أبدت محافل التقدير الاستراتيجي ووسائل الإعلام الإسرائيلية قلقا بالغا ، إزاء إضفاء تقرير لجنة التحقيق الدولية في جرائم الحرب الإسرائيلية في غزة شرعية دولية على قيام حركة حماس بحفر الأنفاق الهجومية.
ولفتت النخب الإسرائيلية الأنظار إلى حقيقة أن التقرير عدّ قيام حركة حماس بحفر الأنفاق "تكتيكا دفاعيا"، وهو ما يمثل نسفا للخط الدعائي الإسرائيلي، الذي يعرض حفر الأنفاق على أنه دليل على"التوجهات الإرهابية والعدائية" للمقاومة الفلسطينية.
واعتبرت كل من صحيفة "إسرائيل اليوم" وموقع "وللا" العبري أن وصف الأنفاق بأنها ذات طابع دفاعي يعني منح حركات المقاومة الفلسطينية الحق في حفر الأنفاق مستقبلا، دون أن تخشى المحاسبة الدولية.
يذكر أن القيادات الأمنية الإسرائيلية عدت الأنفاق أهم تكتيك حربي أقدمت عليه المقاومة الفلسطينية خلال الحرب الأخيرة، حيث إن هذه الأنفاق حيدت عمليا سلاحي الطيران والمدرعات وأبطلت تأثيرهما على ساحة المعركة.
وفي السياق، نوهت وسائل الإعلام الإسرائيلي إلى أن القيادة السياسية أبدت انزعاجا كبيرا من تحميل التقرير المستوى السياسي المسؤولية عن جرائم الحرب التي ارتكبت إلى جانب المستويات العسكرية.
وأشارت قناة التلفزة الثانية إلى أن المستوى السياسي ممثلا برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع موشيه يعلون، ظل يعتقد بأن التقرير لن يطاله، في حين أن التقرير يحمل كل طرف له علاقة بإصدار الأوامر الحربية خلال الحرب مسؤولية.
وأوضحت القناة أن معدي التقرير يدركون أن الجيش والمؤسسة الأمنية في إسرائيل يخضعان بشكل مطلق لتعليمات المستوى السياسي، وبالتالي فإن كل المستويات السياسية ذات العلاقة بمجريات الحرب ستكون مسؤولة عن جرائم الحرب التي قامت إسرائيل بارتكابها.
من ناحيته، كشف المعلق العسكري أمير أورن، النقاب عن أن قيادات عسكرية عبرت مؤخرا عن خشيتها من أن يضحّي المستوى السياسي الحاكم بأعضاء هيئة أركان الجيش والقادة الميدانيين والضباط الذين شاركوا في الحرب من أجل أن يزيح عن نفسه المسؤولية عن الجرائم.
وفي تحقيق نشره في صحيفة "هآرتس" الأحد، قال أورن إن قادة كبار في هيئة الأركان وقادة الفرق والألوية عبروا عن مخاوفهم من أن يتنصل المستوى السياسي من مسؤولياته إزاء مسار الحرب.
وفي سياق متصل، قالت الصحافية عميرة هاس، إن تقرير لجنة التحقيق الدولية سيعزز التوجهات داخل السلطة الفلسطينية المنادية بالتوجه لمحكمة الجنايات الدولية لمحاسبة إسرائيل، سيما في ظل حالة الجمود التي تشهدها المفاوضات.
وفي مقال نشرته اليوم صحيفة "هآرتس"، أوضحت هاس أن رئيس السلطة محمود عباس كان أكثر المعارضين لفكرة التوجه لمحكمة الجنايات الدولية، مشيرة إلى أن هامش المناورة المتاح أمامه بات محدودا بعد صدور التقرير الدولي.