت للسكان كذلك، وتبدأ المقهى بالتمدد أمام المتاح من باب المحل في العمارة ومن ثم أمتاراً أخرى للاقتراب من الإسفلت، وعندما يقع العراك يجري البحث عن حل جوهره الحفاظ على الأمر الواقع، ويبقى فتيل الأزمة مشتعلا وأمر السلم الأهلي معلقا.
نظام الانتخابات للبلديات يتطلب نسبة حسم للقوائم وتمثيل نسبي، وعندما تكون القوائم في بعض المناطق ممثلة لعائلات ومنها من يحسم ومن لا يحسم، ومنهم من لا يرضى الا أن يكون رئيسا وتقع الواقعة وتشتعل المناشدات لفض النزاع قبل خراب مالطا.
خبر عاجل: خطبة الجمعة حول موضوع الطوَش والغضب وتمالك النفس عند الغضب.
وتعود الكرة مرة أخرى «اي نوع إسمنت الذي يسوق منتهي الصلاحية» «ولو، ولسّاك ساكت عن حقك؟ لو مكانك بقلبها فوقاني تحتاني» «ما إحنا عارفين القصة، طبعاً أعطوه جميع ما طلب، أما انا ما إليش ظهر صبرك عليهم».  
ما يهدد السلم الأهلي الإشاعة وعدم دحضها واتساع رقعتها ... ما يهدده أيضا الاحتقان والشعور بالظلم، أحياناً هو شعور مرضي، وغياب عدالة توزيع الموارد المتاحة ... ما يهدده تلك الفجوة التي تتسع ماليا وغياب قدرة الانفاق على الأساسيات.
الخطير في الوضع الراهن رغبة البعض بالبحث عن نوع من الحماية والأمان خارج نطاق القانون، فتتعزز حالات الاستقواء على الآخرين تحت يافطة الحماية لآخر، ومن ثم الابتزاز تحت كذبة تحصيل الحقوق من قبل جهات غير مختصة، ولن يكون بخير من طلب الحماية اولا.
الشعور بإدارة الظهر للمواطن عمداً وليس لأسباب فنية وتمويلية هو الأمر الذي يحول القضايا جميعها الى قضايا رأي عام وتطرح من جانب واحد عبر وسائل التواصل الاجتماعي، الى أن ينالها الحظ لتتحول الى موضوع حلقة نقاش وبحث ليقال فيها ما يقال، أو ان تصبح تقريرا صحافيا استقصائيا، وتظل الأمور تتصاعد الى ان تصبح شجاراً او إغلاق طريق او تحويل مسار خط مياه رئيسي، ويخرج عليهم الوعاظ ودعاة الحكمة والشجاعة وتمالك النفس عند الغضب.
السلم الأهلي في خطر اذا استمر الحال ان المطالب بالحقوق يجب ان «يضب الطابق» ويهدأ والمطالبين بإحقاق الحقوق وإنفاذ الوعود يجب الا يتم إزعاجهم وقطع حبل أفكارهم ودعوهم يستمرون بتنظيم مراسم الاحتفاء بعدم إزعاجهم.
السلم الأهلي لن يكون حاضرا دون سيادة القانون واستقلالية القضاء والنظر بالقضايا بالمحاكم وعدم ازدحام القضايا دون النظر بها، وتعزيز دور الشرطة الفلسطينية جهة ضمان السلم الأهلي.