ترقب وحذر

هل تتكلل الجهود "المصرية" بإتمام ملف المصالحة وإنهاء الانقسام؟!

هل تتكلل الجهود المصرية بإتمام ملف المصالحة وإنهاء الانقسام؟!
حجم الخط

أثمرت المساعي المصرية لإنهاء حالة الانقسام وإتمام المصالحة بين حركتي فتح وحماس، بإعلان الأخيرة حل لجنتها الإدارية في قطاع غزة، لتمكين حكومة الوفاق الوطني من ممارسة مهامها والقيام بواجباتها تجاه القطاع.

ويأتي إعلان حركة حماس عقب لقاءات مكثفة أجرتها القيادة المصرية مع وفدها القيادي بالقاهرة، بالإضافة إلى لقاءات أخرى أجرتها بصورة منفردة مع وفد حركة فتح المتواجد بالقاهرة أيضاً، لبحث ملف المصالحة وسُبل إنهاء الانقسام مع القيادة المصرية.

وقوبل قرار حل اللجنة الإدارية في قطاع غزة بفجر أملٍ جديد لدى عموم أبناء الشعب الفلسطيني على مختلف شرائحه، معربين عن أملهم في أن تؤدي هذه الخطوة إلى تجاوز الحقبة السوداء من تاريخه.

مؤشر إيجابي

قال المحلل السياسي وأستاذ جامعة الأزهر بغزة، د. ناجي شراب، إن إعلان حركة حماس حل اللجنة الإدارية، تطور مهم يعطي أهمية كبيرة للدور المصري في إنجاز ملف المصالحة العالق منذ سنوات طوال، في الوقت الذي فشلت في إتمامه جهات عديدة.

من جانبه، اعتبر المحلل السياسي جهاد حرب، أن حل اللجنة الإدارية مؤشراً إيجابياً لإنهاء الانقسام، مؤكداً على أن هذه الخطوة تحتاج إلى إرادة صلبة من حركتي فتح وحماس، للشروع في تفعيل اتفاقات المصالحة وتذليل العقبات التي تواجه هذا الملف.

من جهته، أوضح المحلل السياسي أكرم عطا الله، أن تراجع حركة حماس عن موقفها السابق وحل لجنتها الإدارية خطوة للأمام على طريق المصالحة، خاصة أنها كانت تضع شروطاً كبيرة لتسوية الأمور وحل اللجنة.

وبيّن شراب خلال حديثه لوكالة "خبر"، أن حركة حماس نجحت سياسياً في هذا الإعلان الذي يعتبر الأول من نوعه ويسجل كخطوة إيجابية تُحسب لها، لافتاً إلى أن هذه الخطوة جاءت عقب انسداد الأفق نحو تحقيق المصالحة.

ولفت حرب إلى أن هناك العديد من المقترحات التي تم طرحها من قبل مختلف الجهات على مدار السنوات السابقة، تحتاج إلى إعادة قراءتها مجدداً، للتغلب على كافة العقبات التي تعترض ملف المصالحة.

وأكد عطالله، على أن حل اللجنة الادارية من شأنه أن يُهيئ الأجواء لإتمام ملف المصالحة، ولكنه لا يُشكل حلاً لهذا الملف، خاصة أن الأزمة قائمة من قبل تشكيل هذه اللجنة، موضحاً أنها تُعد بمثابة مبادرة إيجابية من حركة حماس.

ترقب بحذر

قال المحلل السياسي طلال عوكل، إن حل حركة حماس للجنتها الإدارية والترحيب بإجراء الانتخابات، أزال عقبة كبيرة وأخلى مسؤولية الحركة من قطاع غزة، وبذلك تكون الكرة في ملعب حركة فتح.

ونوه عوكل خلال حديثه لوكالة "خبر"، إلى أن حل اللجنة الإدارية  أمراً ليس كافياً، ويحتاج إلى خطوة مقابلة من الرئيس محمود عباس، بإعلانه التراجع عن إجراءاته العقابية الأخيرة التي اتخذها بحق قطاع غزة.

وأضاف: "حماس قدمت بذلك ما طُلب منها، لذلك فإن هذه الخطوة تحتاج إلى موافقة حركة فتح على الشروط والبدء بنقاش ملفات كثيرة وحوارات مباشرة ووطنية بحضور مصري".

كما أبدى عوكل، تشاؤمه من إمكانية أن تتكلل هذه الجهود بإتمام ملف المصالحة، خاصة أن هناك الكثير من الاتفاقيات التي وقعت بين الطرفين في السابق، وباءت جميعها بالفشل.

الكرة في ملعب "فتح" 

قال عطاالله، إن حركة حماس ألقت الكرة في ملعب فتح، على اعتبار أنها المبادرة الأخيرة، خاصة أنه كان مطلوباً منها هذه الخطوة في وقت سابق، وهي الآن قدمت تنازلاً بحل لجنتها الحكومية.

وبيّن شراب أن إعلان حركة حماس حل اللجنة الإدارية، وضع الكرة في ملعب حركة فتح، حيث إنه مطلوب الآن من "فتح" شروع حكومة الوفاق بتسلم مهماها بغزة على أرض الواقع.

في حين أوضح حرب، أن ما آلت إليه الأمور عقب لقاءات القاهرة، يحتاج  إلى مزيد من التعمق في القضايا الرئيسية، ووضع الحلول التفصيلية ليتفق عليها الأطراف، من أجل الخروج برؤية فعلية لإنهاء الانقسام.

واعتبرعطا الله،  أن حل اللجنة الإدارية  بادرة إيجابية من حماس، ولكنها نوع من التراجع البسيط، لأنها ليست الخطوة المطلوبة، حيث إنه يترتب على حركة حماس أن تُعلن تخليها عن سدة الحكم في قطاع غزة بمفردها، خاصة أنها شكلت بنية أمنية ومدنية وأحكمت السيطرة على القطاع. 

كما أكد شراب على أن إعلان حماس حل اللجنة، يحتاج إلى تطبيق على أرض الواقع واستجابة من حركة فتح للمطالب التي عرضتها حركة حماس، مشيراً إلى أن طرفي الانقسام بحاجة الآن للمصالحة الفلسطينية، لما لها من أهمية ودور كبير في التأثير المجتمع الدولي.

ولفت حرب  إلى أن الطرفين يحاولان رمي الكرة في ملعب الآخر، مبيّناً أن ما تحتاجه الساحة الفلسطينية الآن هو إرادة سياسية صلبة لإنهاء الانقسام، بعيداً عن من يقدم أولاً أو أخيراً، كون أي خطوة إيجابية بعيداً عن الطرف الذي قدمها من شأنها أن تصب في مصلحة الكل الفلسطيني.

المشهد القادم

وأعرب حرب عن أمله في نجاح تجربة المصالحة الحالية، خاصة أن التصريحات المتفائلة لدى الطرفان لم يتم ترجمتها نحو إنهاء الانقسام،  داعياً طرفي الانقسام إلى البدء في حوار جدي يُنهي الحقبة السوداء التي آثرت على الحالة الفلسطينية برمتها.

وقال عطا الله إن المشكلة تكمن في رغبة السلطة بعودة سيطرتها على قطاع غزة، كما كانت عليه في السابق قبيل سيطرة حماس على القطاع، مؤكداً على أن الأمورمعقدة، وأن ملف المصالحة أكثر تعقيداً مما نتخيل.

وأوضح شراب، أن حل اللجنة الإدارية بمثابة خطوة أولى في طريق المصالحة، لافتاً إلى أن هذه الخطوة تحتاج إلى حوارات عميقة وتفاهمات طويلة، لبحث العديد من الملفات العالقة بين الطرفين وتطبيقها على أرض الواقع.

ورأى عطا الله، أنه في حال عدم استجابة الطرفين للمصالحة، فإن جميع الأمور ستعود إلى ما كانت عليه بل إنها ستتعمق، مشيراً إلى أن استمرار حركة فتح بوضع الشروط، سيدفع بحماس إلى تحسين وتوطيد علاقاتها بمصر، بالتزامن مع تدهور علاقة فتح بالقاهرة.

ونوه شراب إلى أنه في حال رفضت حركة فتح الاستجابة لمبادرة حماس والوساطة المصرية، فإنها ستدفع ثمنًا باهظاً لذلك، داعياً حركة فتح إلى التقاط الفرصة من حماس والمضي قدماً نحو المصالحة.

الجدير بالذكر أن القاهرة تبذل مساعي كبيرة لإتمام المصالحة الفلسطيني بين طرفي الانقسام منذ سنوات طوال، عقب سيطرة حركة حماس على قطاع غزة جراء أحداث اقتتال داخلية بين الطرفين، أدت إلى سقوط مئات الشهداء من كلا الطرفين.