لماذا لا يسرّع القضاء البت في قضايا الأغذية الفاسدة؟

صلاح هنية.jpg
حجم الخط

بات ملحا إجراء تغير نوعي في التعاطي مع قضايا المس بسلامة الأغذية والتعاطي مع السلامة للعاملين في المطاعم والمقاهي ومحلات العصائر واللحوم والدواجن، وبما أننا بتنا نمتلك استراتيجية وطنية لسلامة الغذاء 2017 – 2022، وتم إقرار مشروع بقانون تعديل قانون حماية المستهلك رقم 21 لعام 2005، وتلك محفزات لتغير نوعي في التعاطي مع سلامة الغذاء.
دعونا نخرج عن المألوف بحيث لا نبقى نعالج مظاهر فساد الأغذية دون جوهرها، الخطوة الأولى المطلوبة هي حل تراكم قضايا الفساد الغذائي والغش التجاري وتغير التواريخ وغيرها المنظورة أمام القضاء الفلسطيني بحيث يتم النظر فيها بصفة الاستعجال وعدم تراكمها وإشهار أسماء المتورطين بها على نفقتهم هم أي المتورطين، ولعل قرارا من قبل مجلس القضاء الأعلى بالنظر المستعجل بهذه القضايا دون المس بحق المتهم بمحاكمة عادلة باركانها كاملة ليكون المحكومون عبرة لمن يعتبر ولمن لن يعتبر.
بالأساس المطلوب توحيد الجهد الرقابي الرسمي بحيث يكون مستمرا ومتواصلا وعلى مدار الساعة وفي شهر رمضان وغير شهر رمضان، وسيظل المتعاطون مع الأغذية الفاسدة وتوجيهها صوب السوق الفلسطينية يظنون انهم اقدر على التعاطي مع تفعيل الجهد الرقابي، إلا أن الظهير الشعبي الواعي الرافض لهذه الممارسات سيكون قادرا على منع والحد من الأغذية الفاسدة.
يعتبر دور ائتلاف جمعيات حماية المستهلك الفلسطيني أساسيا في إسناد الجهد الرقابي الرسمي ويمتلك أدوات لتوجيه الرسائل للقضاء ونيابة الجرائم الاقتصادية بضرورة مواكبة ارتفاع وتيرة الأغذية الفاسدة وغير الأغذية من البضائع الفاسدة سواء مواد التجميل او الأحذية والملابس المقلدة والمزورة، بسرعة تكيف القضايا مع أقصى العقوبات، والنظر بصفة الاستعجال في القضايا أمام القضاء.
وحتى لا تظل الأغذية الفاسدة وقضايا الجرائم الاقتصادية مثل الكرة الكل يلقيها صوب مربع الآخر ليتخلص من مسؤولياته تجاهها بات من الأهمية بمكان أن تصبح هذه الجرائم مجرمة مجتمعيا وتصدر فتوى واضحة بخصوص تحريم التعاطي معها وتوضيح مراحلها في الفتوى بدءا من توجيه البضائع بإخفاء عيوبها انتهاء بالتهريب مرورا بإدخال منتجات معروفة أنها فاسدة وموجه للتسويق للسوق الفلسطينية وشراء المبيدات الزراعية المحظورة من المستوطنات والتسبب بأمراض وآثار مختلفة، الأهم هو التجريم المجتمعي، والنبذ الاجتماعي وعدم اعتبار تلك الجرائم فهلوة وشطارة واغتنام فرص بل جرائم مثل السرقة والنهب وغيرها.
ومن اخطر مظاهر تحفيز الفساد الغذائي وجرائمه أن يصبح خطاب الورشات واللقاءات تبريرا للواقع واستحالة نجاح أي مبادرة او حملة للتغير، أو خطاب من عيار اننا عملنا كل الممكن لكن الحال على حاله بصورة تحبط الجهد المجتمعي المؤسسي باتجاه محاربة الأغذية الفاسدة وتغير التواريخ والدعوة لتوحيد الجهد الرقابي.
والخطورة تكمن بإعفاء الجميع نفسه من المسؤولية وتحميلها لوعي المستهلك وضرورة ان يحمي نفسه بنفسه وكأن التاجر معفى سواء أكان الصناعي والمستورد، وكأن المستهلك يحمل مختبرا في جيبه ليفحص البندورة والخيار من تراكم بواقي المبيدات الزراعية، ولا توجد مسؤولية على من يورد ما هب ودب من السوق الإسرائيلية والمستوطنات.
قضايا فساد الأغذية والجرائم الاقتصادية الأخرى على رأس اهتمامات وأولويات المستهلك عبر جمعيته المتخصصة والممثلة له، وسيستمر في اندفاعه تجاه تحقيق اختراق في الحد منها ومعاقبة المستحقين للعقوبة الرادعة عبر القضاء ولن يعد المستهلك قابلا بدور الضحية دون حراك، ولن يقبل المستهلك بالمطلق تجبر بعرض أركان السوق به من حيث السعر والجودة والغش التجاري والأغذية الفاسدة ومضاعفة كميات المبيدات الزراعية والتلاعب باستخدام المواد الحافظة والملونة، والانتصار لمكونات السوق الأخرى عدا المواطن المستهلك الغلبان المعرض للغش والأغذية منتهية الصلاحية.