مشكلة السفير الأميركي، ديفيد فريدمان في إسرائيل، أنه مستعمر في اراضي دولة فلسطين المحتلة عام 1967، وهو منحاز لخيار الإستعمار الإسرائيلي دون تردد او تعلثم، مع انه صرح امام لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس الأميركي بالإلتزام بسياسات الولايات المتحدة، وأكد إلتزامه بخيار السلام، وقال انه سيعمل من أجل تحقيق ذلك من خلال عمله كسفير للإدارة الأميركية.
لكن فريدمان كما يقول المثل الشعبي الفلسطيني "الطبع غلب التطبع!" لم يحد عن قناعاته ورؤيته السياسية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي ففي تصريح قبل قرابة الشهر إدعى إنه الإحتلال الإسرائيلي "إحتلال مزعوم"، بمعنى لا يوجد إحتلال إسرائيلي للإراضي الفلسطينية، وردت عليه الناطقة بإسم الخارجية الأميركية، هيذر ناورت بأن تصريحه "لا يمثل وجهة النظر الرسمية الأميركية". تلا لك يوم الخميس الماضي بالإدلاء بتصريح لموقع "واللا" الإسرائيلي قال فيه كلام خطير، جاء فيه " إن قرار مجلس الأمن الدولي رقم 242، الذي صدر في أعقاب حرب يونيو/ حزيران 1967، هو القرار الجوهري الوحيد الذي يتفق عليه الجميع، لإنه شمل حق إسرائيل بحدود آمنة" وهنا تساوق مع وجهة النظر الإسرائيلية، التي فسرت القرار عكس النص الإنكليزي. وأضاف "إن حدود إسرائيل حتى هذة الحرب لم تكن آمنة بنظر الجميع (وهذا غير صحيح)، وأنه في تسوية مستقبلية ستحتفظ إسرائيل بجزء كبير من الضفة الغربية، لكنها ستعيد مناطق غير مطلوبة للحفاظ على أمنها". وهو ما يعني هنا التماهي الكامل مع خيار إسرائيل الإستعمارية. وتابع فريدمان الصهيوني قائلا " كان ينبغي أن يكون هناك مفهوم حول التوسع نحو الضفة الغربية (وهنا يكشف تناقضه مع نص القرار الذي لم يشمل اي فقرة تتحدث عن سيطرة إسرائيل على أية أرض فلسطينية محتلة)، ولكن ليس بالضرورة نحو كل مناطق الضفة، وهذا ما فعلته إسرائيل بالضبط". زاعما ان إسرائيل تسيطر على 2% فقط من الضفة الغربية، وبرأي (كما يقول السفير الأميركي) إن هذا يتطابق مع القرار 242، وهذا كان الأساس طوال الخمسين عاما". الماضية من الإستعمار. وهذا يتناقض مع الواقع القائم للإحتلال الجاثم على الأرض الفلسطينية، ويحول دون إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران 1967.
وتابع معمقا تساوقه مع خيار الإستعمار الإسرائيلي في دعمه لسياسات الأسرلة والمصادرة والتهويد وبناء المستعمرات وتوسيعها، قائلا " إنه من الواضح أنه توجد إعتبارات أمنية مهمة للمستوطنات، وهي من النواحي القومية والتاريخية والدينية،" ويضيف برأي " أن المستوطنين ينظرون إلى انفسهم على انهم إسرائيليون، وإسرائيل تتعامل معهم كذلك." ومن قال إن قطعان المستعمرين ليسوا إسرائيليين، وأن الدولة الإسرائيلية، هي المنفذ لمخطط البناء والإستعمار للأراضي الفلسطينية؟
كما يعلم السفير الأميركي الصهيوني أن القيادة الفلسطينية والدول العربية ودول العالم تبنت القرار 242 و338 وكل قرارات الشرعية الدولية، لإنها تطالب إسرائيل الدولة القائمة بالإحتلال بالإنسحاب من الأراضي المحتلة عام 1967، والسماح بإقامة الدولة الفلسطينية المحتلة عام 67 على أراضيها، وليعد فريدمان لكل قرارات الشرعية الدولية وآخرها القرار 2334 نهاية العام الماضي. واما تمسكه بالقرار 242 فإنه يعود لوجود تفسيرين له، حيث تقول الصيغة الفرنسية "الإنسحاب الإسرائيلي من اراض محتلة" في حين النص الإنكليزي يؤكد على ضرورة الإنسحاب من كل الأراضي المحتلة. وهذا ما تبناه العالم، وليس ما تريده إسرائيل وفريدمان.
طبعا مرة جديدة الخارجية الأميركية على لسان ناطقتها، هيذر ناورت، أكدت ان تصريحات السفير لا تمثل السياسة الخارجية الأميركية.ولكن هذا الموقف لم يعد يكفي، فلا يجوز لسفير أميركا، الذي يورط الإدارة الأميركية بمواقف لا تمت لها بصلة على الأقل فيما هو معلن رسميا. وبالتالي على الرئيس ترامب ان يسحب سفيره من إسرائيل فورا، لإنه يسيء لسياسات الولايات المتحدة، ويفقدها المصداقية، ويشكل وصمة عار لها. وإن كان الرئيس الأميركي يرغب فعلا بإحلال السلام، ومعني بإتمام الصفقة التاريخية، عليه ان يوقف المهزلة التي يرتكبها سفيره فريدمان. فهل تفعل إدارة ترامب ما يستجيب لدورها كراعي لعملية السلام، وما يتوافق مع قرارات الشرعية الدولية ام لا؟ الكرة في ملعب الرئيس ترامب وإدارته.