حالة من الغليان تشهدها الأراضي الفلسطينية، عقب إعلان الرئيس الأمريكي ترامب مدينة القدس عاصمة لإسرائيل، حيث شهدت كافة مناطق التماس مع الاحتلال مواجهات عنيفة رافضة لسلب أمريكا أطهر بقعة في بلاد المسلمين.
وعلى الصعيد الرسمي أعلن نائب رئيس حركة فتح محمود العالول، انتهاء اتفاقية أوسلو التي وقعها الراحل عرفات في العام 1993، مشيراً إلى أن مركزية فتح وتنفيذية المنظمة ستعقدان اجتماعات مهمة لبحث الرد على القرار الأمريكي.
هبة عارمة
قال المحلل السياسي أحمد رفيق عوض، إن قرار الرئيس الأمريكي أصاب الشعب الفلسطيني بحالة إحباط، مشيراً إلى أن الغضب الفلسطيني لا يمكن التنبؤ بأشكاله القادمة.
من جهته، أوضح المحلل السياسي سامر عنبتاوي، أن الهبة الشعبية التي اندلعت في الضفة الغربية وقطاع غزة، تؤكد على أن قضية القدس أمر في غاية الأهمية بالنسبة للشعب الفلسطيني، لافتاً إلى أن قوات الاحتلال تفاجأت من حجم الغضب الشعبي والذي من المرجح أن يتصاعد في حال عدم تراجع ترامب عن قراره.
من جانبه، رأى أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر د. ناجي شراب، أن ردة الفعل الفلسطينية والمواجهات التي اندلعت على خطوط التماس مقبولة إلى حد كبير، إلا أنها لم ترتقى لمستوى الانتفاضة.
فيما بيّن المحلل السياسي خالد العمايرة، أن الغضب الشعبي العارم يؤكد رفض الشعب الفلسطيني للقرار الأمريكي وتمسكه بالقدس عاصمةً لدولته الفلسطينية، مشيراً إلى حجم التخاذل العربي بخاصة الرؤساء والذين لم يكن لهم أي دور في الدفاع عن المدينة المقدسة.
انتهاء أوسلو
اعتقد عوض، أن إسرائيل أنهت اتفاقية أوسلو منذ زمن طويل ولم يتبقى منها سوى التعاون الاقتصادي والأمني فقط ، داعياً القيادة الفلسطينية إلى اتخاذ قرارات مصيرية على صعيد العلاقات مع الاحتلال.
وقال عنبتاوي لمراسلة وكالة "خبر": إن "اتفاق أوسلو الذي كانت مدته خمس سنوات لم ينفذ وما نفذ منه هو الشق المتعلق بالالتزام الفلسطيني"، مؤكداً على أن دولة الاحتلال تنصلت من كافة الالتزامات المترتبة على الاتفاقية، لذلك فإن تصريحات العالول تصب في الاتجاه الصحيح نحو دفن تلك الاتفاقية التي لم يلتزم الاحتلال ببنودها.
في حين، أوضح شراب، أن تصريحات العالول، بشأن إعلان انتهاء اتفاقية أوسلو لا تعد تصريحات رسمية، حيث إنها جاءت بصفته مسؤولاً في حركة فتح وليس في السلطة الفلسطينية، مؤكداً على أن إعلان الفصائل في هذا الشأن ليس له قيمة قانونية أو سياسية.
واتفق العمايرة مع شراب، بأن العالول ليس صانع قرار وأن تصريحاته تمثله شخصه فقط ولا تمثل الرئيس محمود عباس، مثمناً في ذات الوقت التصريحات الإيجابية للعالول والتي تنادي بالتحلل من اتفاق أوسلو.
قرارات مصيرية
شدّد عوض لـ"خبر"، على ضرورة الخروج بقرارات مصيرية خلال اجتماعات اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، من خلال وضع آليات جديدة على صعيد العلاقات مع إسرائيل التي لم تحترم مبادئ العملية التفاوضية.
ورأى عنبتاوي، أن أولى القرارات التي يجب اتخاذها هو إعادة الوحدة الوطنية للشعب الفلسطيني، والاتفاق على برنامج سياسي موحد للخروج من مأزق الإشراف الأمريكي على عملية السلام، وضرورة وضع إطار سياسي مؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية.
ودعا العمايرة، إلى قطع العلاقات مع الإدارة الأمريكية ووقف التنسيق الأمني والتلويح بحل السلطة الفلسطينية، كرد أولي على قرار سلب مدينة القدس من قبل الإدارة الأمريكية، مشيراً إلى أن وجود السلطة يخدم مصالح إسرائيل، ويتوجب على الرئيس في هذه المرحلة رمي الكرة في ملعب إسرائيل لوقف التجربة السيئة التي عرضت شعبنا لكافة أنواع المخاطر.
وفي ختام حديثه أكد شراب، على ضرورة تواصل الهبة الجماهيرية والاستمرار في تنظيم الفعاليات الشعبية الرافضة للقرار الأمريكي التي من شأنها أن تجعل قضية القدس في الصدارة.
وبيّن عنبتاوي، أنّ الوقت الراهن يستدعي تلاحم القيادة مع الشعب للاستفادة من تراجع مكانة الإدارة الأمريكية وحكومة الاحتلال، مشيراً إلى أن سياسة أمريكا وإسرائيل في حالة فشل متواصلة على الصعيدين السياسي والعسكري منذ العام 2006 وحتى وقتنا الحالي.