-خبر-بقلم: موشيه آرنس
17 حزيران 2015
تحتاج إسرائيل الى دستور، ولكن يمكن الافتراض أنها لن تحظى به في المستقبل القريب، وسبب ذلك أنه من أجل تبني دستور توجد حاجة الى أغلبية كبيرة – أكثر من أغلبية عادية – للأحزاب في اسرائيل. إضافة الى ذلك، من اجل أن يحظى هذا الدستور بالشرعية فهو بحاجة الى تأييد الاوساط المختلفة في المجتمع الاسرائيلي المتعدد، ويشمل ذلك العرب واليهود والحريديين. إن الدستور الذي يوضع بأغلبية صغيرة ويتم فرضه بالقوة على ممثلي الأقلية لن يحظى بالشرعية التي يحتاجها في اوساط جميع السكان.
هذه المطالب لا توجد في أي قانون من قوانين دولة اسرائيل التي تم نشرها، لكنها تنبع من العقل المباشر، ولا يوجد الكثيرون من الذين سيُشككون فيها. والسبب هو الفهم بأن هناك حاجة الى التأييد الواسع.
لقد كانت محاولات في الماضي لـ «تركيب دستور» بوساطة سن «قوانين أساسية» بادرت اليها لجنة الدستور والقانون في الكنيست. إن من شأن القوانين الأساسية أن تكون جزءاً من الدستور الذي سيوضع في وقت ما. المفارقة لهذا التشريع الدونكيشوتي هي أن القوانين الاساسية تُعتمد في الكنيست بأغلبية عادية وحسب عدد الحضور اثناء التصويت، لكن بعد ذلك يتم الدفاع عنها بأنه يمكن الغاؤها أو تغييرها بأغلبية كبيرة.
الخلل البارز في هذه العملية هو أن الاغلبية الكبيرة المطلوبة لتبني الدستور غير مطلوبة من اجل اعتماد «شظايا» الدستور، ألا وهي القوانين الاساسية. فهي ليست لديها الشرعية المطلوبة للدستور، رغم أن محكمة العدل العليا منحتها الشرعية في بعض القرارات.
عند جميع الديمقراطيات المتنورة، فان التشريع أو القرارات المهمة والمركزية أو تلك التي لها تأثير بعيد المدى، يجب أن تتم من خلال اغلبية كبيرة، أو اغلبية أكبر بكثير من الاغلبية العادية، استنادا الى اعضاء الكنيست الموجودين للتصويت. المواثيق الدولية يجب أن تتم المصادقة عليها في مجلس الشيوخ بأغلبية الثلثين على الأقل. والاضافة على الدستور أو تعديله أو الاجراءات في المجلس يجب أن تحظى بأغلبية الثلثين على الأقل ايضا.
تهدف هذه الاجراءات الى منع الاغلبية من التصرف بقوة العضلات. إن مراعاة الاقلية وضرورة الدفاع عنها، لا سيما عند الحديث عن امور مهمة على المدى البعيد، يجب أن تكون جزءاً لا ينفصل عن العملية الديمقراطية.
تتجاهل الكنيست هذه المبادئ، حيث تكفي اغلبية بصوت واحد من اجل اتخاذ القرار. وقد تمت المصادقة على امور ذات أهمية على مدى السنين بأغلبية عادية لاولئك الذين كانوا موجودين وقت التصويت. فاتفاقات اوسلو نجحت بفارق صوت واحد، وقانون الانتخاب المباشر لرئيس الحكومة الذي تم الغاءه في الوقت الحالي، تم اعتماده بأغلبية عادية بتصويت المتواجدين، وتغيير قانون الانتخاب الكنيست مثل رفع نسبة الحسم الذي صودق عليه مؤخرا، كلها تمت بأغلبية عادية.
صحيح أن اغلبية القوانين والقرارات تحتاج الى اغلبية صوت واحد، وهذا جيد، وبدون ذلك ما كانت الحكومة تستطيع العمل. لكن هناك قوانين وقرارات لا تكفيها الاغلبية العادية، وبالتأكيد ليس صوتا واحدا.
حان الوقت لسن دستور يأخذ في الحسبان موقف الأقلية في كل ما يتعلق بالمصادقة على القوانين ذات التأثير الكبير وبعيدة المدى. وفي غياب الدستور من الضروري وضع حد للفوضى التشريعية التي تحدث هنا منذ سنوات، والتي حولت اسرائيل الى دولة شاذة عن العالم الديمقراطي. يعتبر هذا تحديا للجنة الدستور والقانون في الكنيست، التي تفتتح في هذه الاثناء دورة جديدة. ولهذا يجب عليها تحديد المواضيع والقرارات التي تستوجب الأغلبية الكبيرة.
عن «هآرتس»