إسرائيل و"حماس" لا ترغبان في الحرب.. ولكن

دبابة-اسرائيلية
حجم الخط

  28 أيار 2015

أدى إطلاق الصاروخ نحو غان يفنه، أول من امس، على الفور الى وقفات طويلة في البث الحي لنشرات الاخبار في قنوات التلفاز، وتبين في غضون ساعة بأنه نزاع فلسطيني داخلي. الاسرائيليون، الذين لا تزال في وعي الكثيرين منهم تكوي الاحداث القاسية للقتال في الصيف الماضي، يمكنهم في هذه اللحظة أن يهدؤوا.
فقد وفرت مصادر أمنية في اسرائيل وفي قطاع غزة، أول من أمس، تفسيرا موحداً لما حصل: حاول رئيس الذراع العسكرية لـ «الجهاد الاسلامي» في الايام الأخيرة أن يفرض على رجاله في شمال القطاع قائدا محليا جديدا. عارض نشطاء الميدان ذلك، ونشبت بين الطرفين مواجهة عنيفة، في أثنائها قرر أحد المعسكرين الصقرين تصعيد النزاع بالذات من خلال اطلاق صاروخ على اسرائيل. ولم تتم الخطوة بالتشاور مع حكم «حماس» في القطاع، ومن المعقول أن تعمل المنظمة الان على لجم أعضاء المعسكرين الصغيرين.
سيكون الرد الاسرائيلي على النار بالتالي محدودا. صحيح أن هذه هي المرة الاولى التي يطلق فيها صاروخ لمدى بعيد نسبيا منذ نهاية الحرب في آب الماضي، ولهذا السبب اطلقت صافرات في منطقة اسدود. 
ولكن اسرائيل، تماما مثل «حماس»، لا تبحث حاليا عن صدام عنيف في القطاع. وعليه، فان الخطاب سيكون متصلباً، والناطقون الرسميون سيوضحون ان نظام «حماس» مسؤول عن أي عدوان من الاراضي التي تحت سيطرته. أما عمليا فيبدو أن الجيش سيرفع العتب لهجوم رمزي، بينما يتأكد من أن رده لن يؤدي الى تدهور آخر.
من غير المعقول أن يمر اطلاق النار دون أي رد. فهذه هي السياسة المعلنة منذ عهد حكومة نتنياهو السابقة. كما ان النار هي الحدث الامني الاول في الجنوب منذ اداء الحكومة الجديدة اليمين القانونية قبل نحو اسبوعين. ويدور الحديث عن حكومة ستتحداها من اليمين كتلة «اسرائيل بيتنا»، التي فضلت البقاء في المعارضة. وعلى مدى حملة الانتخابات وبعدها حرص افيغدور ليبرمان على انتقاد خطوات الحكومة السابقة في زمن الحرب في غزة والايضاح انه لو كان الامر متعلقا به لحسمت اسرائيل أمر «حماس». حتى على هذه الخلفية لا يمكن لنتنياهو أن يسمح لنفسه بأن يبدو ضعيفا امام «حماس»
اما «حماس»، التي تقلق بقدر لا يقل عن اسرائيل من النار العشوائية من القطاع الى جنوب البلاد، فستواصل من جهتها حفر الانفاق، تجاهل إطلاق النار، وتدريب رجالها على مواجهة محتملة اخرى مع الجيش الإسرائيلي.
ولا يزال تشخيصان مركزيان يبقيان على حالهما منذ انتهت الحرب: الاول، لا يبحث حاليا الطرفان عن حرب اخرى؛ وثانيا، هكذا كان ايضا في الصيف الماضي – سلسلة من الحسابات المغلوطة، الاعمال وردود الفعل المضادة الحادة أدت الى معمعان في نهايته حرب.
لما كانت الجهود لاحلال وقف نار طويل المدى لم تنجح في هذه المرحلة، ولما كان الواقع الاقتصادي في القطاع يبقى بشعا مثلما كان قبل سنة، يصعب الحديث عن استقرار في حدود غزة. وحتى بدون مصلحة واضحة في القتال، لا يمكن في الظروف الحالية توقع الهدوء على مدى الزمن.
في الدراما الغزية يوجد عدد كبير من اللاعبين الفرعيين مثل المنظمات الاسلامية الصغيرة التي قد تكون مصلحتها معاكسة، وبوسعها في النهاية ان تجر الطرفين الى مواجهة.

 عن «هآرتس»