نتنياهو و"الأهزوجة الإيرانية"

thumbgen (11).jpg
حجم الخط

 

مرّة أخرى، يقف رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة، ليخصص جلّ خطابه ضد إيران، ومشروعها النووي. ولنتنياهو سلسلة أهداف سياسية وحتى شخصية، في استهلاك الدقائق المخصصة لخطابه السنوي، بعيدا عن القضية الأساس: القضية الفلسطينية. إلا أنه في هذه المرّة، على وجه الخصوص، يصطدم نتنياهو بعدد كبير من صنّاع الرأي الإسرائيليين، ومن حملة الألقاب العسكرية العليا، الذين يعترضون على نهج نتنياهو هذا، وحتى بكلام ساخر.
فبعد مرور عامين، على الاتفاق الدولي مع إيران بشأن مشروعها النووي، ما يزال نتنياهو يسعى لدى الإدارة الأميركية إلى الغائه، على الرغم من أن قادة جيش الاحتلال، وأجهزة المخابرات لديه، يقولون إن هذا الاتفاق هو أفضل من عدمه؛ وإنه يجب عدم الغاء الاتفاق قبل ضمان ما هو أفضل منه. إلا أن نتنياهو يتجاهل كل هذه التقييمات، الصادرة عن الخبراء العسكريين لديه، خدمة لأهدافه السياسية والشخصية.
وبالإمكان تلخيص أهداف نتنياهو في التلويح الدائم بالشأن الإيراني في ثلاث نقاط مركزية: أولها هو ابعاد القضية الفلسطينية عن واجهة الأجندة الدبلوماسية العالمية، وكأنها ليست قضية ذات شأن. اضافة إلى اظهار إسرائيل كدولة واقعة تحت التهديد، وليست هي مصدر التهديد وعدم استقرار المنطقة. تماما كما هي المزاعم الصهيونية، بأن الخطر الأكبر على المنطقة هي التنظيمات الأصولية المتطرفة، وأنه يجب أولا معالجتها، قبل الالتفات إلى أي قضية أخرى، بقصد القضية الفلسطينية. 
والهدف الثاني، هو استخدام إيران كورقة ابتزاز من الإدارة الأميركية، لزيادة المساعدات العسكرية للكيان الإسرائيلي. فحتى الآن، نتنياهو ليس راضيا من الاتفاق الذي فرضته عليه إدارة الرئيس باراك أوباما، القاضي بتخصيص 3,8 مليار دولار سنويا، يشمل كافة الزيادات؛ بدلا من معدل 3,5 مليار دولار في السنوات العشر الماضية. وكان نتنياهو يطالب بدعم سنوي ما بين 4,5 مليار إلى 5 مليارات دولار سنويا. ويأمل نتنياهو أن يحقق مراده من الرئيس "الأكثر صداقة للصهيونية"، حسب الوصف الإسرائيلي لدونالد ترامب، بعد أن حصل جورج بوش الابن على لقب "الرئيس الأكثر صداقة لإسرائيل".
أما الهدف الثالث، فهو ترهيب الشارع الإسرائيلي، كما هو النهج الصهيوني القائم. فطالما أن الشارع مرتعب، سيبقى ملتصقا برمز القوة العسكرية، بمعنى اليمين المتطرف وخطابه العدواني الحربجي. ويضاف إلى هذا، سعي نتنياهو إلى حجب أنظار الرأي العام الإسرائيلي بقدر الامكان، عن قضايا الفساد التي تحوم حول نتنياهو وزوجته سارة. إذ قال استطلاع لصحيفة "يديعوت أحرنوت"، نشر قبل أيام، إن 70 % من الجمهور لا يصدقون تبريرات عائلة نتنياهو للقضايا المتورطين فيها.
ويقول الدبلوماسي الإسرائيلي السابق، الكاتب ألون بنكاس، في مقال له، "لقد تحول خطاب نتنياهو في الامم المتحدة، من حدث ليس ذا أهمية، إلى غاية المستقبل الصهيوني. نتنياهو يخدع الجمهور ووسائل الاعلام وكأنه هو أحد مدراء العالم. يحرك الدول، يلغي الاتفاقيات، يرسم الجغرافيا السياسية، يصمم الاستراتيجية العليا للعالم كله". ويضيف، "في غياب جدول اعمال سياسي، يعود نتنياهو إلى إيران. دوما ستكون لنا إيران".
ويفتتح المحلل العسكري في صحيفة "معاريف" ألون بن دافيد مقاله، بعبارة تستهزئ من خطاب نتنياهو الدائم عن إيران، ويقول، إنه "في كل سنة في شهر تشرين (العبري)، قبل أن تظهر سحب الخريف، تظهر سحابة التهديد الإيراني". وكلا الكاتبين ألمحا بشكل واضح لقضايا فساد نتنياهو.
على الرغم من أن استطلاعات الرأي ما تزال تقول إن نتنياهو هو الشخص المناسب أكثر من غيره، لتولي رئاسة الوزراء، 29 %، ومن يليه يحصل على 12 %. وعلى الرغم من أن كل نتائج استطلاعات الرأي تشير إلى أنه في حال جرت الانتخابات البرلمانية، فإن نتنياهو هو من سيشكل الحكومة المقبلة. إن نتنياهو بات يواجه أكثر من ذي قبل، رأيا عاما مضادا، في حين أن ما في جعبة نتنياهو لإلهاء الرأي العام، بات كالأسطوانة المشروخة. ورغم ذلك، فإن نتنياهو ما يزال بعيدا عن خط النهاية، لأن تشعب قضايا الفساد، وفق ما يظهر حتى الآن، قد يحتاج لسنوات، حتى يكون نتنياهو ملزما بالنزول عن المسرح.

عن الغد الأردنية