الرئيس الأمريكي ترامب، الذي وكأنه يكرر سيناريو لقاءاته التلفزيونية والمناظرات التي سبقت دخوله البيت الأبيض، وفوزه برئاسة أمريكا، تجاهل تماما في خطابه بالجمعية العامة للأمم المتحدة "المرة الولى التي يخطب فيها"، أي ذكر للشعب الفلسطيني وللقضية التي كانت على الدوام حاضرة في خطابات رؤساء أمريكا السابقين، بالرغم من ممارستهم الانحياز التام للاحتلال الاسرائيلي.
والسؤال المطروح الان لماذا تجاهل ترامب الذي في خطابه التعريج على الصراع الفلسطيني – الاسرائيلي، وهل هذا يعكس عدم جاهزيته لإمتلاك مقومات أو أدوات يقدمها لحل هذا النزاع والصراع، وحتى أنه فشل في أن يتظاهر بالقيام بذا الدور، مما يسجل إخفاقا كبيرا وقع فيه ترامب، وانحيازا كاملا لصالح الاحتلال.
لقد توفرت للرئيس الأمريكي كافة الشروط الموضوعية لكي يعلن عن معالم أو ملامح رؤيته أو خطته أو حتى صفقته لحل الصراع الفلسطيني – الاسرائيلي، بالمقابل كانت رسالة الخطاب الفلسطيني الموجه الى العالم كافة، أن الفلسطينيون يريدون العيش بسلام في حدود دولتهم الفلسطينية المستقلة ذات السيادة، وليس سلاما خاضعا للاشتراطات والاملاءات والقوة العسكرية.
ان استمرار "اسرائيل" في التوسع الاستيطاني والعدوان ضد شعبنا الفلسطيني، وإفشال حل الدولتين، وفصل الاراضي الفلسطينية وتحويلها الى كنتونات غير قابلة للحياة، وانحياز الادارة الامريكية لها، عبر عنه الرئيس أبومازن في خطابه، بأن الخيار البديل هو "فلسطين التاريخية وتطبيق قرار التقسيم الصادر عن الأمم المتحدة عام 1947" ،وهذا البديل تعتبره "اسرائيل" قنبلة ديمغرافية ستنفجرفي وجهها وما وصفته بأنها تعنى الذوبان في بقعة جغرافية صغيرة.
ان خطاب الرئيس ابومازن الواضح، قد وصل الى سمع وبصر المجتمع الدولي، الذي لا بد أن يدرك ويلاحظ الصعوبات الكبيرة التي واجهت السلطة الوطنية الفلسطينية، في ظل ما تركته سنوات الاحتلال الطويلة والاجراءات الاسرائيلية المعقدة والتي تكرس ضياع إمكانية حل الدولتين، وبل تعميق الشكوك والأحقاد والمآسي التي لا مثيل لها، ولهذا يجب أن يتحرك لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
ان تجاهل الرئيس الأمريكي في خطابه، للصراع الفلسطيني – الاسرائيلي، يعتبر عجزا سياسيا امريكيا، وتجاهلا لتصرفات وسياسات "اسرائيل"، ومحاولة أمريكية لإنقاذ المستقبل السياسي لنتياهو ومستقبل حكومته، وكما يكشف عدم الجاهزية الأمريكية لتقديم رؤيتها، وكل ما يخرج عنها مجرد تصريحات جوفاء لا تقدم شيئا في سبيل انهاء الصراع، وبالتالي فإن الوقت المتبقى ليكشف ترامب عما لديه لم يعد طويلا، وما ورد في خطاب الرئيس ابومازن يعني بوضوح رفض أي خطة امريكية تبنى على حساب الحقوق الفلسطينية وتتجاهل قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس على حدود 1967، وعودة اللاجئين وحق تقرير المصير.
ملاحظة :
اقتبس الرئيس محمود عباس مقولة مانديلا :"الحرية لا يمكن أن تعطى على جرعات فالمرء إما أن يكون حراً أو لا يكون"، ليذكر زعماء العالم بنظام الفصل العنصري الابرتهايد الذي ساد في جنوب أفريقيا، ونظام الفصل العنصري الاسرائيلي القائم حتى اليوم.