قال وكيل جهاز المخابرات العامة المصرية الأسبق وعضو المجلس المصري للشؤون الخارجية اللواء محمد إبراهيم، إن إعادة ترتيب البيت الفلسطيني أصبح ضرورة حتمية، وأن مصر شريك وليست وسيطا في تحقيق المصالحة الفلسطينية.
وأضاف اللواء إبراهيم في مقال نشره اليوم الجمعة، بمجلة المصور الصادرة بالقاهرة تحت عنوان" في حاجة للعديد من الجولات المصالحة الفلسطينية حتمية النجاح"، أن الخطاب الشامل وشديد الأهمية الذي وجهه الرئيس عبد الفتاح السيسي للشعب الفلسطيني يوم الثالث من أكتوبر الحالي، وكذلك الزيارة الهامة التي قام بها رئيس المخابرات العامة إلى الضفة الغربية وقطاع غزة في اليوم نفسه جاء تتويجاً وتأكيداً على مدى أهمية الدور المصري الحيوي الذى لا غنى عنه ليس فقط فيما يتعلق بالمصالحة وإنما أيضاً بكل ما يرتبط بالقضية الفلسطينية وكافة مكوناتها.
وأضاف، أن مصر تعد الدولة الوحيدة في العالم القادرة على تحقيق المصالحة الفلسطينية / الفلسطينية، وليس أدل على ذلك من أن التحركات والنتائج الإيجابية التي تحققت في مجال المصالحة منذ عام 2007 وحتى الآن تمت بجهد وتحرك مصري واع وفعال، ولذلك أؤكد مراراً أن مصر لم ولن تبحث عن دور في قضايا أمنها القومي، بل إن الدور هو الذي يبحث عن مصر ليزداد قوة وثقلاً وتأثيراً.
وأوضح، أنه لا يمكن النظر إلى تعبير ترتيب البيت الفلسطيني على أنه مجرد صياغة عامة نستخدمها عند الضرورة، وإنما هو مسألة معقدة تتطلب جهداً كبيراً يهدف إلى توحيد الرؤى قدر المستطاع أو التقريب بينها إلى حد كبير؛ حتى يكون الموقف الفلسطيني على المستويين الداخلي والخارجي مؤثراً ومتوائماً مع نفسه، وبالتالي يكون قادراً على التعامل مع المجتمع الدولي بصفة عامة ومواجهة الموقف الإسرائيلي الرافض لمنح الفلسطينيين حقوقهم المشروعة بصفة خاصة.
وأردف اللواء إبراهيم: ومن المؤكد أنه بدون ترتيب البيت الفلسطيني بهذا الشكل لا يمكن لأي جهد فلسطيني أو عربي أن ينجح من أجل دفع هذه القضية المحورية للأمام.
وقال إن إعادة ترتيب البيت الفلسطيني لم يعد مجرد خيار يسمح لنا بأن نختاره من بين عدة بدائل بل أصبح ضرورة حتمية في الوقت الراهن، ومن هذا المقام لابد أن أحذر من أننا قد لا نجد فرصة أخرى مواتية لتحقيق هذا الهدف إذا ما ضاعت الفرصة الحالية.
وأضاف اللواء إبراهيم، أن ترتيب البيت الفلسطيني يعد الخطوة الأساسية للحصول على حقوقنا المشروعة، وإقامة الدولة الفلسطينية من خلال المفاوضات والتسوية السياسية ما دمنا حريصين على تحقيق حلم الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وإنهاء الذرائع التي يستند عليها نتانياهو للتهرب من استحقاقات السلام.
وذكّر، بأن الضفة الغربية وقطاع غزة لا زالتا أرضاً محتلة، وبالتالي لا نملك ترف استمرار الانقسام أو البحث عن غنائم ومكاسب ومزايا وهمية في ظل احتلال إسرائيلي سافر يعلن بكل وضوح أنه لن تكون هناك دولة فلسطينية مستقلة.
وشدد على "أن المصلحة الفلسطينية العليا هي الأبقى والأسمى والتي يجب أن تتنافس الفصائل والتنظيمات بشأنها، أما المصالح الحزبية الضيقة فيجب أن تنتهي بدون رجعة".
وذكر، أن كافة المشكلات المثارة أمام المجتمعين في القاهرة أياً كانت نوعيتها هي مشكلات قابلة للحل، كما أن الاتفاقات الموقعة في فترة سابقة كلها أيضاً قابلة للتنفيذ على الأرض ولا تتطلب سوى مرونة وثقة متبادلة وشفافية والنظر إلى هدف واحد فقط وهو مصلحة الشعب الفلسطيني كله كوحدة واحدة حتى وإن تعددت الاتجاهات السياسية التي تعتبر حقاً مشروعاً مادامت لا تتعارض مع مصلحة وأمن واستقرار الوطن.
وشدد على ضرورة الاعتماد بقوة وصدق على الشريك المصري (وليس الوسيط المصري) والتعامل بإيجابية مع الحلول الوسط التي يطرحها عند الضرورة انطلاقا من عدم وجود أية مصلحة مصرية للانحياز لأي طرف سوى لمصلحة الشعب الفلسطيني، بالإضافة إلى ضرورة أن يكون لدى القيادات وكافة التنظيمات الفلسطينية الثقة المتناهية في كفاءة قيادة وطاقم عمل رجال المخابرات العامة المتفانين والمتابعين بدقة كافة تفصيلات هذا الملف.
وأكد اللواء إبراهيم، على أن تحقيق المصالحة سوف تكون خطوة هامة للغاية تعود بإيجابيات متعددة على جميع الأطراف وذلك كما يلي:
أولاً : مصر:-
-التأكيد على أن مصر تعد الشريك الرئيسي في كل تطورات القضية الفلسطينية داخلياً وخارجياً وفى الماضي والحاضر والمستقبل حيث إنها تمتلك كافة مقومات التحرك والتأثير التي لا تتوافر للأطراف الأخرى.
-تمهيد المجال أمام تحرك مصري جديد إقليمياً ودولياً خلال المرحلة المقبلة فيما يتعلق بتسوية القضية الفلسطينية وبدء مرحلة جديدة أكثر فعالية في عملية السلام.
-تأمين الحدود المصرية مع قطاع غزة بشكل أكثر من ذي قبل في ضوء العودة المتوقعة لقوات الأمن والشرطة الفلسطينية إلى القطاع إضافة لما قامت به حركة حماس من إجراءات إيجابية في مجال تمهيد المنطقة العازلة على الحدود مع مصر واعتقال بعض العناصر الإرهابية.
ثانياً: السلطة الوطنية الفلسطينية:-
- دعم موقف الرئيس أبو مازن على المستوى الداخلي في ظل ما سيتم من إنهاء الانقسام في عهده الذى استمر لمدة أكثر من عشر سنوات.
- توحيد الموقف السياسي الفلسطيني ليكون أكثر قوة وتماسكاً في مواجهة إسرائيل وفى ضوء ما هو متوقع من مزيد من دعم عربي ودولي لهذا الموقف عند استئناف المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية.
ثالثاً : قطاع غزة:-
- عودة الأمور إلى طبيعتها في القطاع بصورة تدريجية وإحداث نوع من التنمية اقتصادية على مراحل وحل المشكلات الاجتماعية التي نجمت عن الانقسام.
- تمهيد المجال أمام فتح معبر رفح بشكل دائم في حالة حل مشكلة المعابر وتولى السلطة الفلسطينية مسئوليتها بصورة كاملة.
- إمكانية دفع المجتمع الدولي والدول المانحة لتنفيذ كافة تعهداته المادية السابقة لإعادة أعمار القطاع (حوالي عشرة مليارات دولار) وتنفيذ ما تم الاتفاق عليه في مؤتمري شرم الشيخ عام 2009 والقاهرة عام 2014.
- وقف التدخلات الخارجية لتأجيج الصراع في قطاع غزة استغلالا لوضعية الانقسام.
رابعاً: حركة حماس والتنظيمات الأخرى:-
- تخلى حركة حماس عن سيطرتها على القطاع من خلال حلها اللجنة الإدارية وإتاحتها المجال أمام الحكومة الفلسطينية الحالية؛ لتمارس مهامها كاملة وفي كافة شؤون ومجالات الحياة هناك، وهو الأمر الذى يشير إلى أن حماس حريصة بأن تؤكد للجميع أنها تنظيم فلسطيني ليس له أية انتماءات خارجية يلتزم بالمصلحة الوطنية العليا له كافة الحقوق وعليه كافة الالتزامات.
-إنهاء كافة المشكلات التي كانت حماس طرفاً فيها داخل المنظومة الفلسطينية لأسباب مختلفة.
-حل المشكلات الأمنية بين حركة حماس ومصر في ضوء تصاعد الإرهاب في سيناء خلال الفترة السابقة، وما وضح من استخدام الإرهابيين الأنفاق والقطاع في عملياتهم الإرهابية.
- مشاركة كافة التنظيمات والفصائل الفلسطينية في القرار الفلسطيني وإثبات مدى قدرتها على دعم المصلحة الفلسطينية وليست الحزبية.
يذكر أن اللواء محمد إبراهيم قد لعب دورا كبيرا خلال منصبه السابق وكيلا للمخابرات المصرية في تقريب وجهات النظر بين الفصائل الفلسطينية، كما كان له دور مباشر في إقناع مختلف الأطراف بالتوقيع على اتفاق المصالحة الذي تم توقيعه من قبل جميع الفصائل يوم 4 أيار/مايو 2011.