تلويح بعض أعضاء البرلمان الأردني المقربين من السلطة بتفعيل البند الثاني في تعليمات فكّ الارتباط والمتعلق بـ»موظفي السلطة» الفلسطينية قد لا ينتهي فعليا بسحب ما يقارب 30 جواز سفر على الأقل يحملها موظفون كبار في سلطة الرئيس محمود عباس، لكنه يبقى بكل الأحوال «رسالة تصعيد» تعكس طبيعة «التوتر الصامت» بين الدولة الأردنية والسلطة الفلسطينية.
قائمة الشخصيات الفلسطينية البارزة التي تحمل جواز سفر أردنيا ولديها «قيد مدني» أردني وبالتالي جنسية تضم العشرات من الجنرالات الأمنيين والوزراء والمسؤولين البارزين في السلطة وبينها الرئيس عباس نفسه وأولاده الذين يتصرفون كمستثمرين أردنيين داخل المملكة.
بهذا المعنى لا يمكن اعتبار المذكرة البرلمانية التي تطالب بتطبيق المعيار القانوني هنا معزولة عن سياق التوتر الكبير من السلطة خلف الكواليس.
ولا يمكن ربطها بالانطباع الأول ونجمه رئيس اتحاد كرة القدم الفلسطيني جبريل الرجوب، بعد عاصفة الجدل الأخيرة التي «هزت» العلاقات الرسمية بين الجانبين بعدما تردد بأن الرجوب لم يمنح المرشح الأردني الأمير علي بن الحسين الصوت الفلسطيني رغم تأكيدات الأول المعاكسة.
الأردن الرسمي أعلن وبعد «الجاهة» التي ترأسها عباس نفسه وزارت منزل الأمير علي أن «صفحة انتخابات الفيفا» طويت، فيما انتقل السخط على الرجوب تحديدا من مستوى التفاعل الشعبي التأزيمي في وسائط التواصل إلى مستوى «السخط البيروقراطي» أو «العقاب الأمني».
اتجاهان بالخصوص برزا مؤخرا فقد بدأت بكتاب رسمي عملية بيروقراطية للتدقيق في ما يسمى بالقيد المدني للرجوب، وهي خطوة تعني بعد عبور الأخير لعمان نحو رام الله بوثيقة جوازه الفلسطيني بأن جواز السفر»الأردني» الذي يحمله الرجوب خرج عن السكة ولم يعد فاعلا أو في طريقه للسحب.
لاحقا قاد النائب علي الخلايلة، وهومقرب من السلطات، الجهد البرلماني الذي يطالب بتفعيل المادة الثانية من تعليمات فك الارتباط الإداري والقانوني مع الضفة الغربية، وهي المادة التي توضح بالنص المباشر بأن موظفي السلطة الفلسطينية ينبغي ان لا يحملوا وثائق الجنسية «الأردنية».
عمليا وإجرائيا ينطبق على وثيقة القيد المدني المسجلة في عمان باسم الرجوب المعيار نفسه المنطبق على الوثائق التي يحملها عباس ونحو 28 آخرين من قادة السلطة.
بمعنى أن سحب القيد المدني للرجوب وبالتالي حرمانه من الجنسية الأردنية التي تكفل له السفر دوما عبر عمان ومنها قد يعني لاحقا وفي المقايسة القانونية اتخاذ الإجراء نفسه مع أهم 29 شخصية فلسطينية بهرم السلطة بمن في ذلك الرئيس عباس.
إعلاميا وسياسيا يمكن اعتبار مذكرة النائب الخلايلة وزملائه عبارة عن «تلويح» بخيار من هذا النوع، لأن سحب جميع جوازات سفر أركان السلطة الفلسطينية بقرار إداري أردني خطوة سياسية «تصعيدية « بامتياز من عمان، لو اتخذت ستوحي أو ستنتج انطباعا بانقلاب كبير أردنيا على أركان السلطة الفلسطينية، وهي مرحلة من الغضب والتلامس لم تصل بعد لنهاياتها أو لم تتقرر من حيث المبدأ في الجانب الأردني على الأقل.
وهي في كل الأحوال خطوة تعكس طبيعة الأزمة الصامتة بين السلطة وعباس ومشكلات الأخير «الأردنية» التي تبدأ من الشكوك في إجرائه اتصالات «سرية» عن بعد وتعبر من عقدة «أوسلو 2» المحتملة في العقلية الأردنية وتنتهي بالإشكال الذي اثاره جبريل الرجوب عندما قرر استثمار انتخابات الفيفا سياسيا لحسابه الشخصي فأغضب الأردنيين حكومة وشعبا.
في الواقع لم تنظم وطوال أسابيع متعددة ماضية أي لقاءات قمة رسمية مع الرئيس عباس لا على مستوى القصر الملكي ولا على مستوى رئاسة الحكومة الأردنية، والمذكرة البرلمانية التي تحاول التلويح بورقة سحب الجنسية الأردنية من أركان السلطة توحي ضمنيا بأن الإشكال لا يتعلق فقط بانتخابات «الفيفا» والرجوب، وإن كان قد بدأ بمشروع عباس الذي لم ينجح في مجلس الأمن بعنوان مشروعية الدولة قبل عدة أشهر وبصورة «أحرجت» الرئاسة الأردنية للمجلس آنذاك.
"القدس العربي"