حل الدولتين ..والاصرار على الأوسلوية!

thumbgen (11).jpg
حجم الخط

 

مع استمرار حالة "العجز الفلسطيني"، وغياب الفعل الفلسطيني امام متغيرات الاداء السياسي الوطني الفلسطيني والاقليمي و الدولي، و ذهاب الطليعة الفلسطينية، لترتمي في احضان وحل العمل السياسي، بدأت لديهم رحلة العبثية السياسية، في محاولة منها للدفاع عن ما اعتقدت انه انجازا فذا، فقط لانها كانت جزءا من هندسته، و بادراك ووعي كاملين، للتمترس للدفاع عن هذا المنجز الوهمي "اوسلو" و كأنه مقدس لا يجب المساس به؟ كيف لا و هو الذي انجز لهم "حسب اعتقادهم" دولة اعترفت بها الجمعية العمومية لهيئة الامم(...)
يتصرفون، كمن يقع في "حيص بيص" او كالقط الذي ربط في ذيله شريطا واخذ يلف ويدور حول نفسه، في محاولة لالتقاط طرف الشريط، فيعجز و يستمر بالعجز، وهذا بالضبط هو حالهم مع اتفاقية اوسلو التي انجزوها، لتصبح قدرا و قرانا لهم، اتخذوا منه الاها ناجزا لحل الصراع الفلسطيني الاسرائيلي، رافضين الاعتراف بمصيبة وعواقب هذا الذي اسموه انجازا وطنيا "كان كذلك لفترة قصيرة" دون ان يقف اي منهم للتفكير، و الاعتراف بخطأ ما اتت به ايديهم، وكانها قوانين نيوتن الحاكمة لصيرورة الطبيعة.
من هؤلاء، الاستاذ حسن عصفور، والذي كان ولا زال، عنصرا فاعلا في المشهد السياسي و الاعلامي الفلسطيني، لما له من مساهمات في الاداء السياسي العام، و ابرزها "المشاركة بهندسة "اوسلو" هو و الرئيس عباسن رغم خلافهما الطافي على السطح (...) منذ فترة سابقة لغياب القائد الرمز ياسر عرفات.
لم يدرك، اي من مهندسي اوسلو، انها كانت لتكون منجزا وطنيا، لو ان ياسر عرفات و اسحق رابين "الشركاء الاعداء الاصدقاء في الوقت ذاته" سمح لهما بتنفيذ ما اتفقا عليه، لان هذه الاتفاقية، اعتمدت في تنفيذها على شخصيهما، وليس على حبرها الذي خط بنودها على الورق، لذلك كانت ارادة معارضيهما بتغييبهما عن الحياة، ولقد كان لهم ذلك.
وتبدأ رحلة الدفاع عن اصحاب الحبر، رحلة الدفاع المستميت عن "قدسية" لا وجود لها، لهذه "الأوسلو وملحقاتها" التي حملت احبارها كل اسباب موتها بامراض عضال مختلفة، من اهمها، مبدأ تبادل الاراضي السرطاني بمطلقه، الذي رأى فيه اليمين الاسرائيلي فرصة لم يكن ليتوقعها لتحقيق الحلم الصهيوني، وهو ضم الضفة الفلسطينية، بالحلم الديني "ليهودا والسامرة"، اضافة الى الامراض الاخرى، مثل اعفاء الاحتلال من تكلفة احتلاله، بل و جعله احتلالا مربحا للكيان في كل الاحوال.
لم يعد سهلا على الاطلاق، الحديث عن شعار"حل الدولتين" امام متغيرات الارض، التي فرضها الاحتلال بدعم امريكي معلن ومطلق، وبدعم اوروبي خفي، وعجز و هزيمة للكينونات العربية قاطبة، وبتكالب دول المصالح الاقليمية (تركيا و ايران)، فالجميع منهم يراهن على عامل الزمن، ولنا في قرار التقسيم، و كامب ديفيد السادات، امثلة واضحة جلية لا تقبل التأويل، بل ومن الغباء السياسي تناسي قول شامير "باننا سنفاوض لعشرين سنة قادمة" وهذا ما كان، ولا نكون مبالغين اذا ما اعتبرنا ان الدولة الفلسطينية تحت الاحتلال، التي اقرتها هيئة الامم للشعب الفلسطيني، مضافا اليها سمّ مبدأ تبادل الاراضي "الأوسلوي" قد افرح اسرائيل الى حد الثمالة، فاين لهم من غباء سياسي فلسطيني، يقود الى دولة في غزة، "غزة فقط" دون امتداد على اي اراض مصرية، لان الكيان لن يسمح بدولة فلسطينية تمتد في سيناء او غير سيناء، بهذا العدد البشري الفلسطيني، و بما يجعلها خنجرا مزروعا في خاصرتها في المستقبل، بل انها تعمل و بكل جهد، و ستجد الوسيلة لتفريغ غزة من ثلثي سكانها على الاقل، مستخدمة اي سيناريو حتى لو كان عسكريا، يقود و يجبر دولا اوربية، لتستخدم جسورا جوية لنقل اللاجئين، محققة بذلك انهاء حق العودة لمرّة، والى غير رجعة.
بعد كل هذا الفشل السياسي الفلسطيني، يتسابق عباس ومن حوله، و حماة اوسلو و مهندسيها" المتفقين والمختلفين"، الذين يصرون جميعا عن الدفاع عنها، عبر رفضهم لاي فكرة جديدة قد تستبق التكتيك والتنفيذ الاسرائيلي الجاري بابتلاع الضفة، الذي يقوم على مبدأ اننا لن نعطي شيئا، و الذي يعتمد عدم الحاجة لطرف ثان فلسطيني او عربي كان، ليقبل ما يقومون بتنفيذه على الارض، مطيرين في الهواء و الاجواء اكذوبتهم التي يسمونها تارة "صفقة القرن"، او "المؤامرة العربية" على القضية الفلسطينية، كي تمهد لهم الارض و البيئة المناسبة، لتنفيذ الحلّ المنفرد، و الذي بدأ باغتيال رابين، ومن ثم ابوعمار والانسحاب الاحادي الجانب من غزة، و سرعة وتيرة الاستيطان، و اعتراف اوباما بن حسين بيهودية اسرائيل، وتفريغ القدس، والاعتراف الامريكي بانها العاصمة الموحدة للكيان، و من ثم ضم الضفة عبر طرق ملتوية ولكنها ليست خفية، في ظل انقلاب "اسلاموي" حمساوي اوجد انقساما شغل الناس و العباد، بلقمة العيش، وهيأ الشعب الفلسطيني ليجاهر بالقول لكل سياسييه اذهبو ولا تعودوا لا نريدكم.
امام الرفض الاسرائيلي، لحل الدولتين كما اراده الشعب الفلسطيني، وحلم به وسوقه سياسييها، فان فكرة "حل الدولة" يصبح مطروحا طالما ان الخيارين الوحيدين "الدولتين و الدولة" امام الشعب الفلسطيني مرفوضان من قبل دولة الكيان، ومن هنا، يصبح على الشعب الفلسطيني ان يستبق التنفيذ الاسرائيلي المنفرد و يتمسك بحل الدولة الواحدة (بما فيها غزة) لما فيه من مصلحة وطنية، ليست خفية على احد، فحلّ الدولة يضع الحركة الصهيونية في موقف يجبرها على اتخاذ موقف يغير من حقيقة انفرادها بتطبيق استراتيجتها لتنفيذ اهدافها من طرف واحد دون ان تعطي وزنا لاي كان. 
ويصبح طرح حل الدولة الواحدة، يشكل حجرا صلبا للبناء عليه، لتحقيق المشاركة السياسية والاقتصادية و الاجتماعية، بما يضمن ايجاد مساحات عريضة لخوض كفاح مشترك بين مواطني هذه الدولة، لن يكون الا مثمرا، على صعيد تحقيق الحقوق و الواجبات و المشاركة في المصادر، و لنا في دول العالم المختلفة مثالا ومنها دولا اوربية و غيرها و التي تتكون مجتمعاتها من اعراق و لغات مختلفةن توصلوا الى هذه النتيجة بعد برك من الدم.
ليس صعبا على الاطلاق استمرار التمترس وراء اكذوبة أوسلو، التي ذهبت مع الرياح، بعد ذهاب ابويها (عرفات / رابين)، لكن هذا التمترس ماهو الّا محاولة هزيلة لا يملك اصحابه ايّ حجة او دليل على صحّة ما يسمونه حلّ الدولتين، وما الدعوة الى اعلان الدولة في غزة و اعلان الضفة اراض محتلة الّا تكرار "غبي جدا" لما جرى برفض قرار التقسيم، و تضييع الفرص التي كان يمكن ان يبنى عليها، و بهذا سنجد انفسنا بعد عشرين عاما جديدا، نطالب بممر امن للصلاة في الحرم فقط؟ هذا ان بقي هناك حرما. 
عناصر القوة السياسية الفلسطينية تكمن في اعادة رسم المشهد السياسي الفلسطيني عبر تجديد البرنامج الوطني بما يسمح بان يعيد رسم المشهد السياسي الإقليمي متناسقا مع الرؤية الوطنية، و عبر الابداع السياسي الخلّاق، بالقضاء على اليأس والاحباط العام الذي اصبح يلفّ ويلوث الجو الاجتماعي السياسي الاقتصادي الفلسطيني، و الذي قاد الى فقدان الثقة بكل ما تمت تجربته واثبت فشله، وساعد على نشر روح الهزيمة بأشكالها المختلفة، و منها الدفاع عن الفشل الذي قادت اليه "الأوسلوية" و توابعها كاتفاقية باريس وغيرها عبر عرّابيها و مهندسيها، لسبب واحد، وحيد وهو عدم رغبتهم باعلان الفشل و الاعتراف بالخطأ...