لا شك أن الأسس المهنية في الوظائف العمومية تقوم على تدريب وتطوير مهارات طواقم الموظفين العاملين في القطاع العام، وذلك بهدف ترسيخ ثقافة الوظيفة العمومية في إطارها الصحيح، وتحسين أداء وكفاءة موظفي الخدمة المدنية في مختلف المؤسسات.
وبالحديث عن تجربة المدرسة الوطنية، أكد رئيس ديوان الموظفين العام موسى أبو زيد، على أهمية دورها في عملية تدريب الموظفين وتأهيلهم، مشيراً إلى أن العمل على إنشائها بدأ منذ تسلمه رئاسة الديوان في العام 2011م.
وأضاف خلال لقاء خاص مع وكالة "خبر"، أن "قانون الخدمة المدنية المعدل عام 2005 نص على أهمية إنشاء مركز تدريب لموظفي القطاع العام كمركز رئيس وإنشاء فروع له في محافظات الوطن، إلا أنه لم يتم تفعيل هذا البند".
وبيّن أبو زيد أن العمل على إنشاء هذه المدرسة جاء بهدف التدريب المكمل للمناهج الأكاديمية التي تلقاها موظف القطاع العام قبل التحاقه بالوظيفة العامة، حيث إن عملية التدريب يتمثل دورها في مواكبة المتغيرات لكل عام، ومحاكاة ما يحدث من تطورات على كافة الصعد في جميع أنحاء العالم.
وأشار إلى أن تأسيس المدرسة الوطنية كان بدعم وتوجيه من المستوى السياسي، خاصة الرئيس محمود عباس، ورئيس الوزاء د. رامي الحمدلله الذي كان يُشرف على إنشائها لحظة بلحظة، موضحاً أن المدرسة في العام الحالي 2017 وصلت إلى مستوى يشكل مصدر اعتزاز وفخر لكافة أبناء الشعب الفلسطيني.
وتابع أبو زيد: "خلال العامين الماضيين نفذنا مجموعة من الأنشطة بالتعاون مع العديد من دول العالم، من أجل العمل على قدرة فلسطين في نقل المعرفة والخبرات إلى جانب دول العالم"، مبيّناً أن العديد من الجهات في دول العالم تسعى لبناء علاقات ثنائية مع المدرسة الوطنية الفلسطينية للإدارة.
ولفت إلى أنه تقدم لهذا البرنامج حوالي 800 شاب وصبية من الفئة الأولى والقطاع الخاص والأمن، من خلال مراحل البرنامج التي وصلت إلى 175 امتحان أولي، مضيفاً: "أعلنا لكل المتقدمين أن الامتحان الكتابي سيتألف من 7 حقول علمية القانون، في مساقات الإدارة والتخطيط الاستراتيجي والدبلوماسية والعلاقات الدولية والاقتصاد العالمي والمالية وإدارة الموارد البشرية".
وأردف: "عملنا على تكون مجموعة من المعارف والقدرات الشاملة لهؤلاء الشبان، وركزنا على المواصفات الشخصية لأنهم بهذه الطريقة فقط يستطيعوا توظيف ما تتمتع به الموارد البشرية لتحقيق أهداف المؤسسة"، لافتاً إلى أنه بعد خضوعهم للامتحان الكتابي، جرى اختيار 63 شخصاً منهم للمقابلة الشفهية، حيث تم تشكيل لجان من شخصيات مهنية منها رؤساء جامعات ومنها من يعمل في البلديات والوزارات، لمقابلة المجموعة التي وصلت إلى المرحلة الشفهية وعددها 34 شخص من إجمالي العدد المتقدم، وهو الفوج الأول من برنامج القادة.
وأوضح رئيس ديوان الموظفين، أن مضمون البرنامج تركز على التدريب النظري لمدة 3 شهور، لافتاً إلى أنه من أعمق البرامج على مستوى التعليم، وأن الحاصلين على البرنامج كان غالبيتهم من حملة الدكتوراة والماجستير.
وقال: "إن البرنامج انقسم إلى التدريب العملي والنظري، وبالتالي فإنهم تلقوا التدريبات في مواقع العمل وبعد ذلك حصلوا على تدريبات مع القادة الإداريين، بحيث كان كل مشارك بالبرنامج تدرب شهر أو أكثر إلى جانب محافظ أو وزير أو مؤسسة، بهدف الانتباه للمهارات والمواصفات، ومن ثم يقوموا بعمل برامج ومشاريع تخرج".
وبيّن أبو زيد، أن البرنامج التدريبي يأخذ خلاله كل شخص إحدى القضايا العامة بهدف عمل بحث حولها لطرح الحلول المناسبة، مضيفاً: "نسعى للظهور أمام العالم بأننا شعب قدير وقادر على ابتكار الإبداع والجديد، وأيضاً قادر على إثراء النظريات الإدارية بكل ما هو جديد".
وشدد على أن المدرسة الوطنية ستصنع في كل عام الجديد، وأن برنامج الإدارة في حالة تطور من أجل الوصول إلى أرقى أشكال الحكم الرشيد، وأهم الطرق للوصول إلى أكثر القادة قدرة على تحقيق آمال المواطنين.
ولفت أبو زيد، إلى أن برنامج القادة يتم التعاون فيه بشكل رئيسي مع المدرسة الوطنية للإدارة الفرنسية، موضحاً أن هناك العديد من البرامج الأخرى مع الأصدقاء الكوريين.
وأوضح أن التعاون مع البرنامج الكوري يهدف إلى بناء المدرسة الوطنية للإدارة، حيث تم اختيار 15 متدرب ليصبحوا مدربين من إجمالي عدد 100 تقريباً، وذلك عبر مقابلات صعبة شارك فيها الكوريين وبعض المعاهد التدريبية بفلسطين، لتوفير قدرات محلية في مجال التدريب الوظيفي لمؤسسات الدولة، وأيضاً توفير مدرب في كل وزارة قادر على تأهيل العاملين بداخلها.
وأضاف: "قمنا بإعداد 75 مدرب يتمثل دورهم في وزاراتهم بالعمل على تأهيل الموظفين الجدد، والوقوف إلى جابنهم على مدار العام كما يشارك في تقييمه وتقديم توصيه بتثبيته من عدمه"، مضيفاً أنه سيتم الانتهاء من هذا البرنامج في غضون 10 سنوات قادمة.
وشدّد أبو زيد، على أنه سيطرأ تغيير حقيقي وفعلي على نوعية القيادات الإدارية الفعليى في الدولة، موضحاً أنه يجري العمل على رفع نسبة المرأة في مستوى صنع القرار من خلال هذا التدريب، والذي من المتوقع أن يرتفع من 11% إلى 25 أو 30 %.
وأشار إلى أن المواطن سيبدأ خلال فترة زمنية بملاحظة تحسن نوعية الخدمات، ودور مؤسسات الدولة في حياته مباشرة، مؤكداً على أن إنجازات المدرسة الوطنية هي نتيجة للتاكمل والتعاون الوثيق والفعلي بين جميع مؤسسات الدولة.