أطلقوا العنان للابتسامة وصناعة الفرح

صلاح هنية.jpg
حجم الخط

الناس في بلدي يبحثون عن لحظة الفرح ليتسلحوا بها لبقية النهار في وجه صعوبات الحياة بمكوناتها كافة، والبحث عن الفرح ليس مهمة سهلة المنال؛ حيث تجد هناك حراساً على أبواب الفرح ينفر الناس من محيطهم، تارة بحجة أن الوضع لا يسمح بالفرح بغض النظر عن عياره، وتارة باعتبار أن الفرح يليق بناس ولا يليق ببقية الناس، وهذه الحراسات جزء من ممارسة الوصاية على عقول البشر وتصرفاتهم وطرق ممارستهم لحياتهم.
السؤال الدارج: لماذا لا يبتسم الناس؟ وإن ضحكت مجموعة في جلسة اجتماعية تختتم بالقول: "اللهم أبعد عنا شر هذا الضحك!". وإذا واجه أحدهم مصاعب الحياة بابتسامة يقال له: من برودة أعصابك تسبب جلطة لمن هو أمامك، رغم ألم يعتصر قلبه.
الطريقة المثلى لاصطناع الضحك هي أن يجتمع الجالسون على شخص بسيط، ومن باب الفكاهة يحولونه إلى مسخرة لكي يضحكوا، وتصبح مع الأيام الجمل والنكات والكلمات مكررة، ويتعامل المستهدف بالمسخرة بخطة الإهمال الذي يستخدم كوسيلة دفاعية، ولكنه لا يتمكن من ردع سوء تصرفهم وسوء فهمهم للضحك.
غالباً ما يكون الضحك صناعة لإرضاء المسؤول الأول، بحيث يصنعون نكاتاً وفكاهة ضد زملاء آخرين أو منطقة جغرافية لشراء مزاج المسؤول الأول ليفوزوا هم بالرضا المؤقت قصير الأمد.
باختصار صناعة الفرح الأصيل قضية مهمة وحيوية، لكن المطلوب حالة فرح جماعي تقود المجتمع صوب الإبداع ومواجهة مصاعب الحياة. طبعاً ليس المطلوب فرح من عيار "جنوا نطوا" أو من عيار إطلاق المدى لمكبرات الصوت لتزعج حي بأكمله بحجة الفرح، بل المطلوب فرح يقود إلى الأمل بغد أفضل، فرح يقود إلى مساهمة البشر في مسيرة التنمية والبناء، فرح يقلل من مقياس صب جام الغضب على كل مكونات المجتمع بتهمة أن الفرح والابتسامة محظورة، ومن يبتسم هو جزء من منظومة المصالح، بالتالي هو مرتاح نفسياً ويسيء للصورة النمطية للكشرة والعبوس.
الفرح لا نذهب صوبه في مكان محدد وبقية الأماكن التي نعيش فيها البيت والعمل والمواصلات العامة ليست أماكن للفرح والابتسامة، فقط عندما نجالس بعضنا البعض، ونمارس عادة زيادة عيار الاستهزاء بأحدهم، ونقول: إن ما دون هذه الجلسة نكد بنكد، وأين وصل بنا تقييم مكونات حياتنا كلها نكد وجَمعة قصيرة أفضل منها، من هنا يأتي العبوس وغياب الابتسامة وضياع الفرح.
أطلقوا العنان للابتسامة وصناعة الفرح فصناعة الأمل.