كتب: أكرم عطا الله
المصالحة تسير بوتيرة بطيئة لكن قوة الدفع الخارجية هذه المرة أقوى من الكوابح إلا إذا كان الفيتو الأخير الذي رفعه الكابينيت الاسرائيلي في جلسته المنعقدة أمس يشكل كابحاً أقوى من كل الدوافع، لكن لنفترض أن المصالحة ستستمر قدماً وإن بسرعة السلحفاة هذا يعني أنها ستذهب لمسارها النهائي نحو الانتخابات؟
هل فكر أحد بقدرة فتح على المنافسة في ظل الشرخ الحالي الذي تعيشه والذي يشكل أحد أطرافه عضو اللجنة المركزية السابق محمد دحلان؟ ففتح وهي موحدة عام 2006 لم تستطع تجاوز حركة حماس فكيف سيكون وضعها اذا ما دخلت الانتخابات بهذه الحال ؟ هناك من يفكرون مع بدء رياح المصالحة باعادة موضعة أنفسهم في النظام السياسي وفي المواقع التي توفرها عودة السلطة لغزة وهناك أيضاً من يفكر بحالة فتح العمود الفقري للحركة الوطنية والمصاب بانحناءة كبيرة.
تساؤلات تولدها نهاية المسار المرسوم ماذا لو دخلت حركة فتح الانتخابات بقائمتين واحدة يدعمها الرئيس أبو مازن وأخرى يدعمها دحلان ؟ هذا يعني تجريدها الأغلبية في الصندوق لصالح حركة حماس، وسؤال أكثر أهمية ماذا لو توافق النائب دحلان مع حركة حماس على مرشح للرئاسة مثل مروان البرغوثي الغاضب من اللجنة المركزية بعد اضراب الأسرى أو شخص غيره؟؟
لا أحد يستبعد كل السيناريوهات خاصة بعد التقارب الذي حصل في يونيو الماضي بين دحلان وحماس ولا أحد يستبعد أن يلجأ دحلان إلى أي سيناريو يعيده للنظام السياسي من خلال الصندوق وخاصة بعد محاولة الاعدام السياسي التي تعرض لها فهو ليس المسيح الذي سيصطف جانباً ليعطي الفرصة لزملاءه السابقين في اللجنة المركزية الذين بذلوا كل الجهود من أجل ازاحته عن المشهد السياسي ويقول لهم “تفضلوا تقدموا الصفوف علي نهايتي “.
هناك من أعضاء اللجنة المركزية من يستسهل القول أن “دحلان انتهى” دون أن يجهد نفسه بالنظر لا لحصة دحلان في كتلة فتح البرلمانية ولا لقوته على الأرض والتي تهدد اذا لم تصب هذه الكتلة لصالح حركة فتح تهدد بشكل جدية ، خسارة الحركة للانتخابات سواء البرلمانية أو الرئاسية فالسياسة يجب أن تخلو من العواطف فلا حب أو كراهية بقدر ما أنها قراءة لموازين القوى على الأرض وهناك حقائق اذا ما تم تجاهلها أو معاندتها فان الفشل هو الحقيقة الوحيدة التي تصطدم بها الأطراف.
اذا كنا سنستمر بالانقسام لن يكون هناك انكشاف أو أزمة ولكن اذا تمت المصالحة نحو محطة الصندوق فحسابات العقل أبعد كثيراً من نزوات الحب والكراهية وأبعد من مصالح صغيرة لبعض الطامحين بالوراثة الذين يعتبرون عودة دحلان لحركة فتح تعني القضاء على حلمهم بالرئاسة الذي يتعزز مع اقتراب الرئيس منتصف العقد التاسع وكأن حلمهم على وشك التحقق قد لا تعنيهم حسابات فتح والحركة الوطنية والهوية الوطنية لصالح حسابت أصغر وهنا ينبغي الوقوف أمام انتخابات البلديات الأخيرة في الضفة الغربية كعينة كبيرة لمزاج الرأي العام وتوجهاته الانتخابية.
غزة ليست المعيار المرجح للانتخابات والتي تضاءلت فيها حصة حركة حماس وتتزايد فيها حصة فتح ودحلان فهي مجتمع فتي أغلبيته تحت العمر الانتخابي فالمعيار في الضفة الغربية التي لم تجرب حكم حركة حماس ولم يكن أداء السلطة فيها نموذجياً ومخزون الأصوات الانتخابية الأكبر في الضفة الغربية، هنا حساب العقل الحقيقي وحساب المصالح العليا أيضاً.
لم يخفي الرئيس رغبته بالترشح لولاية جديدة، هكذا فهم من لقاءه الأخير مع لميس الحريري عندما قال أنه “لا ينوي الترشح ولكن اذا كان ذلك مطلباً شعبياً فانه سيفعل” وجميعنا يعرف أنه لازال مرشح حركة فتح الأقوى لأي انتخابات قادمة وبلا منافس وجميعنا يعرف أن اللجنة المركزية لحركة فتح ستقرر ترشيح الرئيس أبو مازن وهي فرصة للورثة لاعادة ترتيب أنفسهم خلال ولايته القادمة.
ماذا لو ذهب وفد للرئيس وصارحه بأن نجاحه ونجاح حركة فتح مرتبط بالمصالحة الداخلية بالحركة؟ ماذا لو قيل له بأن رغبته بالترشح أو رغبة الشعب كما قال تمر عبر دحلان ؟ هذه حقيقة من يتجاهلها يغامر بهذه الحركة الكبيرة ويغامر بمشروعنا الوطني الذي قادته لعقود طويلة ودفعت ثمنه في كل الساحات، بالتأكيد سيرفض الرئيس والأكثر من ذلك سيستشرس منافسوا دحلان من الذين يعدون أنفسهم للوراثة لفعل كل شيء لاثبات عكس ذلك، هذا ما يمكن تقديره بكل أسف وهنا نكون أمام مغامرة كبيرة لا أحد يعرف نتائجها وربما ستقصي فتح عن قيادة العمل السياسي.
يستغرب المرء أحياناً كيف يدافع فتحاويون عن تفتيت حركة فتح وهي الفصيل الذي تمت هندسته بعقل ياسر عرفات ليضم كل الشعب الفلسطيني بكل أطيافه المخالفون قبل الموالون، خسارة …..ولو كانت فتح تنظيماً عادياً لم تكن المسألة تستحق التوقف أمامها ولكن عندما يمس الأمر القوة التي تشكل عمود الحركة الوطنية ففي الأمر نوع من العبث، ولتذهب فتح للانتخابات اذا كانت لا تصدق، هذه قراءتنا نحن الذين لا يعنينا سوى وحدة حركة فتح وتسيد الحركة الوطنية ..!!