بقلم: نبيل الزيناتي
نقف في اليوم العالمي للشباب من كل عام، أمام ما تحقق وما لم يتم تحقيقه في مسيرة الشباب للحصول على حقوقهم في التعليم والصحة والاقتصاد والسياسة واتخاذ القرارات والحياة العامة.
حيث تنتهز مؤسسات الأمم المتحدة هذا اليوم لتأكيد أهمية دور الشباب في كل جهد ومسعى لتحقيق التنمية المستدامة، وضرورة استثمار طاقات الشباب وحماسهم وإبداعاتهم، ثم إيجاد حلول لحاجاتهم، وإزالة المعوقات والتحديات التي أمامهم، ودعمهم في تحقيق آمالهم وتطلعاتهم وتطوير وتمكين قدراتهم، وخلق فرص تعليمية ومهارتيه أكثر، وفرص عمل مجدية للشباب ولنشاطاتهم الاجتماعية والرياضية والفنية والثقافية والنفسية والصحية والاقتصادية.
لذا يجب علي الشباب الزيادة من الأنشطة التي من شأنها زيادة مشاركتهم في المجتمع والحياة العامة، والعمل بشكل جاد من أجل تقليص الفجوة بين الشباب والمسئولين بتوسيع نطاق الحوار والفهم المتبادل لإنهاء الإقصاء والتهميش والإهمال لهذه الشريحة الواسعة من المجتمع العربي ولإنصافهم.
إن دور الشباب في المشاركة السياسية في بلادنا العربية محدودة جداً ولا تسعي تلك الدول علي إرساء ثقافة مشاركة الشباب والاعتماد عليهم بشكل استراتيجي كي تتجدد منظومة الحكم في الدول العربية، وتنطلق باتجاه الحداثة والتحديث.
يجب علي الشباب الفلسطيني تعزيز الثقافة الوطنية مقابل الثقافة الحزبية الضيقة، والنهوض بالأحزاب من جديـد بحيـث يكون همها وهدفها وطني وتعزيز مفهوم أن الأحزاب السياسية هي وسيلة وليست هدف، وأن تتمكن هذه الأحزاب من احتضان الشباب ليأخذوا دورهم ويطوروا مهارة الإقناع لديهم، لذلك فمن الضروري وجود برامج مقنعة للشباب، برامج جدية وحقيقية تتضمن آليات محددة لانخراطهم بالعملية السياسية وإحداث التغيير المطلوب.
كذلك يجب علينا أن نعترف بأن الشباب الفلسطيني يمر بمرحلة صعبة جداً نتيجة التدهور السياسي والوطني الذي تشهده فلسطين، فهم بين نظامين سياسيين وكلاهما لا يمنح الشباب أي اهتمام يدفع باتجاه مشاركتهم باتخاذ القرارات الوطنية أو المساعدة في إيجاد حلول للمشكلات الوطنية المستعصية.
إن حالة الإحباط وفقدان الأمل الذي يتعرض له الشباب يجب أن يتحول إلي إرادة فولاذية لتغيير هذا الواقع الصعب، حيث أن الحالات الفلسطينية بكامل أركانها ونتيجة عدم تواصل الأجيال داخل النظام السياسي الفلسطيني والأحزاب الفلسطينية لا تمارس قياداتها المصداقية الذاتية تجاه الشباب، فكل منهم يعتبر نفسه ممثلاً للشباب.
ولم يقتنع هؤلاء القادة أن أعمار الشباب محصورة ضمن فئة عمرية محددة، كما أنهم يعتبرون أنفسهم وتجاربهم هي الأفضل والأنجح، بينما يعتبرون أن الشباب متهورين يجب عليهم التعلم من تجارب الكبار قبل إشراكهم ضمن قيادة تصنع القرار سواء علي المستوي الوطني أو الحزبي. ولعل تجربة إيمانويل ماكرون، الرئيس الفرنسي (39 عاماً) الذي شغل سابقاً منصب وزير الاقتصاد في إحدى حكومات الرئيس الاشتراكي فرنسوا هولاند، ودخل السياسة عام 2012 مستشاراً للرئيس لثقافته العالية، بالإضافة إلى أنه في مطلع 2016 عمل على تأسيس حركته التي اختار لها اسم "إلى الأمام"، ووصل عدد منتسبيها إلى حوالي 200 ألف أغلبهم من الشباب، يتمثل في تحقيق نموذج واقعي لما تعتقده الفئة المسيطرة علي كل شيء في بلداننا من أن الشباب قادرون على تحقيق الإرادة والتنمية، لذا فربما يتهيب الكبار من الشبان خوفاً على مصالحهم الشخصية، فلا يتم اختيار من يتقلدون مناصب عليا في الدولة أو الأحزاب ضمن مواصفات علمية وعالمية متطورة، بل ضمن توازنات جغرافية وحواكير كي يحافظ هؤلاء علي مصالحهم الخاصة دون أي اعتبار للمصلحة العامة.
إن المطلوب هو إعادة الاعتبار للشباب ومنحهم الفرصة للوصول إلى المشاركة السياسية شأنهم شأن أي بلد راق وحريص على تحقيق التنمية المستدامة. وختاماً، يذكر أن الأمم المتحدة في 17 ديسمبر 1999 في قرارها 120/54 أن 12 أغسطس يوماً دولياً للشباب عملا بالتوصية التي قدمها المؤتمر العالمي للوزراء المسئولين عن الشباب في لشبونة، 8 - 12/أغسطس 1998.
ومنذ اعتماد مجلس الأمن قرار رقم 2250 في عام 2015 أصبح هناك اعتراف متزايد بأن إدماج الشباب في جدول أعمال السلام والأمن وفي المجتمع على أوسع نطاق هو عنصر أساسي في بناء السلام بين الشعوب، دون الوطن العربي الكبير.