من شأن أي معلومات جنسية فضائحية عن أي سياسي مرموق أن تطيح بمستقبله السياسي فما بالك لو كان رئيس أكبر دولة في العالم، لكن الملياردير والرئيس الأمريكي دونالد ترامب أثبت أنه ليس كالآخرين وليس حتى كأسلافه، فلماذا؟
في 1998 نفى الرئيس الأمريكي بيل كلينتون إقامة علاقة جنسية مع مونيكا لوينسكي، مما أدى إلى اتخاذ إجراء لاقالته بعد أن تبين أنه كذب حول علاقته معها. اليوم جاء دور دونالد ترامب ليكون محط الشبهات بأنه دفع لنجمة أفلام إباحية لقاء صمتها حول علاقتهما. وهذه القضية "ليست حتى الأكبر هذا الأسبوع"، بحسب آرون بليك أحد مراسلي صحيفة "واشنطن بوست".
ويجد المحللون السياسيون والمراقبون والمؤرخون أنفسهم في حيرة لتفسير لماذا لا يثير كشف مسألة كهذه سوى اهتمام محدود عندما يتعلق الأمر بترامب. إن ما لا شك فيه أن كلينتون كان رئيسا للبلاد عندما أقام العلاقة مع لوينسكي (22 عاما) المتدربة في البيت الأبيض وأن الأحداث كانت تقع في مكتبة منعزلة بالقرب من المكتب البيضاوي. في المقابل، ترامب كان مواطنا عاديا في العام 2006 عندما أقام علاقة جنسية مع الممثلة الإباحية ستورمي دانيالز. لكنه كان متزوجا ولم يكن قد مضى أربعة أشهر على ولادة ابنه.
يقول البروفسور المساعد في جامعة بوسطن توب بيركوفيتز: "ترامب حالة غير طبيعية. انظروا إلى غيره من السياسيين والمشاهير والصحافيين الذين قضت على مسيرتهم الاتهامات بسلوك أقل خطورة أو سوءا مما قام به ترامب".
وأوردت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأسبوع الماضي أن ترامب دفع لدانيالز 130 ألف دولار لقاء صمتها عن علاقتهما. إلا أن محامي ترامب ودانيالز (38 عاما) واسمها الحقيقي ستيفاني كليفورد نفوا حدوث أي علاقة بين الإثنين. لكن مجلة "إن تاتش" نشرت الأسبوع الماضي مقابلة تعود إلى عام 2011 مع دانيالز أسهبت فيها بالحديث عن العلاقة بما فيها الجانب الجنسي.
والمقابلة التي لم تُنشر من قبل، أجريت قبل توقيع دانيالز المفترض على اتفاق السرية في أكتوبر 2016. يقول جي تيري مادونا مدير معهد السياسات والعلاقات العامة لدى معهد "فرانكلين أند مارشال " إنه يستغرب بعض الشيء عدم الاكتراث بقضية دانيالز خصوصا وأنها انكشفت بينما حركة أنا أيضا ضد التحرش الجنسي تحصد تأييدا كبيرا. وتابع مادونا "لا يبدو أنها تحدث تأثيرا مع أنه كان هناك شعور بأنها ستحظى باهتمام كبير لكن يبدو أن الأمر على العكس مع وسائل الإعلام بينما نلاحظ نوعا من عدم الاكتراث من قبل الناخبين".
يقول مادونا ومحللون آخرون أن ذلك مرده جزئيا إلى كثرة الأحداث التي تتصدر العناوين من البيت الأبيض، مضيفا "لا أستطيع أن أفهم وأنا أعمل في هذا المجال منذ فترة طويلة ما إذا كان السبب أن هناك كل يوم مأساة وطنية من نوع أو من آخر".
ومضى يقول "أو (ربما) لأن الأمر حصل في العام 2006 عندما كان ترامب مواطنا عاديا والعلاقة الجنسية برضا الجانبين بحسب كل المعلومات".
في كل الأحوال، يرى مادونا أن الرئيس ليس لديه ما يخشاه، ويقول "صدقوني، الأمور مع ترامب يمكن أن تتغير بطرفة عين ولا أعتقد أن هذه المسالة يمكن أن تعرقل رئاسته في هذه المرحلة".
وتنسب مراسلة مجلة "نيويورك" أوليفيا نوزي عدم الاكتراث الظاهر لدى الرأي العام والصحف إلى ما يمكن تسميته ب"السأم من فضائح ترامب". وقالت نوزي في مقابلة مع برنامج "مصادر موثوقة" (ريلايبل سورسز) على شبكة "سي أن أن" أن ترامب "لديه العديد من الفضائح من هذا النوع حتى بات هناك شعور بالسأم لدينا جميعا".
يوافقها بيركوفيتز الرأي ويقول "ليست هناك معايير مختلفة في ما يتعلق بترامب، بل الأمر يتعلق بالطريقة التي يتعامل فيها ترامب مع الادعاءات فهو لا يتردد في التغريد بعفوية عن كل شيء".
ويتابع بيركوفيتز أن ذلك يذكره ببيل كلينتون، مضيفا "أن شعار كلينتون في تسعينات القرن الماضي كان عدم ترك أي اتهام دون الرد عليه (...) حتى لو أدى ذلك إلى الكذب أوأقلّه إلى تحريف الحقيقة بشكل كبير".