من المقرر أن يقوم ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، غداً الأحد، بأول زيارة رسمية بعد توليه منصب ولي العهد، لجمهورية مصر العربية.
ولا توجد معلومات مؤكدة عن ارتباط الزيارة الرسمية الأولى لولي العهد السعودي، إلى القاهرة والتي ستستمر 3 أيام، بالحكم المتوقع صدوره، اليوم السبت، عن المحكمة الدستورية المصرية بإلغاء أحكام قضائية سابقة بمصرية جزيرتي تيران وصنافير، وبطلان التنازل عنهما إلى السعودية.
إلّا أن المباحثات، المقرر إجراؤها بين بن سلمان والرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، صباح غد الأحد، ستحتفي بالتأكيد بإسدال الستار على هذه القضية، واكتساب الاتفاقية، الموقعة بين الطرفين في نيسان 2016، شرعية دستورية وواقعية للمرة الأولى.
وتصدرالمحكمة الدستورية في القاهرة، اليوم السبت، حكمها النهائي في الدعوى المقامة من الحكومة لفض التنازع بين أحكام القضاء الإداري ومحكمة الأمور المستعجلة في قضية تيران وصنافير، وهي الأحكام التي كان تناقضها سببا في استصدار السيسي قرارا من رئيس المحكمة الدستورية لوقف تنفيذها جميعا بصفة مؤقتة الصيف الماضي، وإعطاء الحكومة الفرصة لإصدار الاتفاقية رسميا ونشرها في الجريدة الرسمية، وتطبيقها عمليا بتسليم الجزيرتين للسعودية، واقتسام المهام الأمنية والعسكرية في مضيق تيران مع السعودية.
ومن المرجح أن تصدر المحكمة حكما بعدم قبول الدعوى، وبالتالي استمرار الوضع على ما هو عليه، أو أن تصدر حكما بإلغاء جميع الأحكام المتناقضة، سواء من القضاء الإداري أو الأمور المستعجلة، على غرار القرار المؤقت الذي أصدره رئيس المحكمة الصيف الماضي، باعتبار أن المحكمتين خالفتا الدستور والقانون، الأولى بتصديها لاتفاقية دولية من أعمال السيادة دون أن يكون لها الحق في ذلك، والثانية بوقفها أحكام هيئة قضائية أخرى، وليس من الوارد إطلاقا أن تحكم المحكمة الدستورية بتأييد حكم القضاء الإداري وبطلان الاتفاقية، وذلك بالنظر إلى التقرير البحثي، الذي أودعته هيئة المفوضين في القضية، منذ عدة أشهر، والذي أكد أنه لم يعد من الملائم "المجادلة" في صحة أو خطأ الأحكام التي صدرت بشأن الاتفاقية قبل أن يتم إقرارها بصورة نهائية ونشرها في الجريدة الرسمية، في صورة قرار جمهوري له قوة القانون ومخاطبة المجتمع الدولي بها، لأن هذه الإجراءات تؤكد أن هناك واقعا قانونيا جديدا للاتفاقية، يتجاوز ما صدر من أحكام سابقة، وأن الطعن على الاتفاقية، بصورتها الحالية، له إجراءات أخرى، لم يتم اتباعها حتى الآن، وبعد ساعات من صدور الحكم، سيحل محمد بن سلمان ضيفا على السيسي في مستهل نشاط خارجي مكثف له هذا الشهر، ليزور، للمرة الأولى، كولي لعهد المملكة، القاهرة ثم لندن ثم واشنطن، وسيبحث الطرفان عدة ملفات مهمة، سيكون أبرزها مستقبل العلاقات السياسية والأمنية بين مصر والسعودية وإسرائيل، والدور الذي ستلعبه القاهرة كوسيط رسمي بين الطرفين إلى حين تغير الأوضاع الإقليمية وإقدام السلطات السعودية على إجراء تعاملات رسمية معلنة مع إسرائيل، وهو المتعارف عليه كجزء من الحراك السياسي المسمى "صفقة القرن"، على حد تعبير السيسي والرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وكانت مصر والسعودية قد حددتا، العام الماضي، إجراءات تقاسم المهام الأمنية في خليج العقبة، بموافقة ومراقبة إسرائيلية وأميركية ودولية، لكن لم يتم تفعيلها حتى الآن، بحسب مصدر حكومي مصري، أخذاً في الاعتبار أن هذه الإجراءات سيتم استخدامها لإدخال السعودية طرفا في العلاقات الأمنية والسياسية القائمة بين مصر والأردن وإسرائيل، في ظل تحركات أوسع بإعادة حركة "حماس" تموضعها الإقليمي وبحث مصير السلطة الفلسطينية الحالية وتجديد دمائها، وارتباطا بتبعات تسليم تيران وصنافير أيضا، ستتناول المباحثات، بحسب مصدر دبلوماسي مصري، تشكيل لجان مشتركة لبدء تنفيذ المشاريع التنموية، التي تعهدت السعودية بتنفيذها بالتزامن مع تنازل السيسي عن الجزيرتين، وأبرزها مشروع جسر الملك سلمان الرابط بين السعودية ومنطقة نبق في سيناء، والذي ما زالت تجرى المفاضلة بشأنه بين مشروعين، الأول ارتكاز الجسر على جزيرة تيران، والثاني أن يتم مد الجسر على أكثر من مرحلة بين منطقة رأس الشيخ حميد بالمملكة ثم جزيرة صنافير ثم جزيرة تيران ثم نبق. ويعتبر الجسر، الذي سيبنى بتمويل سعودي، جزءا من مشروع أوسع لإحياء الجزيرتين وتحويلهما إلى منتجعين سياحيين صالحين للاستثمار، ضمن مشروع "نيوم" الاستثماري السياحي الذي أعلن عنه محمد بن سلمان العام الماضي. كما أنه ستتم دراسة الخطة المستقبلية للمنح السعودية الموعودة، ومنها مبلغ 300 مليون دولار كدفعة ثانية من الاتفاق المبرم بين الحكومتين في نيسان 2016 لتنمية سيناء ورفع كفاءة القرى والتجمعات الحضرية بها. علما أن مصر تلقت العام الماضي 400 مليون دولار كدفعة أولى من هذه المنحة، ولم يتم استخدامها حتى الآن. هذا إلى جانب مشروع تطوير منطقة جبل الجلالة، المدعوم سعوديا، والذي تراجعت وتيرة العمل فيه، بصورة ملحوظة العام الماضي، لمصلحة الاهتمام المتصاعد بإنشاء العاصمة الإدارية الجديدة.
أما القضية الأكثر آنية والتي سيناقشها الطرفان، فهي الأزمة الخليجية ومستقبل العلاقات مع قطر، قبل أيام من مناقشات مطولة مرتقبة بين ترامب وبن سلمان حول الملف نفسه، بعدما وجه الأول الدعوة للرياض وأبوظبي والدوحة لبحث هذه القضية، باعتبارها تتعلق بـ"أمن واستقرار الخليج".