شهر عسل مصر وحماس برعاية الاشبين السعودي...تسفي بارئيل

حركة حماس ومصر
حجم الخط

 وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، التقى الشهر الماضي،  مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ووزير الخارجية المصري سامح شكري، وقدم لهما مبادرة جديدة للمصالحة بين حماس ومصر. وكان رد مصر حادا وواضحا: أمن مصر فوق كل شيء وحماس هي جزء من جماعة الإخوان المسلمين، المعرفة كمنظمة إرهابية، ولن تتم المصالحة.

وفقا للموقع المصري "البوابة نيوز"، فقد  كان رد الفعل السعودي واضح وحاد أيضا. فقد تم دعوة خالد مشعل لزيارة الرياض، وطار اليها في مطلع الشهر، على متن طائرة قدمتها الحكومة القطرية، ورافقه على متنها وفد من حزب الإصلاح اليمني التابع لجماعة الإخوان المسلمين. وفي نهاية الاجتماع تسلم مشعل من المملكة العربية السعودية "تبرعا" قيمته عشرة ملايين دولار.

وبعد أسبوع، أعلنت مصر عن إلغاء تعريف حماس كمنظمة إرهابية. وبعد بضعة أيام أخرى، قررت فتح معبر رفح لمدة أسبوع، ليس فقط امام البشر ولكن أيضا لنقل السلع الأساسية، بما في ذلك الاسمنت ومواد البناء. وتحدث مسؤول في حماس لصحيفة "الحياة" السعودية عن الاتفاق مع مصر: مقابل فتح معبر رفح بشكل مراقب، تلتزم حماس بعدم العمل عبر الأنفاق والكف عن مهاجمة مصر عبر وسائل الإعلام.

وتم التوصل إلى اتفاق، وفقا للتقرير، في لقاء عقده مدير المخابرات المصري خالد فوزي مع مسؤولي حماس في قطر – وهو على الأرجح اجتماع العمل الأول بين مسؤولين من الجانبين منذ اعلان مصر عن حماس كمنظمة ارهابية. وقد بدأت مصادر في حماس التحدث عن "تلاشي المقاطعة المصرية" و فتح "قناة دبلوماسية جديدة". ويقول مصدر مصري ضالع في المحادثات مع المنظمة ان إرسال سفير مصري الى اسرائيل بعد ثلاث سنوات من اعادة سلفه، ليس مفصولا عن هذا التقارب.

واوضح لصحيفة "هآرتس" ان "مصر حريصة على الحفاظ دائما على سياسة متوازنة، وهي لا تريد أن ينظر إليها كما لو ان علاقاتها مع حماس تأتي على حساب التعاون مع إسرائيل. إرسال السفير هو خطوة مهمة للغاية، يمكنها الاشارة إلى أن مصر تقف امام مرحلة جديدة في علاقاتها مع حماس خاصة، ومع السلطة الفلسطينية على الإطلاق."

ان المبادرة الى هذا التقارب، كما ذكرنا، ليست مصرية. فلقد تحولت حماس الى أداة أساسية في الخطوات الاستراتيجية السعودية في الأشهر الأخيرة، والرامية إلى إقامة سد منيع امام النفوذ الإيراني، خصوصا مع اقتراب الموعد النهائي لتوقيع الاتفاق النووي. فعلى مدار ثلاث سنوات، منذ قطعت المنظمة علاقاتها مع سوريا ودخلت في مسار تصادمي مع إيران، لم تكلف الرياض نفسها عناء دعم حماس واحتضانها عربيا. فالمملكة العربية السعودية في عهد الملك عبد الله مضت على طريق مصر، في اعتبار الإخوان المسلمين تنظيما ارهابيا. واستندت الاستراتيجية السعودية - المصرية إلى الاعتقاد بأن حماس لا تملك اصلا أي سند آخر، ولذلك لا حاجة الى مغازلتها.

لكن الأمور تغيرت بسرعة مع تتويج الملك سلمان في يناير من هذا العام. فبعد فترة وجيزة من التتويج، اجتمع مع الرئيس التركي أردوغان، الذي أصبح العضو الجديد في التحالف ضد الأسد، وهو الذي اقترح على العاهل السعودي تقريب حماس. وفي لعبة محصلتها صفر بين المملكة العربية السعودية وإيران، يمكن لقطع الاتصال بين حماس وطهران ان يتم تسجيله كإنجاز هام للسعودية. وهكذا، تأمل المملكة العربية السعودية ان تفقد إيران بقية قدرتها على الوصول إلى القضية الفلسطينية. وقد حتم تبني حماس اعتماد نهج جديد من جانب مصر. وإذا كانت مصر قد ترددت للحظة واحدة، فقد اوضحت لها السعودية التي قدمت لها مليارات الدولارات ان عليها تغيير موقفها من الحركة، والنظر بعد ذلك في المصالحة مع الإخوان المسلمين.

وتنضم الى هذا الثلاثي إسرائيل التي ينبغي اقناعها ليس فقط بالسماح بإعادة إعمار قطاع غزة، وانما أيضا عدم مهاجمته، وبالتالي تهديد الجهود السعودية. وفي هذا الاطار بدأت الجهود لعقد لقاءات سرية بين ممثلين من قطر والاتحاد الأوروبي، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار لفترة طويلة. في هذه الأثناء تنفي حماس وجود مسودة اتفاق كهذا، ولكن الأصوات الصادرة عن المنظمة ليست موحدة. ووفقا لمصدر في حماس في غزة "هناك الآن الكثير من بالونات الاختبار، ليس فقط ازاء إسرائيل بل أيضا ازاء محمود عباس والجمهور في غزة. وفي الواقع هناك وقف لإطلاق النار، وحماس حريصة جدا على الحفاظ عليه. لكن احدى مشاكلنا ومشاكل إسرائيل هي كيفية التوصل إلى اتفاق دون تسميته اتفاق".

وهناك سؤال آخر يطرح حول كيف ستكون طبيعة العلاقة الناشئة بين مصر والمملكة العربية السعودية وحماس في العملية السياسية. وفقا لمسؤول كبير في السلطة الفلسطينية، فان المملكة العربية السعودية ومصر عموما لا تبديان اهتماما باستئناف العملية. "فمصالحهما اقليمية وحاليا تملي التقارب مع حماس"، يقول، ويضيف: "في نهاية المطاف، فإن إسرائيل ستكون المستفيد الرئيسي من هذا التغيير - سيكون لها اتفاق هدنة مع حماس، وسوف تصبح هي الجانب المهم في المثلث السعودي المصري الحماسي، ولن تضطر إلى الجلوس على طاولة المفاوضات مع محمود عباس.