هي القدس؛ ولن يحجبوها بجدار، ولن يحاصروا أقصاها ببوابّة .... ولن يباعدوا بينها وبين عاشقيها بحاجز، هذه الحقائق عن بال من يستهدفون القدس تغيب.. وشمس القدس في قلوبنا نحن باقية عصيّة على المغيب.
في القدس .. بوابات على مشارف الأقصى لرصد المعادن ... لكنها ستبقى عاجزة عن رصد نبض القلوب، وإذا كانت البوابات لكشف المعادن، فقد جاءت هذه الخطوات لتكشف معادن مواقف أهل القدس، وكلهم معدنه أصيل، ففي القدس هبّت جموع، وتداعت آلاف مؤلفّة لتؤكد أن القدس ستظل عنوانا لشموخ المواقف ومواقف الشموخ.
على أعتاب بلدتها القديمة ..........وقفات ومواقف، شموخ بلا انكسار، وبحث عن الانتصار، وملاحم من الوفاء والإصرار، ونزوع نحو الأقصى وحرص على بلوغ أروقته دون تفتيش أبو بوابّة.
في القدس... توحدّ الكل، واصطف الجميع خلف هدف واحد لا يعتريه تأويل أو شك... للقدس يبقى الوفاء ويزداد كلما بات الأمر على المحك، وبقاسم مشترك بين الكل بأن الأقصى أكبر من أن تحاصره بوابّة أو سياج أو حدّ فاصل، فهو بطبعه حرّ فهو الذي شكّل موطئ قدم لهادينا عليه السلام في مسراه، وظلّ مهبطا لقلوبنا إذ تطوف في أعالي الطموح بأن يغدو حرّا.
الأقصى لن يتوارى..هي حقيقة ليست تًجارى....فهلّا أدرك الغاصب أن نزوعه لإقامة فواصل بيننا وبينه غير قابل للتحقق، فخيارنا دوما قدس لا نفارقها ولا تفارقنا، وإن أغرقوا شوارعها بسيل دافق من المدججين بالخوذ، ففي قلوبنا حبّها قد عمّر، وغراس الوفاء لها قد أثمر.
القدس من جبروتهم أقوى، ولقلوبنا ستبقى الأقرب والأعز والأغلى... فهي الأطهر والأجدر، بأن تظل ساكنة ثنايا الروح، وبنبض حبّها تخفق القلوب، ومن وهج تاريخها نقتبس مشاعل الأمل، و في ظلال قداستها نتفيّأ، ومعها نواصل المسير، ونجدّد العهد على الانتصار الدائم لكل ما من شأنه حمايتها من مخططات الاحتلال لعزلها.
القدس محاصرة .. لكنها عن قلوبنا لا تبتعد.. ولذاكرتنا لا تُفارق، ولذا نستشرف غدها بمنطق الواثق، وكلما حلّ بها خطب.. تداعت جموع الأوفياء لتؤكد أن القدس إذ تسكن الوريد فهي بيت القصيد، وهي الباقية فينا، هي ليست مجرد مكان ... بل العنوان والكيان.... الهوى والهويّة ... الطموح ولبّ القضيّة.
لأقصاها تنقاد القلوب طائعة وتظل المشاعر نحوها تتجّه.. فلا شرقيّة ولا غربية؛ لكنها القدس...فلسطينية...تأخى فيها الأقصى والقيامة...في جدليّة تآخٍ ستبقى حتى القيامة، ولذا لم يكن غريبا أن يغدو التكامل نهجا إذ ألمّ بالقدس خطبٌ شديد، وحصار غاشم، وبوابات تناثرت هنا وهناك، لكنها حواجز ظلّت عاجزة عن تشتيت وحدة الموقف، أو رصد المعدن الأصيل لأهل القدس؛ مسلمين ومسيحيين، فكلهم لحمايتها بادر، وكلهم في وقفات حمايتها شارك، بفاعلية غير مسبوقة، وبحضور يؤكد أن القدس دائمة الحضور.......... حمى الله القدس .. وعثرات الزمن وقاها... ولنا أبقاها....فهي معشوقة لا ينبض القلب بغير هواها.