شهدت مدينة مراكش في المملكة المغربية إنعقاد أعمال المؤتمر الإقليمي "الإزدهار للجميع .. تعزيز الوظائف والنمو الشامل في العالم العربي" الذي نظمه صندوق النقد الدولي ما بين 29 و30 من شهر كانون ثاني الجاري، بمشاركة وفد رسمي فلسطيني ممثلا بعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير حنان عشراوي، ومحافظ سلطة النقد عزام الشوا، وسفير دولة فلسطين لدى المغرب جمال الشوبكي، اضافة إلى خبير الإقتصاد نصر عبد الكريم ورياديين شباب.
وهدف المؤتمر الذي استضاف مجموعة واسعة من المسؤولين الحكوميين وصناع السياسات والخبراء والشباب وممثلي منظمات المجتمع المدني من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إلى دراسة التحديات الإقتصادية أمام الدول العربية وسبل مواجهتها، وتبادل التجارب بين مسؤولين ومستثمرين من مختلف دول المنطقة إزاء كيفية خلق مزيد من الوظائف بالإستفادة من مصادر النمو الجديدة، و زيادة الفرص المتاحة للنساء والشباب وتشجيع ريادة الأعمال والإبتكار وتبني الشفافية وإستغلال التكنولوجيا، وذلك بهدف الخروج بتوصيات يعتمدها صندوق النقد الدولي مع الحكومات العربية لتنفيذها خلال الفترة القادمة.
وقال مدير قسم الشرق الأوسط في صندوق النقد الدولي جهاد أزعور" إن تصاعد التوترات الإجتماعية والمظاهرات الإحتجاجية في عدد من بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يظهر بوضوح أن الازدهار والإنصاف وضمان مستقبل أفضل، أمور لا تزال غير محققة بعد لسكان المنطقة، إن الإصلاحات تبقى جوهرية لمعالجة المشاكل الأساسية التي يعاني منها العديد من بلدان المنطقة منذ مدة، والمتمثلة في ضعف النمو الاقتصادي وإرتفاع البطالة وتفشي الرشوة".
وحول المشاركة الفلسطينية في المؤتمر، قال سفير فلسطين لدى المملكة المغربية جمال الشوبكي" إن مشاركتنا جاءت في سياق الشعور بالمسؤولية تجاه قضايا المنطقة العربية وما تعانيه شعوبها وتحديدا فئة الشباب نتيجة تردي الأوضاع الإقتصادية والإضطرابات السياسية والإجتماعية في العالم العربي، وهو ما يقتضي تفعيل الجهود المشتركة لحل أزمات المنطقة بأساليب تحاكي العصر وتتماهى مع التطور والرقي الإنساني والحضاري، وبالتالي الإستثمار في الشباب وفتح آفاق وفرص جديدة لهم وتبني التكنولوجيا كوسيلة للإنتاج والإبتكار، إلى جانب تحفيز الأفكار والمشاريع الريادية التي باتت أحد روافع الإقتصاد العالمي الحديث".
وأضاف الشوبكي" إن مشاركة فلسطين تأتي لاعتبارين أساسيين، الأول هو الأزمة المركبة التي يعيشها المجتمع الفلسطيني، فإلى جانب ضعف الإقتصاد وقلة فرص العمل والبطالة، وشح الإمكانيات والموارد والأزمات الإجتماعية والسياسية، يشكل الإحتلال الإسرائيلي عاملا إضافيا لتغذية الشعور بالإحباط لدى المجتمع وفئة الشباب تحديدا، خاصة في ظل السياسات التي يتبعها الإحتلال لإجهاض عجلة النمو والتطور وسيطرته على الموارد الطبيعية وتقييده لحرية الحركة والتجارة والتفاعل مع التكنولوجيا. أما الإعتبار الآخر، فهو القناعة التامة بالعمق العربي للقضية الفلسطينية ما يستدعي منا المساهمة في خلاص المنطقة من أزماتها ومشاكلها الإجتماعية والسياسية والإقتصادية كي ينعكس ذلك على الواقع الفلسطيني عبر توافر عوامل الدعم والإسناد من الأشقاء العرب".
يذكر أن صندوق النقد الدولي كان قد نشر تقريرا قبيل عقد المؤتمر حول الواقع الإقتصادي في المنطقة العربية أفاد أن نقص فرص العمل وعدم توفر خدمات عامة عالية الجودة وبتكلفة معقولة، يؤدي إلى تغذية مشاعر الإحباط الشديد، ما يؤكد أن هناك حاجة ماسة إلى زيادة النمو والوظائف في المنطقة، نظرا لأن أكثر من 60% من السكان دون سن الثلاثين، في الوقت الذي تشير فيه التقديرات إلى إنضمام حوالى 5,5 مليون شاب سنويا إلى سوق العمل خلال السنوات الخمس المقبلة.
وأشار التقرير إلى أن معدلات القوة العاملة في بلدان المنطقة العربية تعد من الأضعف عالميا، فنسبة البالغين الحاصلين على عمل لا تتعدى واحدا من إثنين، لاسيما في ظل ضعف مشاركة النساء في الحياة العامة.