فاطمة البشر " لا تبتئس فأنت مميز! "

فاطمة البشر " لا تبتئس فأنت مميز! "
حجم الخط

حين غرسوا فينا أنّ التميّز يعني أنْ تكون مختلفاً، قصدوا أنْ تكونَ فراشة تحمّر أجنحتها خجلاً بين فراشٍ أزرق اللون، أو أن تكون يراعةً تتلألأ في حَلَكِ الليل بين يراعاتٍ يخشيْنَ الظلام.

لكن ما الضّيْر لو كنّا زهرةَ أقحوان بيضاء بين زهور الخزامى، أو بجعةً بيضاء بين عائلة طواويس ممتدّة؛ فهنا التميز أحْلى وأبهى!

ماذا لو غدوْنا غزالة شاردة في البراري، أو معزة قاصية عن القطيع، أو زهرة تسلقت الأسوار وحدها، أو ثمرةً احتضنت الأرض الرطبة؟!

مَنْ زَرعَ في نفوسنا أنّ أجسادَنا يجب أن تكون متشابهة، وألّا يميّزنا سوى ملابِسُنا! فالتميّز ليْسَ حِكْراً على أولئكَ المتشابهين...

هل لديْك وحْمةً تعلو محيّاك، أو تتربّع على إحدى يديْك؟! لا تخجلْ، فأنت مختلفٌ عن الجميع، بل أنت مميّز، فكل وجوه الآخرين متماثلة، أما أنتْ فوجهك كورد الجوريّ بل أجمل!

ما أروعك لو كنت من أصحاب متلازمة داون! فلديك وجنتان ممئلئتان ورديّتان، وشفاهٌ ممتلئة، وقلبٌ ناصعٌ بالبياض، وحُسْنِ نواياك تسبِقُ خُطاك، وتبقى طفلاً مهما كبرت؛ أنتَ مميّز!

هل لديك يدٌ واحدة؟ لا تحزنْ، فما يقوم به غيرك بيديْن اثنتيْن، تنجزه أنت بيدٍ واحدة، تتأنّى في عملك، تتروّى حتى تتقنه، وتتفنّن في إنجازه، أنت عبقريّ؛ بل أنت مميّز!

وإذا كنت تمشي على كرسيّ متحرّك، فيا لراحتك! تقوم بكل أعمالك وأنت جالس، غيرك يتمنى لو يقوم بأعماله جالساً، ما الضّير في قليل من الراحة! لا تبتئس؛ فأنت مميّز!

هل أنتَ لا تسمع؟ ما أهدأ حياتك! بإمكانك أن تسمع ما أردت متى شئت، غيرُك يتمنى لو لا يسمع كل ما يرتطم بأذنيْه! أما أنت فتسمعُ متى رغِبْت! و بإمكانك النوم دون أن يوقظك رنين هاتفك المحمول، أنت محظوظ؛ بل أنت مميّز!

هل أنتَ لا تتكلم؟ لا تكتئب، فكلّ مشاكلنا سببها الكلام، كم ندمنا، وكم خسرنا بسببه! لكنْ أنتَ بإمكانك التفكير بكلامك قبل أن تعبّر عنه إشارةً أو كتابةً. فلا تحزن، أنت مميّز!

هل تمشي على عكّاز؟ اضحك؛ فالوجهاء قديماً كانوا يحملونها فَخَاراً، فلا تيأس، أنت مميّز!

هل أنت لا ترى،؟ أنت مميّز، تحيا حياتك وتبدع دون أنْ ترى، غيرك بعينيْن اثنتيْن ويمضي حياته سدىً. أنتَ محظوظ؛ لأنك لا ترى مناظر الدماء والقتل والإهانة، فلا يبتئس قلبك ولا يحزن ولا يمتعض؛ أنتَ مميّز!

هل تعْرِجُ في مشيَتك؟ لا تقْنط، وابْتهِج، فغيرك يُغيّر مشيته، ويتراقص فيها؛ ليكون منفرداً. أمّا أنت فمميّز بالفطرة!

هل تملك شامة زرقاء؟ أنت مميّز؛ فالكلّ شاماته سوداء قاتِمة، وأنت لديك لون البحرِ الأزرق الصّافي.

استمتع باختلافك، عظّم من شأنك، لا تلتفت إلى المتشابهين، انظر لنفسك على أنّك شجرة لوزٍ عاليةٍ بين أشجار زيتون، أو زهرة نبتت في أرضٍ جرداء.

لا تبتئس مهما كنتَ مختلفاً عن الجميع، أخْبر نفسَكَ أنّك فريد؛ فأنت بالفعل مميّز....